في مثل هذا اليوم، رحل عنا صوت عذب ارتبط به شهر رمضان المبارك، وذكريات جميلة لا تُنسى، إنه صوت الشيخ النقشبندي، شيخ المبتهلين وصاحب مدرسة الإنشاد المميزة، الذي يصادف اليوم مرور 48 عامًا على وفاته، فمن هو؟ وما قصته؟ وكيف أثر صوته على قلوب محبيه؟ تعال معنا عزيزي القارئ في رحلة سريعة نستكشف فيها حياة الشيخ النقشبندي، ونُحيي ذكراه العطرة.

من هو الشيخ النقشبندي؟

الشيخ النقشبندي هو قارئ قرآن، ومنشد ديني مصري، صاحب مدرسة معروفة ومتميزة في أداء الابتهالات، كما يعتبر أحد أشهر المنشدين والمبتهلين في تاريخ الإنشاد الديني، حيث يتمتع بصوت مميز قال عنه أغلب الموسيقيين والمتخصصين إنه أحد أقوى وأوسع الأصوات مساحة في تاريخ التسجيلات.

من هو الشيخ النقشبندي؟

من هو الشيخ النقشبندي؟

هذا الصوت الأخاذ والقوي والمتميز، كثيرًا ما هز مشاعر ووجدان المصريين، وكان يعتبر أحد أهم ملامح شهر رمضان المبارك، حيث ارتبطت به آذان الملايين وقلوبهم مع أذان المغرب خاصة خلال فترة الإفطار، حيث إنشاده لأحلى الابتهالات، التي كانت تخرج من قلبه قبل حنجرته؛ فتسمو معه مشاعر المسلمين وتخشع أرواحهم، لدرجة إنهم لقبوه بـ (كروان الإنشاد).

اقرأ أيضًا: ذكرى ميلاد الشيخ الحصري.. إليك رحلته مع القرآن التي امتدت لأكثر من 50 عاما

أصل تسمية النقشبندي:

كلمة (نقشبندي) مكونة من جزئين هما كلمة (نقش) وتعني بالفارسية الرسم أو النقش، وكلمة (بندي) وتعني في اللغة العربية القلب، وبهذا تعني كلمة نقشبندي أي نقش حب الله على القلب، والنقشبندي نسبة إلى جماعة من الصوفية يعرفون بالنقشبندية، وينسبون إلى الشيخ الصوفي بهاء الدين نقشبند المتوفي عام 791 هجريًا.

أصل تسمية النقشبندي

أصل تسمية النقشبندي

حياة الشيخ النقشبندي:

ولد الشيخ سيد النقشبندي في عام 1920م، في حارة الشقيقة بقرية دميرة في محافظة الدقهلية في مصر، ثم انتقلت أسرته بعد فترة إلى مدينة طهطا في جنوب الصعيد وهو في العاشرة من عمره، حفظ القرآن الكريم وهو في الثامنة من عمره على يد الشيخ أحمد خليل، وتعلم الإنشاد الديني في حلقات الذكر، جد الشيخ سيد هو الشيخ محمد بهاء الدين النقشبندي الذي جاء من بخارى بولاية أذربيجان إلى مصر للدراسة بالأزهر الشريف، ووالده هو أحد علماء الدين ومشايخ الطريقة النقشبندية الصوفية.

وفي عام 1955م، استقر سيد النقشبندي في مدينة طنطا وبدأ يشتهر في مصر والدول العربية، وكان يسافر إلى حلب وحماه ودمشق؛ لإحياء الليالي والمناسبات الدينية بها بدعوة من الرئيس السوري حافظ الأسد، كما زار السعودية ومعظم دول الخليج ودول افريقيا وآسيا، وفي عام 1966م، التقى الشيخ النقشبندي مصادفة بالإذاعي أحمد فراج في مسجد الحسين، فسجل معه بعض التسجيلات لبرنامجه (في رحاب الله)، كما سجل بعض الأدعية الدينية لبرنامج (دعاء)، الذي كان يذاع يوميًا عقب أذان المغرب، كما اشترك في حلقات البرنامج التلفزيوني (نور على نور)، بالإضافة إلى مجموعة من الابتهالات الدينية التي لحنها له محمود الشريف، وسيد مكاوي، وبليغ حمدي.

