IMG 20200517 WA0022

ابن باب الشعرية…أغني رجل في مصر

أغنى رجل بمصر، والمتحكم الأول في الإقتصاد المصري في فترة سابقة، أحمد عبود باشا عاشق النادي الأهلي الذي كان يقطن حي باب الشعرية، وهو نموذج لواحدة من أهم قصص النجاح بمصر.
ولد بطلنا عام ١٨٨٩ بحي باب الشعرية العريق ، الذى ينتسب إلى قبيلة الشعرية المغربية، التى كانت من أهم قوات جيش القائد جوهر الصقلي، الذي فتح مصر وأنشأ بها مدينة القاهرة ذات الخمس أبواب، وجعل قبيلة الشعرية من تتولى حماية هذا الباب فسمي الباب على اسمهم ومن ثم الحي كله “حي باب الشعرية”.

أما بطل قصتنا فولد لأب فقير لديه حمام بلدي وكان من المفترض أن يساعد أبيه، ويصبح عامل فى حمام بلدي، لكن الأب والابن كان لهم رأى وطموح آخر، فأدخل الوالد ابنه المدرسة، وإجتهد الابن وبذل كل جهد ممكن حتى دخل كلية الهندسة، ولتفوقه الواضح حصل على بعثه بجامعة “غلاسكوا “فى إنجلترا وحصل منها على شهادة الهندسة الميكانيكية، وعند عودته إلى مصر تعين فى شركة السكك الحديدية للإشراف على خط فلسطين سوريا إبان الحرب العالميه الأولى.

إستقال بعد الحرب ليعمل بالمقاولات العمومية لإنشاء الطرق، وفى تلك الفترة تعرف على فتاة أحلامه الإنجليزية، و التى كان والدها أحد القواد فى الجيش الإنجليزى، وبالطبع استفاد من تلك الزيجة، فوسع دائرة علاقاته، لكن العلاقات ليست كل شىء بل شغف هذا الرجل وقوة إرادته هى ما مكنته من الصعود لقمة هرم الثروة والسياسة والرياضة أيضا.
كانت شركة”نيو كرافت”هي أول شركة يشتري أسهمها بالكامل، وكان نشاطها النقل بالسيارات، ثم شركة البواخر الخديوية، و التى كانت درة ممتلكات الإنجليز فى مصر بعد قناة السويس، لإمتلاك الشركة عدة موانئ وأرصفة ومخازن وأحواض بالإسكندرية والسويس وعدة بواخر وسفن.

عام ١٩٣٠ تقلد أحمد عبود باشا مرتبة البشاوية من الملك فؤاد الأول، ليصبح أحمد عبود باشا أحد أعمدة الإقتصاد المصري، وأحد من قاموا بتمصير الإقتصاد المصري الذى كان كله فى يد الأجانب، فكل الشركات فى مصر كانت أجنبية ملاك وإدارة، واستغل بطلنا الأحداث السياسية لمصلحته ومصلحة المصريين، فمع صعود نجم هتلر فى ألمانيا وصعود الحزب النازى للحكم ، خاف كل أصحاب رؤوس الأموال، وإنخفضت الأسهم فأسرع أحمد عبود باشا لشراء شركة السكر والتكرير من مالكها البلجيكى هنرى بوس، ثم ٦٠٠٠ آلاف فدان فى أرمنت كانت مملوكه للكونت الفرنسى دى فونتاس، وكان بهذا الزمام قصر الخديوى إسماعيل الذى بناه خصيصآ لإستقبال الإمبراطورة الفرنسية “اوجنى” عندما جاءت لإفتتاح قناة السويس، كما أنه استطاع الحصول على أغلب أسهم شركة الفنادق المصرية.

بلغ من القوة الإقتصاديه والنفوذ السياسي أنه عندما اختلف مع طلعت باشا حرب أبو الإقتصاد المصرى، وأرغمه على الإستقاله من رئاسة بنك مصر وإلا سحب أمواله من البنك، ولم يجد طلعت باشا مفر من الإستقالة والحفاظ على بنك مصر صرحآ عملاقآ لخدمة الإقتصاد المصرى، إستقال طلعت حرب فى ١٤ سبتمبر ١٩٣٩ وتم تعيين حافظ عفيفي باشا صديق أحمد عبود رئيس بنك مصر.

الأهلاوي الكبير:

أنشأ أحمد عبود باشا أول ناطحة سحاب فى مصر والشرق الأوسط، وهى عمارة “الأموبيليا” المكونة من عشرات الشقق الفاخرة، و التي كان من ضمن شروط السكن بها أن يكون الساكن أهلاوي، ولم يستثنى من هذا الشرط إلا المطرب الكبير الزملكاوي محمد عبد الوهاب، وكان أحمد عبود باشا يقول عن نفسه أنه إن أمسك التراب تحول لذهب.
تولى رئاسة النادى الأهلى من ١٩٤٧ حتى ١٩٦١، حصد خلالها الأهلى تسع بطولات للدورى من عام ١٩٤٧ حتى عام ١٩٥٤ وأنشئ حمام السباحة على نفقته.
وفى عام ١٩٦١ قامت حرب التأميم وكان هو تكبر ضحياها، حتى رئاسة النادى الأهلى لم يتركوها له وتمت إقالته، فلم يجد مفرا من النجاة بحياته بعد أن سلبوه كل شىء ،وهاجر إلى إنجلترا لكن ما لبث أن توفى تاركا قصة كفاحه تنير الطريق لكل مجتهد يبحث لنفسه عن موقع تحت الشمس.

كتب:أحمد عبدالواحد إبراهيم