هز الكروش

من منا لا يشعر بضيق ذات اليد في أيامنا هذه؟ الكل يشكو غنيًا أو فقيرًا، لهيب الأسعار التي ما نجا منه أحد، الصباح سعر الظهيرة آخر والمساء سعر ثالث وهلم جرا، الكل يئن البعض أنينًا داخليًا والبعض يصرخ صراخ من لا حيلة له، أصوات تتعالى وأخرى تتوارى والبعض فقد الأمل والبعض يواسي والسمة الغالبة أننا جميعًا في الهم شرق.

في ظل تلك الحالة الضبابية الملبدة بغيوم البؤس والشكوى نرصد ظواهر عجيبة غريبة تعكس عشوائية المشهد اليومي الذي نعيشه والذي ندعو الله صباح مساء أن تنقشع غيومه وتعلو شمسه؛ فتبعث الأمل من جديد في نفوس أضناها التعب وأشقاها المرار عساها تجد من يحييها.

اقرأ أيضًا: المقنعون.. إليك 5 نصائح للتعامل معهم

الظاهرة الأولى التي تصدرت المشهد اجتماعيًا منذ زمن غير بعيد (انتش واجري) حيث رصدت عيون التواصل الاجتماعي الساهرة شخصًا يهذي بحركات غريبة وأصوات مريبة يردد العبارة السابقة (انتش واجري) وبين استحسان و استهجان إذا بوسائل الإعلام المسموعة والمرئية بل وأختهم المكتوبة، تنفض غبار الكتاب والمراسلين والمصورين ليشمروا عن سواعدهم ويبرزوا إنجازات معجزات فلتة عصره وأوانه صاحب العبارة المشهورة فيطل علينا بوجهه الكريم وسحنته وشحمه ولحمه ليروي للشباب كده وتعبه من أجل أن يصعد سلم المجد وينتش ويجري، وكم تصارعت داخلي مشاعر السخط والأسى الاجتماعي على حال شبابنا الذي يعمل ويدرس ويكد ثم يباغت بالنظرية الجديدة التي لا تعبأ بدراسة أو علم، النظرية التي شعارها النتش والجري.

هز الكروش
هز الكروش

ولا تكاد الأيام تمر على تلك الظاهرة حتى تطل علينا ظاهرة جديدة ألا وهي ظاهرة هز الكروش ونتش القروش وهي ذات صلة واضحة مع صاحب الظاهرة الأولى، فقد هبطت بسلامة الله طائرة تحمل شخصًا ذا مواهب عجيبة وقدرات غريبة تتلخص في أنه يتقن هز كرشه وتناول الطعام على موائد تمتد مد البصر يصاحب ذلك سيمفونية موسيقية تعزف لحنًا يناسب تمايل الكرش الهمام، وقد يزعم البعض زيفًا أن هذا الأمر فيه نفع كبير للسياحة والاقتصاد وما شابه ذلك من الكلمات الرنانة الجوفاء الجرداء، والعجب كل العجب أن أصحاب المطاعم يدعون صاحب الكرش المهزوز ليلتهم ما لذ وطاب ثم ينتش الأموال وكما سمعت أن الدفع هذه المرة بالعملة الصعبة والتي أصبحت في ظروفنا الحالية صعبة جدًا؛ ثم ينتقل من مائدة لأخرى ولا عزاء للفقراء والمساكين الذين يسيل لعابهم للأطعمة الممدودة ويلهج لسانهم بالدعاء بأن يرزقوا كرشًا مهزوزًا.

هذه الظواهر الاجتماعية تنذر بعاقبة وخيمة قد نعجز عن إصلاحها دهورًا لا تعد وسنين لا تحصى، وقتها لا ينفع ندم ولا يجدي نصحًا فأقولها بصوت مسموع لعلنا ننتفع بها؛ استقيموا يرحمكم الله.

اقرأ أيضًا: حوار الطرشان

كتب: هشام أحمد.