حياة الشيخ النقشبندي

حياة الشيخ النقشبندي

وفي برنامج (العلم والإيمان)، وصف الدكتور مصطفى محمود الشيخ سيد النقشبندي وقال: ” أنه مثل النور الفريد الذي لم يصل إليه أحد”، وفي وصف آخر لخبراء الأصوات الذين قالوا أن صوت الشيخ الجليل سيد النقشبندي من أعذب الأصوات التي قدمت الدعاء الديني، وأنه مكون من ثماني طبقات، وكان يقول الجواب وجواب الجواب، وصوته يصنف أنه ما بين الميزو سوبرانو والسوبرانو، وفي عام 1967م دخل الشيخ الإذاعة، حيث ترك إرثًا من الأناشيد والابتهالات، بالإضافة إلى بعض التلاوات القرآنية التي تطرب أسماع جمهوره ومحبيه.

قصة تعاونه مع بليغ حمدي:

تعاون الشيخ النقشبندي مع الملحن بليغ حمدي، وأثمر هذا التعاون عن 6 ابتهالات، قال عنها النقشبندي: “لو مكنتش سجلتهم، مكنش بقالي تاريخ بعد رحيلي”، ومن أشهر الابتهالات التي تعاونا فيها (مولاي إني ببابك)، بدأت حكاية هذا التعاون بواقعة طريفة في حفل خطبة ابنة الرئيس الراحل محمد أنور السادات، الذي كان يحب وجود الإنشاد الديني في الحفلات التي يحضرها، وكان النقشبندي ضيفًا في الحفل، وأثناء قيام الشيخ بتحية السادات، أشار السادات لبليغ حمدي، قائلًا: “افتحوا الإذاعة أنا عايز أسمع النقشبندي مع بليغ”.

قصة تعاونه مع بليغ حمدي

قصة تعاونه مع بليغ حمدي

وبعد أيام حضر النقشبندي لمبنى الإذاعة وكان مستاء بشدة وظل يردد: “على آخر الزمن يلحن لي بليغ”، ظنًا منه أن بليغ سيلحن له لحنًا راقصًا، لا يتناسب مع جلال الكلمات التي يقولها في الأدعية والابتهالات، ولكن وبعد نصف ساعة من جلوس الشيخ مع بليغ في الاستوديو، سمع الشيخ اللحن وأخذ يصفق قائلًا: “بليغ ده عفريت من الجن”.

وفاة الشيخ النقشبندي:

في يوم 14 فبراير عام 1976م، توفي الشيخ سيد النقشبندي إثر نوبة قلبية، وبعد وفاته كرمه الرئيس الراحل محمد أنور السادات بمنحه وسام الدولة من الدرجة الأولى، كما كرمه الرئيس المصري السابق محمد حسني مبارك في عام 1989م أثناء الاحتفال بليلة القدر، بمنحه وسام الجمهورية من الدرجة الأولى، كما كرمته محافظة الغربية التي عاش ودفن بها، وأطلقت اسمه على أكبر شوارع مدينة طنطا.

وختامًا عزيزي القارئ، بعد هذه الرحلة السريعة مع شيخ المنشدين وصاحب مدرسة الإنشاد المميزة الشيخ النقشبندي، الذي يصادف اليوم مرور 48 عامًا على وفاته، نهدي لروحه الغالية هذا المقال مع الدعاء له بالرحمة والمغفرة والثواب الكبير مع كل كلمة نرددها من أناشيده وابتهالاته المميزة في ذكر الله تعالى.

اقرأ أيضًا: صاحب الحنجرة الذهبية الشيخ مصطفى إسماعيل

كتبت: سحر علي.