دولة المماليك

لماذا نتحدث عن دولة المماليك؟، في هذه الأيام ونحن نشهد العدوان الإسرائيلي على إخواننا في فلسطين مشاهد القتل والإبادة الجماعية وقتل الأطفال والنساء والشيوخ، وتدمير المساجد والكنائس والمستشفيات والمنازل، ومركز الإيواء التابع للأمم المتحدة، قد يتسرب اليأس وقلة الفهم إلى نفوسنا، فنقول: “أليس لهذا الليل المظلم من نهاية؟”، وهنا يظهر الجواب من التاريخ والجواب هو دولة المماليك.

دولة المماليك المصرية:

في نهاية القرن الحادي عشر الميلادي، تعرض الشرق الإسلامي لهجمة همجية تفوق ما نعيشه الآن من وحشية ودمار وظلم، غربت شمس الدولة الفاطمية في مصر والشام والدولة العباسية في العراق وإيران غروبًا طويلًا على أيدي الحملات الأوروبية الهمجية التي أخفت أطماعها في ثروات المشرق والمسلمين تحت عباءة حرب دينية تسمى الحروب الصليبية.

دولة المماليك المصرية
دولة المماليك المصرية

ما أشبه الليلة البارحة!

عندما تختلف الكلمات، وتنقسم القلوب، وتتفرق الجهود والجيوش، ويخشى البعض المواجهة، فإن الأعداء تكون لديهم فرصة عظيمة لاحتلال الشرق في غمضة عين ونهب ثرواته.

ما أشبه الليلة البارحة!
ما أشبه الليلة البارحة!

هذا هو بالضبط ما حدث، وفي سنوات قليلة تمكن الصليبيون الأوروبيون من احتلال معظم أراضي الشام سوريا ولبنان وفلسطين والأردن، وأنشأوا عدة إمارات تابعة لدولهم الأوروبية، ومن بينها إنشاء إمارات قيصرية، الرها، عكا، أنطاكية، طرابلس، عسقلان، والقدس.

هذا بالإضافة إلى عدة حملات لغزو مصر قادها شخصيًا ملك فرنسا لويس التاسع على مصر قلب العروبة والإسلام كي يقضى على آخر أمل في مقاومة هؤلاء الغزاة.

اقرأ أيضًا: ذكرى وفاة السلطان سليمان القانوني.. أعظم سلاطين الدولة العثمانية

ميلاد دولة المماليك:

وفي ظلمة هذا الليل القاتم ظهر فجر جديد على مسرح الأحداث، دولة المماليك شمعة مضيئة هزمت جحافل الظلم والظلام الأوروبية والآسيوية، تحافظ على هيبه الإسلام والعروبة.

ميلاد دولة المماليك
ميلاد دولة المماليك

بعض جهود دولة المماليك:

البداية المشرفة لدولة المماليك بدأت مع معركة المنصورة، وهزيمة الجيوش الفرنسية الغازية، وأسر ملك فرنسا لويس التاسع في بيت ابن لقمان بالمنصورة، وتوالت الانتصارات وكانت الولادة الحقيقية للدولة المملوكية ووضع مصر في مكانها الحقيقي كسيدة الشرق ونصيرة الإسلام وقلعتها الحصينة في موقعة عين جالوت.

وكانت هذه الولادة في موقعة عين جالوت، عندما هزم جيش المماليك المصري جيوش المغول الهمجية التي قضت على الدولة العباسية في العراق، ودمرت مدينة الخلافة بغداد وقتلت ودمرت جميع سكانها ومبانيها، وألقت كل علومها وفنونها في نهر الفرات بواسطة مكتبة بغداد الكبرى.

بعض جهود دولة المماليك
بعض جهود دولة المماليك

وعندما ظن الجميع أن تلك الساعات هي الساعات الأخيرة للإسلام والمسلمين والشرق السعيد، جاء فرسان المماليك ليقولوا: “لا، ما هي إلا نكبة عابرة وداء عابر”، لقد أزالوا هذا السرطان الهمجي من جسد الأمة العربية الإسلامية بسيوفهم الحادة، وهزموا التتار وطردوهم من الشام وتعقبوهم حتى أسوار بغداد.

ثم ركز المماليك جهودهم على الاحتلال الصليبي الأكثر خطورة وأعظم ضررًا، وانتصروا عليه في معارك عدة وأعادوا الممالك والمدن العربية الإسلامية الواحدة تلو الأخرى إلى محيطها وسكانها العرب المسلمين، حتى عاد الشرق إلى سابق عهده واحة للسلم والإسلام ينعم فيه أصحاب الديانات الثلاث اليهودية والمسيحية والإسلام بحرية العبادة في ظل دولة قوية هي دولة المماليك المصرية، فإلى فجر جديد أيها القارئ الكريم.

اقرأ أيضًا: ماذا قدم السلطان عبد الحميد الثاني للقدس وفلسطين؟

كتب: أحمد عبد الواحد إبراهيم.