في تاريخنا الذي يمتد لآلاف السنين قبل الميلاد وبعده مدن بُنيت وبقيت وأخرى ظهرت واندثرت، ومن المدن المندثرة ما تم اكتشافه وما لم يتم اكتشافه بعد مثل مدينة (إرم) ذات العماد التي لم يخلق مثلها في البلاد، لم يستطيعوا حتى الأن اكتشافها، وما ذاع عن وجود مدينة أسفل الماء ماهو هو إلا مجرد توقعات لا أكثر.
لكن في مقالنا هذا نقدم ثلاث مدن عربية من أكبر وأشهر وأعرق المدن المندثرة التي تم اكتشافها وأصبحت معروفة عالمياً ومصدراً جاذباً للسياحة في بلدانهم.
مدينة تدمر-سوريا:
تقع مدينة تدمر في حمص وتعني” المملكة التي لا تُقهر”.
لقد كان موقع مدينة تدمر الجغرافي عند نقطة تقاطع الطرق التجارية في العالم القديم جعلها ثرية وكبيرة وخاصة عندما أقام التدميريون مبان ومدن على طريق الحرير – طريق يمتد من الصين غرباً إلى اوروبا شرقاً- وذلك بمساعدة الامبراطورية الرومانية التي كانت تجمعها بهم علاقات تجارية قوية.
لقد كان أهل تدمر مزيج بين الأموريين، الآراميين والعرب، وكانت لغتهم التدميرية الآرمية لكن في معاملاتهم التجارية والسياسية فكانوا يتحدثون باليونانية، لقد كانت ديانتهم وثنية كالعرب، لكن معمارهم تأثر بالثقافة اليونانية الرومانية مع بعض اللفتات الفنية الشرقية.
وظل ازدهار تدمر تجارياً وسياسياً يزداد منذ حكمت الملكة زنوبيا التي ثارت على الحكم الروماني، وحاربتهم حتى استقلت بتدمر وأعلنتها مملكة مستقلة، لكن ثورتها جلبت الوبال على تدمر ولم يهدأ الإمبراطور الروماني أوريليان حتى حشد جيوشه وذهب رأساً إليها ودمر المدينة عام 273 م.
أعاد الامبراطور ديوكيلتيانوس بناء تدمر لكن ليس بنفس الروعة والجمال كما السابق، وبعدها اعتنق سكانها المسيحية في القرن الرابع الميلادي، ثم دخل الإسلام تدمر بعد ثلاث قرون من اعتناقهم المسيحية، وأدخل الإسلام معه اللغة العربية بدل من لغتهم الآرمية واليونانية.
في عام 2015 سيطرت داعش والنظام السوري على المنطقة وأصبحت مشتعلة بالحرب حتى استعادها الجيش السوري منهم بعد عامين ولم يتبقي من عظمة تدمر إلا بقايا زمن من الحروب والجمال.
مدينة البتراء – الأردن:
تسمى أيضاً بـ( المدينة الوردية) وذلك بسبب ألوان صخورها الملتوية، ومن أسمائها أيضاً (سلع) كانت البتراء عاصمة لمملكة الأنباط، تقع في محافظة معان جنوب الاردن على منحدرات جبل المذبح، لقد كان معمارها غاية في الروعة فهو منحوت في صخور الجبال.
وقد نالت البتراء مكانة عظيمة لوجودها على طريق الحرير مما جعل الانباط يستغلون هذا الموقع في قوة إدارة حركة التجارة بين دول مابين النهرين وفلسطين ومصر.
لم تكن البتراء معروفة خلال الحكم العثماني، ولكن المستشرق السويسري( يوهان لودفيغ بركهارت) أعاد اكتشافها في عام 1812.
وفي عام 1985 تم وضعها ضمن لائحة التراث العالمي لليونيسكو مثلما تم اختيارها إحدى عجائب الدنيا السبعة الجديدة عام 2007.
أصبحت البتراء الآن رمزاً لمملكة الأردن وواجهتها التاريخية وأكثر الأماكن جذباً للسياحة على مستوى المملكة، كما أنها أيضآ ً اكثر الوجهات التي يزورها زعماء العالم.
بابل – العراق:
هي مدينة عراقية كغنت في حكم الملك (حمورابي) حيث كان البابليون يحكمون كل أقاليم بلاد مابين النهرين وذلك من عام 1792ق.م حتى 1750 ق. م،
تقع بابل على نهر الفرات واشتهرت بحضارة عريقة ،لقد بلف عدد حكامها 11 حكموا لمدة ثلاث قرون وكانوا معروفين( بالسلالة الآمورية العمورية).
في حكم حمورابي لبابل ارتقت بالعلم والمعرفة والفنون وشهدت توسع كبير في تجارتها وذلك رجع للقانون الموحد الذي سَنّه الملك حمورابي وعاش به كل شعوب بابل، لقد دمرها الحيثيون عام 1595 ق. م ولكن من حكمها كان الكاشانيون عام 1517 ق. م.
عندما حكمها الملك الكلداني (نبوخذ نصر ) انتعشت بابل بين عامي 626 و 539 ق. م، حيث أقام الإمبراطورية البابلية وضمت بلاد من البحر المتوسط وحتى الخليج العربي، لكن في عام 539 ق. م استولى قورش الفارسي على بابل وقتل أخر ملوكها (بلشاصر).
اشتهرت بنايات بابل أنها من الطوب الأحمر والبنايات البرجية، وكان بها معبد ايزاجيلا للإله مردوك وباب عشتار، وأيضاً وجدوا بها شارع مزين بنقو لأسود وثيران وتنانين ملونة على القرميد الأزرق.
في يوليو عام 2019 أعادت اليونيسكو إدراج بابل في لائحة التراث العالمي بعد أن كانت قد أخرجتها منها في ثمانينيات القرن الماضي حيث تم التلاعب في الاثار الباقية من مدينة بابل وترميم اجزاء منها بشكل غير صحيح وغير علمي وايضاً لوحود مياة جوفية بها، تمت اعادتها بعد تأمينها جيداً وابعادها عن العسكر.
أخيرآ ً وليس آخراً فهذه المدن الثلاث وغيرها من المدن التي تم اكتشافها هي رموز لحضارات قوية وعريقة وضاربة في الارض كجذور الزرع، ومن المدن التي تم اكتشافها ايضاً : مدينة لبدة بليبيا وقرطاج بتونس وغيرهم الكثير.
كتبت: إيمان الخطيب