تخيل أن هناك أموال غير شرعية تتحول إلى ثروات قانونية بلمسة سحرية، ما هو غسيل الأموال الذي يخفي الأنشطة غير المشروعة وراء واجهات براقة؟اكتشف خفاياه وأساليبه في هذا المقال.
ما هو غسيل الأموال؟
يعرف غسيل الأموال بأنه تحويل أموال غير قانونية وغير مشروعة مثل: أموال الرشاوي أو التزوير، تجارة، مخدرات، تجارة أعضاء، أو أي نشاط غير شرعي)، إلى أموال مشروعة وقانونية تدخل إلى الهيكل المالي للدولة ويدفع عنها ضرائب، ولا شبهة على حاملها.

ما هو غسيل الأموال؟
اقرأ أيضًا: استثمار الأموال.. كيف تضمن مستقبلك المالي قبل فوات الأوان؟
أصل تسمية غسيل الأموال:
في عام 1920 أصدر الكونجرس الأمريكي قانون بتحريم وتجريم تجارة الكحول، ولأن شرب الخمور والكحوليات شيء مفروغ منه في الثقافة الأمريكية ولا غنى عنه ظل الطلب على الخمور والكحوليات كما هو، بل زاد الطلب عليها، لذلك نشطت عصابات الجريمة المنظمة في تجارة وتهريب وإنتاج الكحوليات، وعلى رأس تلك العصابة زعيم المافيا (شيكاغو آل كابوني)، الذي كان يكسب 100 مليون دولار من تهريب وتجارة الكحوليات التي تعادل اليوم ما يفوق خمسة مليار دولار شهري.
لهذا احتاج إلى وسيلة مشروعة ونشاط قانوني، يبرر به وجود تلك الأموال الضخمة التي لديه، وهنا جاءته فكرة شراء مجموعة من مغسلة الملابس لتكون واجهة مشروعة لأنشطته غير المشروعة، وعندما يسألوه عن مصدر أمواله يقول إنها من شركته لغسيل الملابس، ومن هنا جاء التعبير غسيل الأموال أي تحويل الأموال القذرة غير قانونية إلى أموال نظيفة قانونية، ولقد كان مشروعه يتم تداوله في العلن وأمام كل الناس وكل الجهات الحكومية.

أصل تسمية غسيل الأموال
ولعدم وجود قانون لغسيل الأموال في تلك الفترة فقد نجا آل (كابوني) طيلة خمسة عشر سنة من أية مسائلة قانونية، حتى أدين بالتهرب من الضرائب وتم سجنه، وفي عام 1986 ظهر في الولايات المتحدة الأمريكية قانون محاربة غسيل الأموال لتتبع كبار المجرمين الذين يظهرون أمام المجتمع كرجال أعمال كبار ومستثمريين عظماء، بينما الحقيقة إنهم مجرمون حصلوا على أموالهم بطرق غير شرعية كالرشاوي أو العمولات غير القانونية أو تجارة المخدرات أو الأعضاء أو السلاح أو الإرهاب.
مراحل غسيل الأموال:
لغسيل الأموال ثلاث مراحل:
- الأولى: الإيداع.
- الثانية: التمويه.
- الثالثة: الدمج.
أولًا الإيداع:
تلك أصعب مرحلة من مراحل غسيل الأموال؛ لأنها تكون أمام عيون الأجهزة الرقابية، وتتلخص في أن يقوم مَن لديه أموال غير شرعية بعمل عدة حسابات له ولعدد من رجاله ومساعديه والمتعاونين معه في أكثر من بنك، ووضع مبالغ صغيرة من المال في تلك الحسابات حتى لا تثير الشبهات.
ثانيًا التمويه:
بعد وضع كثير من الأموال في كثير من الحسابات لكثير من الناس، تبدأ مرحلة التمويه بنقل تلك الأموال لعدة حسابات أخرى في عدة بنوك خارج البلاد، وخاصة في بنوك سويسرا ودولة بنما وسنغافورة، وتلك الدول لا تدقق في مصادر الأموال.

طرق غسيل الأموال
ثالثًا الدمج:
في هذه المرحلة تعود الأموال إلى أصحابها الأصليين، بعد خصم بعض العمولات تحت مسمى مستثمرين أجانب يشاركون في مشروعات محلية تحت قيادة صاحب الأموال الأصلية.
وقد اشتركت الكثير من البنوك العالمية والمشهورة في عمليات غسيل الأموال، وهناك قضايا أثارت الجدل في بعض من وسائل الإعلام عن تلك القضايا.
اقرأ أيضًا: استثمار الأموال (الجزء الثاني).. كيف تبني ثروتك بذكاء؟
أشهر طرق غسيل الأموال:
يقوم تاجر المخدرات أو الآثار بالدخول في شركة معروفة لها عدة فروع معروفة، وعن طريق عدة عمليات محاسبية تكثر من المبيعات، وتزيد الأرباح، وتقوم الشركة بدفع الضرائب عن تلك الأرباح المبالغ فيها ويتم توزيع الأرباح على الشركاء، وهنا تعود الفلوس إلى صاحبها مرة أخرى نظيفة ناتجة عن أعمال مشروعة قانونية مسددة الضرائب.
ومن أشهر طرق غسيل الأموال أيضًا في بعض صالات الجاليري، يقوم صاحب الأموال غير الشرعية بشراء مكان محل مثلًا في حي راقي، ويقوم بشراء أنتيكات مستعملة دون فواتير، وبعد فترة يقيم مزاد على تلك الأنتيكات والتماثيل والملابس، ويقوم أصدقاؤه بشراء تلك المقتنيات بمبالغ كبيرة جدًا، وهنا تدخل النقود القذرة لتعود إلى صاحبها بعد أن باع تمثال مثلًا ثمنه 500 جنيه بمبلغ 50 ألف جنيه، ويذهب صاحب الجاليري، فيدفع الضرائب عن تلك الصفقة وتصبح الأموال شرعية.
ومع ظهور النت والعملات الافتراضية كالبيتكوين أصبح الأمر أسهل في تفسير مصادر أي أموال، وذلك بالادعاء إنك اشتريت بعض العملات البيتكوين بسعر 100 دولار وبعتها بـ 10000 دولار، وما زالت دول العالم تحاول السيطرة على تلك الأموال ومحاربتها لضررها البالغ على الناس والاقتصاد والعدالة.
في الختام، تتعدد أساليب غسيل الأموال وتتنوع طرق تمويهها، مما يجعل مكافحتها ضرورة ملحة لحماية استقرار الاقتصاد وعدالة المجتمع.
اقرأ أيضًا: الاستثمار الذكي.. كيف تضاعف أموالك في 10 سنوات؟
كتب: أحمد عبد الواحد إبراهيم.