كل شعب له حضارته الخاصة التي تعكس أصله ونشأته، مثل الحضارة الفرعونية التي نفتخر بها -كمصريين-، وكل حضارة تحتوي على تراث ثقافي يميزها، ومن بين هذه الحضارات، تبرز الحضارة العربية بإرثها الثقافي الغني في مختلف المجالات، بما في ذلك قصص جحا ونوادره التي تعكس الفكاهة والطرافة في الثقافة العربية.
جحا بين الحقيقة والخيال:
يعتبر شخصية من أهم شخصيات التراث العربي التي كانت موجودة في بعض العصور وبعض الأزمنة، ولكن هناك خلافًا حول شخصيتين ينسب إليهما شخصيته الحقيقية:
1-في الأدب العربي: يقال أن شخصيته تنسب لشخص كان في عصر الدولة الأموية وكان يسمى (أبو الغصن دجين الفزاري) من قبيلة فزارة في الكوفة، اختلف الكثيرون حول وصفه أو معرفة صفاته ما بين الحكمة والجنون والغباء والذكاء والطرفة من مواقفه التي مروا بها معهم، ولكن الجميع اتفقوا حول ندرة شخصيته وتفكيره المختلف كما نقول نحن هذه الأيام (خارج الصندوق).
2-في الأدب التركي: يقال أن شخصيته تنسب لشخص كان يعيش في اسطنبول يسمى (نصر الدين خوجة الرومي) وكان يعيش في عصر الحكم المغولي لبلاد الأناضول، وقد كان نصر الدين رجلًا فقيرًا وطريفًا يتعامل مع مشكلاته وأحداث يومه وجيرانه بطريقة كوميدية ساخرة، ولهذا حكوا عنه القصص والنوادر وألفوا حوله الكثير من الكتب التي كتبها كل أديب على حسب أسلوبه وطريقة تفكيره مضيفًا إليها ما يراه مناسبًا للحكاية، وتم تناقل هذه الكتب وانتشارها من جيل إلى آخر.
اقرأ أيضًا: الكارتون والأنمي.. تشابه في الفكرة و6 اختلافات
جحا العربي:
كما أوضحنا سابقًا يعود إلى أبو الغصن دجين الفزاري، وكان يعيش في القرن الأول الهجري ما يوافق القرن السابع الميلادي، ولقد ذكره الكثير من الأدباء العرب القدامى أمثال: عبد الله بن المبارك، وهشام بن عروة، والحافظ بن عساكر، في كتبهم ومؤلفاتهم وكانوا يصفونه بالطيبة ونقاء السريرة والفطنة والذكاء والسماحة، وكانوا لا يتناولونه بالسخرية أو الاستهزاء.
نواره مع حماره:
برغم كثرة نوادره مع الولاة والأمراء والجيران وفي السوق، إلا ان أطرف نوادره وأشهرها ارتبطت بحماره، وسنعرض على سبيل المزاح بعضًا منها:
ضياع الحمار:
يقال في يوم ما كان يمشي في السوق بمفرده وكان يشكر الله ويحمده فسأله أحد المارة: “أين حمارك؟” فرد: “ضاع” فقال له الرجل: “ولماذا تشكر الله وتحمده؟” قال: “الحمد لله أنني لم أكن راكبًا عليه عندما ضاع، وإلا كنت ضعت معه”.
الحمير تعرف بعضها:
يقال كان يسير في السوق ورآه رجل من بعيد، فلما اقترب منه قال الرجل له: “لم أعرفك إلا من حمارك” فرد عليه وقال: “نعم الحمير تعرف بعضها”.
تعليم الحمار:
يقال أن الوالي دعاه في يوم من الأيام فدخل عليه بالحمار، فقال الوالي: “لقد دعوتك أنت دون الحمار” فقال: “إن الحمار هو الذي أتى بي إليك” فقال الوالي: “أريد أن تصنع لي شيئًا” فقال له: “ما هو؟” فقال الوالي: “هل يمكنك تعليم الحمار القراءة والكتابة في عشر سنوات؟” فقال: “نعم بكل تأكيد” أعطاه الوالي مبلغًا من المال وصرف له راتبًا شهريًا كبيرًا، وعند مغادرته القصر تبعه أحد الحاضرين وقال له: “كيف توافق الوالي على هذا الطلب؟” فرد جحا: “أنها عشر سنوات إما أن يموت الوالي أو يموت جحا أو يموت الحمار”.
في ضوء ما سبق عزيزي القارئ وأيا كانت شخصية جحا عربيًا كان أو تركيًا، خيالًا كان أو حقيقة، فنحن بلا شك أمام شخصية فريدة نادرة عاقلًا حد الجنون وحكيمًا حد الحماقة وذكيًا حد الغباء، عميقًا حد الفلسفة وسطحيًا حد البساطة، وختامًا أنت حر عزيزي القارئ في حكمك عليه ورأيك فيه، أرجو أن يكون المقال طريفًا خفيفًا أضاف ابتسامة عليك كشخصية صاحبه.
اقرأ أيضًا: أول نكتة فى التاريخ
كتبت: سحر علي.