في رحلة التربية، تتداخل اللحظات الجميلة بتحدياتها، وتظهر الأسئلة حول كيفية بناء جسر من التواصل والتفاهم مع أبنائنا، إن التربية ليست مجرد مسئولية، بل هي فرصة لبناء أسس قائمة على الحب والاحترام، في هذا السياق نقدم لكم مجموعة من نصائح في التربية، حيث ينمو الأطفال ويزدهرون في بيئة تربوية صحية.
نصائح في التربية:
تعتبر الأبوّة والأمومة من أهم وأصعب الوظائف، والتي لا يتقاعد منها الوالدان، ولا يمكنهما الاستقالة منها، مهما كان عمر الأبناء، والصعوبات التي يواجهها الوالدان معهم، وهذا يحتاج منهما لكثير من الصبر والمتابعة والإصرار، ولا سيما في المراحل الأولى لسنّ الأبناء، ولهذا قام المتخصصون التربويون بوضع 9 أسس أو نصائح في التربية تساعد الوالدين في تنشئة أبنائهم وهي:
1-لا للضغط الشديد على الأبناء:
يتعرض أبناء اليوم لكثير من الضغوط من الآباء والأمهات، سواء كانت ضغوطًا تعليمية أو دراسية أو اجتماعية، ولكن بالطبع لا يفعل الآباء ذلك عن سوء نية، بل بكل تأكيد يفعلونه لمصلحة أولادهم، خاصة وأننا في مجتمع تنافسي للغاية، ويتطلب من الأبناء بذل جهد أكبر لمواكبة هذا العصر.
ولهذا يجب على الأهل معرفة كيفية رسم الخطوط العريضة لأبنائهم، وأن تكون توقّعاتهم مناسبة لقدراتهم الفكرية والعقلية، لأن التوقّعات العالية تؤثر في صحة الطفل النفسية والعقلية والجسدية أيضًا، لذلك من المهم مساعدة الأبناء في تحقيق التوازن في حياتهم خاصة في الجانب الأكاديمي والترفيهي.
اقرأ أيضًا: التربية الإيجابية… إليك 4 خطوات لتطبيقها بشكل صحيح
2-احترام الطفل والتعامل معه ككائن فريد من نوعه:
يصعب على بعض الآباء والأمهات قبول فكرة أن طفلهم فرد مستقل وله وجوده وكيانه الخاص به، وأنه كائن فريد من نوعه، ولهذا يجب التعامل معه سيكولوجيًا بناءً على هذا المبدأ، ومع ضرورة معاملة الأطفال أحيانًا بالانضباط والتوجيه والحزم، يجب على الآباء أيضًا (احترام رأيه وكيانه المستقل)، وذلك يؤدي إلى تقوية العلاقة بين الأهل وأبنائهم.
3-تأثير الأهل في بناء شخصيات أطفالهم:
يجب على الأهل أن يعلموا دائمًا أنهم النموذج المثالي الذي ينظر إليه الأبناء، وبالتالي فإن معظم السلوكيات التي يقومون بها سوف تنتقل إلى الأبناء، ولذلك فإن ما يقدمه الأهل للطفل عندما يكون صغيرا، سوف يساهم في تكوين شخصيته في المستقبل، ولذلك عليهم هم في المقام الأول التخلص من عاداتهم السيئة.
فلا يمكن للطفل مثلًا تعلم الصدق في تعامله مع الآخرين وهو يرى أن والديه يكذبان، ولذلك يجب تعليم الطفل السلوكيات الجيدة في وقت مبكر وممارستها من الأهل، حتى تكون شخصية الطفل ناجحة وسوية في الحياة الاجتماعية والعملية في المستقبل.
اقرأ أيضًا: التربية السليمة للطفل في الـ 3 سنوات الأولى
4-التطوّر مع الأبناء:
يجب على الوالدين إدراك أنه في الأمس القريب، كان ابنهم طفلًا صغيرًا مدللًا يخطو خطواته بمساعدتهم، أمّا اليوم فقد أصبح الطفل مراهقًا ينتقدهما، ولم يعد يطيع كل ما يفرضانه عليه، وفي الوقت نفسه يتعجب الوالدان من سلوك ابنهما، ويسترجعان طفولتهما ومراهقتهما وكيف أنهما كانا مطيعين لأهلهما.
ولكن هذا خطأ كبير يقوم به الوالدان فالزمن يتغير وابنهما يكبر ويتطوّر، وعليهما أن يتعاملا معه حسب عمره وزمنه الحالي، مثلًا في الماضي القريب كان ابنهما يرافقهما في الزيارات العائلية، أما الآن فربما يرفض ويفضل الذهاب مع أصدقائه في نزهة شبابية، لهذا يجب على الآباء الأخذ في الاعتبار أن أطفالهم يتطوّرون باستمرار، ويجب أن يواكبوهم في هذا التطوّر النفسي والفكري والاجتماعي.
