لا شك أن الأمثال القديمة سواء أكانت شعبية متداولة بالعامية أو تاريخية قديمة متداولة بالفصحى لها أثر كبير في النفوس وتجذب الكثير من الناس الذين يحبون معرفة أصلها وقصتها، وسنتناول في هذا المقال بعض الأمثال القديمة التاريخية التي يتم تداولها بالفصحى والقصص المصاحبة لكل مثل منها.
الأمثال القديمة التاريخية:
1-عاد بخفي حنين:
كان هناك رجل في الحيرة اسمه حنين وكان يعمل إسكافيًا يعني صانع أحذية، في أحد الأيام جاءه رجل أعرابي يريد شراء خفين من عنده، وعندما عرض عليه حنين الخفين ظل يجادله في السعر ويحاول تقليل الثمن، حتى تعب حنين من كثرة الجدال وخرج الأعرابي دون أن يشتري شيئًا.
غضب حنين من الأعرابي وقرر الانتقام منه فأخذ الخفين وسبقه على الطريق ورمى أحد الخفين، ثم بعد بضعة أمتار رمى الخف الأخر واختبأ خلف شجرة، وصل الأعرابي للطريق ووجد أحد الخفين فقال: “هذا يشبه خف حنين، لو وجدت الأخر لأخذته” ومشي عدة أمتار فوجد الأخر قال: “يا ليتني أخذت الأول ليكون الاثنان معي” فنزل من على ناقته وعاد سيرًا على قدميه ليأخذ الخف الأخر، وهنا خرج حنين من وراء الشجرة وأحذ الناقة بما عليها، رجع الأعرابي فلم يجد الناقة وعندما وصل لبلدته سألوه بم رجعت لنا؟ قال: “رجعت بخفي حنين”.
وهذا المثل من الأمثال القديمة يقال للخائب الذي يفشل في تحقيق أو إنجاز شيء مما وجب عليه.
اقرأ أيضًا: الأمثال الشعبية.. قصص وحكايات أم مجرد كلمات؟
2-جنت على نفسها براقش:
يقال إن براقش كانت كلبة وقد أغار قوم على قومها فنبحت ونبهت قومها، فانتبهوا وانتقلوا إلى مغارة يختبئون فيها وعندما جاء اللصوص لم يجدوهم، ولكن عند انصراف اللصوص نبحت براقش، فعرف اللصوص مكان قومها وقتلوهم وقتلوها.
لهذا يقال جنت على نفسها أو جنت على أهلها براقش، وهذا المثل من الأمثال القديمة يقال لمن يؤذي نفسه أو أهله بحسن نية أو عن غير عمد.
3-نال جزاء سنمار:
سنمار هو مهندس روماني قام ببناء قصر كبير ليس له مثيل للملك النعمان، وبعد انتهائه من بناء القصر أخبر الملك أن هناك موضع حجر لو زال لسقط القصر كله وأنه هو الوحيد الذي يعرف مكانها، فما كان من الملك إلا أن أمر بإلقائه من أعلى القصر حتى لا يخبر أحدًا ولا يستطيع أن يبني قصرًا مثله لشخص آخر.
ويقال هذا المثل عند نصح المغرور المتباهي بعمل يعتقد أنه الوحيد القادر على فعله.
4-لا ناقة لي فيها ولا جمل:
قصة هذا المثل تعود إلى وقت حرب البسوس التي استمرت ما يقرب من أربعين عامًا، وكانت البسوس لذلك رمزًا للشؤم والنحس عند العرب قديمًا.
يقال أن هناك امرأة تسمى (البسوس) نزلت بناقتها ضيفة عند جساس بن مرة وكان من سادة قومه، وفي يوم ما دخلت ناقة البسوس في إبل كُليب بن وائل وهو سيد قومه فرماها بسهم فقتلها، ولما علم جساس بما حدث ثار لقتل ناقة امرأة نزلت في حماه؛ فقام بقتل كليب انتقامًا منه فثارت الحرب بين قوم كُليب وقوم جساس.
وكان من بين قوم جساس رجل حكيم وعاقل وماهر في الحرب يسمى الحارث بن عباد، ذهب إليه بعض قوم جساس يطلبون منه أن يساعدهم في الحرب، ولكنه رفض طلبهم حيث لم يرض أن يُقوم قومه بقتل كُليب وهو سيد قومه بسبب ناقة ، فقال: “لن أشارك في حرب لا ناقة لي فيها ولا جمل”.
فأصبح المثل يقال عند تبرئة شخص من تهمة لا شأن له فيها من قريب أو من بعيد.
مما سبق عزيزي القارئ نقول إن الأمثال القديمة العربية، كانت وستظل إرثًا غاليًا وتراثًا رائعًا نفخر به وبمعرفته جيلًا بعد جيل.
اقرأ أيضًا: الأمثال الشعبية.. تراث من عمر فات تتناقله الأجيال
كتبت: سحر علي.