تم الإعلان منذ عدة أيام عن ظهور ممر تجاري واقتصادي جديد، حيث انعقدت في الهند قمة مجموعة العشرين لأقوى عشرين دولة اقتصادية لمناقشة أهم الأحداث الاقتصادية في العالم والمشكلات التي تحول دون التقدم والنمو الاقتصادي لمختلف دول العالم وبخاصة الصناعية الكبرى، ومن أبرز نتائج المؤتمر الاقتصادي كان الكشف عن الممر الجديد للتجارة العالمية.
سيكون هذا الممر شريانًا جديدًا للطاقة وللمنتجات الصناعية الرخيصة القادمة من الهند إلى أوروبا مرورًا بدولة الإمارات العربية، حيث تستقبل البضائع من موانيها إلى قطار مزمع إنشاؤه عبر سكة حديد طويلة تخترق المملكة العربية السعودية مرورًا بالأردن، وتكون النهاية في إسرائيل بميناء تل أبيب وحيفا، ثم تحمل تلك البضائع على ظهر السفن مرة أخرى لتسافر إلى الموانئ الأوروبية، هل هذا ممر تجارى جديد أم هو إعلان حرب اقتصادية على بعض دول العالم؟، هذا ما سنتعرف عليه هذا التقرير.
ممر تجاري وقمة اقتصادية:
لقد تركت قمة مجموعة العشرين مشاكل العالم وراءها، وأعلنت عن مشروع ضخم ومبتكر؛ لإنشاء ممر تجاري واقتصادي جديد، في ظل التغيرات المناخية الرهيبة التي تجتاح العالم وما تبعه من جفاف وحرائق للغابات والمحاصيل، وارتفاع أسعار المنتجات الزراعية، وارتفاع معدلات التضخم في جميع دول العالم، مما يؤثر على اقتصاديات الدول والأفراد ويزيد من معدلات الفقر والجوع في العالم.
رعاة الممر الاقتصادي الجديد:
وجدت الدول الصناعية الكبرى، خاصةً الولايات المتحدة الأمريكية وألمانيا وفرنسا، إلى جانب الدول الأوروبية والهند، أن العالم بحاجة إلى ممر تجاري واقتصادي جديد يزيد من سيطرتها على الاقتصاد العالمي ويعزل الدول التي وجدتها تنافسهم تقريبًا، أو في طريقهم لمنافستهم على السيطرة على الاقتصاد العالمي.
المستفيدين من الممر التجاري الجديد:
يحصر الممر الجديد المستفيدين من التجارة العالمية في الهند، ثم الإمارات العربية المتحدة، ثم المملكة العربية السعودية، ثم إسرائيل، ثم دول الاتحاد الأوروبي، وفي نهاية الممر الولايات المتحدة الأمريكية وحلفائها، وفي جنوب شرق آسيا مثل: اليابان وتايوان وكوريا الجنوبية وأستراليا.
وليذهب بقية العالم إلى الجحيم، تريد الولايات المتحدة وحلفاؤها عزل روسيا والصين وإيران ومصر وتركيا وبقية العالم عن الاقتصاد العالمي، إنهم يريدون أن يصبح الأغنياء أكثر ثراء، ولنستعيد كلمات إيلون ماسك الملياردير الشهير صاحب موقع تويتر الذي تحول إلى X، حيث قال: “يحتاج العالم فقط إلى ثلث سكانه ليعيش في أمان ورخاء وازدهار”، هذه الكلمات التي لم ينتبه إليها أحد في ذلك الوقت، أصبحت الآن توجهًا عالميًا من الدول الصناعية الغربية، لقد اختاروا من سيعيش وينمو ويصبح أكثر ثراء وازدهارًا أما بقية دول العالم النامي (دول العالم الثالث)، فيجب أن تظل في فقرها المالي والمعرفي والثقافي حتى تكون سوقًا لمنتجات الدول الغنية ومصدرًا أيضًا للمواد الخام الموجودة في باطن الأراضي.
اقرأ أيضًا: شركة بلاك روك.. قوة خفية تتحكم في الاقتصاد العالمي
الممر التجاري القديم والقوى الصاعدة:
من ناحية أخرى، هل تسمح الصين التي اخترعت أول ممر تجاري تنموي عالمي وأطلقت عليه اسم الحزام والطريق؛ ليصل المنتجات ووسائل النقل بين الصين وجميع دول العالم، وخاصة آسيا الوسطى وأفريقيا وأوروبا؟، وكان الطريق البرى هو طريق الحرير القديم حيث يعبر دول آسيا الوسطى، وصولًا إلى إيران، فالعراق، ثم سوريا، ثم الخليج، وهناك طريق آخر يمتد من إيران إلى تركيا ومن ثم إلى بقية الدول الأوروبية.
أما الحزام فهو طريق بحري يبدأ من أحد موانئ باكستان ويتجه إلى الإمارات، ثم يدخل أفريقيا من البحر الأحمر، ثم إلى مصر فقناة السويس ومنها إلى أوروبا، وفي كل مركز من هذه المراكز سيتم إنشاء مدن للتجارة وتبادل السلع والمنتجات، والتي سيكون معظمها بالطبع صينيًا، فهل تنسى الصين حلمها الذي ظلت تعمل من أجل تحقيقه بلا كلل طوال عشر سنوات وأنفقت عليه مئات المليارات من الدولارات؟، وهل ستبقى روسيا التي ترى الكراهية ومحاولات تدميرها من الدول الغربية كل يوم في أوكرانيا صامتة؟، وهل ستلتزم إيران وتركيا ومصر الصمت إزاء هذه المحاولات التي تريد عزلها عن التجارة والاقتصاد العالمي؟ هذا بالإضافة إلى باقي دول القارة الإفريقية.
أسئلة كثيرة وأهمها هل هذا الممر التجاري فاتحة خير اقتصادية أم إعلان حرب اقتصادية؟، هذا ما ستجيب عنه الأيام والأشهر المقبلة.
اقرأ أيضًا: مشروعك التجاري هو ابنك الصغير فهذة الخطوات تساعد على نموه
كتب: أحمد عبد الواحد إبراهيم.