5-لا للنقاش أثناء الغضب:
ردود فعل الأهل الغاضبة تجاه فعل لا يرضيهم قام به ابنهم المراهق، غالبًا ما تنتهي إلى مناقشة حادة تزيد من المشكلة بينهم، ويحاول الابن التعبير عن غضبه ورفضه لكل ما يطلبه منه الأهل حتى وإن كان يصبّ في مصلحته، لذلك يجب على الأهل التحلي بالصبر وبرود الأعصاب، وعدم مناقشة ابنهم في لحظة الغضب ذاتها، بل عليهم الانتظار بعض الوقت إلى اليوم التالي مثلًا، ومناقشته بهدوء كي يحصلوا على هدفهم في إقناعه بالخطأ الذي ارتكبه.
6-الحوار ثم الحوار:
يجب على الأهل عدم التعامل مع أبنائهم، أطفال كانوا أم مراهقين، كما لو أنهم جنود يعيشون في معسكر، يطيعون الأوامر فقط دون أي اعتراض، فهذا الأسلوب خطأ تمامًا ويجعل الأبناء يعيشون حالة من الكبت النفسي والعاطفي.
وربما وفي كثير من الأحيان تجدهم ينفجرون فجأة في وجه آبائهم فيحدث شجار حاد بينهم، أو قد يؤدي ذلك إلى إخفاء الأبناء الكثير من الأخطاء ووقوعهم في مشكلات خوفًا من لوم الآباء، لذلك ينصح الاختصاصيون بأن يعتمد الأهل مع أبنائهم طريقة تعامل قائمة على الحوار الحقيقي البناء بعيدًا عن التنافر، وأن يتفهموا وجهة نظرهم، وهذا يشعرهم بوجودهم، وبحقهم في التعبير عن آرائهم ووجهات نظرهم.
اقرأ أيضًا: تربية الأبناء… وما هي أهم 8 قواعد للتربية؟
7-اتباع نهج مشترك في التربية:
يجب اتفاق الوالدين على قواعد وأسس موحدة في تربية أبنائهم، خصوصًا إذا كانت لهما وجهات نظر تربوية مختلفة، لذلك يجب على الوالدين التفاوض والاتفاق على قواعد محددة يفرضانها على أبنائهما، ومن هذه القواعد مثلًا: الأعمال المنزلية، مصروف الجيب، موعد النوم، ساعات الغياب خارج المنزل، ألخ…
ومن الضروري مشاركة الأبناء في وضع هذه القواعد المنزلية، وأن تكون مناسبة لعمرهم والمواقف المختلفة التي قد يواجهونها، مع مراعاة أن هذه القواعد يمكن أن تتغيّر مع تغير الزمن من جيل إلى آخر.
8-منح الأبناء بعض الحرية والاستقلالية:
يجب أن يتعلم الأبناء في وقت مبكر كيفية الاعتماد على الذات، لأن تقوية استقلالية الطفل في سنّ مبكرة مثلًا بالسماح له بتناول طعامه بيديه، أو ارتداء ملابسه بنفسه، كل ذلك يطوّر ذكاءه وشخصيته، وينعكس بشكل إيجابي على أدائه الدراسي، بينما نجد الطفل الذي اعتادت والدته القيام بكل هذه الأمور بدلًا منه، يهبط أداؤه الدراسي، وذلك لأنه ربما يتعامل مع العلم بالطريقة التي يتعامل بها مع الأدوات، لهذا يحتاج عادة إلى تدخل ومساعدة من الخارج.
والكثير من الآباء والأمهات أيضًا يقيدون تحركات أولادهم كثيرًا، وعلى الرغم من حسن نيتهم إلا أن تصرّفهم هذا يؤثر سلبًا في نضج الطفل، ويزعزع ثقته في نفسه بشدة، ويجب على الأهل أيضًا أن يتصفوا بالمرونة والصبر قدر المستطاع مع أبنائهم، ومنحهم بعض الحرية والاستقلالية في تدبر شئونهم ليستطيعوا بعد ذلك أن يكونوا قادرين على مواجهة الحياة وصعوباتها.
9-أهمية اللحظات المشتركة:
إيجاد الوقت الكافي وقضائه مع الأبناء مسألة في غاية الأهمية، فالطفل عندما يصبح شابًا سيظل يتذكر اللحظات الخاصة التي قضاها مع والديه، فهو لن ينسى مشاركة والده له في نشاط رياضي، أو ترفيهي مع بقية أفراد الأسرة.
في نهاية هذه الرحلة التربوية، لنجعل التفاهم والمحبة أساسًا لتربية أطفالنا، ليكن حوارنا مفتوحًا، ولنمنحهم الحرية مقرونة ببعض المسئولية، في هذا السياق لا تنسَ أن تكون قدوة إيجابية، واستثمر وقتك في لحظات مشتركة قيّمة، فالتربية تحتاج إلى صبر والتزام، وبهذه الطريقة نبني جيلًا متوازنًا يسهم في بناء مجتمع يزهو بالفهم والتعاون.
اقرأ أيضًا: 10 نصائح لتربية الأطفال.. دعوة لننشئ أطفالنا بالحب
كتبت: سحر علي.