تشكل وسائل التواصل الاجتماعي بمختلف معطياتها وأشكالها المتنوعة، تحدي بالغ الخطورة أمام الأكلات الشعبية التي تمثل جزءًا هامًا من التراث اللامادي للثقافات المختلفة، إذ أنها تتضمن تاريخًا وتراثًا غنيًا، وتعكس الهوية الثقافية والتقاليد وقيم المجتمعات.
كما تمثل المعارف والمهارات المرتبطة بالتقاليد الغذائية في المناسبات المختلفة حجر الزاوية في منظومة التراث الثقافي الشعبي المعبر عن القيم المؤسسة لثقافة المجتمعات، وبطبيعة الحال الطعام ليس فقط وسيلة للبقاء، لكنه عنصر أساسي في الحفاظ على الهوية الوطنية التي يجب التمسك بها، إلى جانب كونها تراثًا إنسانيًا يساعد في الحفاظ على التنوع الثقافي كما أنها تعبر عن الواقع الاقتصادي للمواطنين.
وفي هذا المقال سنتطرق سويًا إلى عدة أسئلة، وهي:
- ما طرائق الحفاظ على الأكلات الشعبية باعتبارها أحد أشكال التراث اللامادي؟
- هل من الممكن توظيف تقنيات الفضاء الإلكتروني في الحفاظ عليها باعتبارها تراثًا وهوية إنسانية؟
- ما حجم التهديد الذي تشكله مواقع التواصل الاجتماعي على الأكلات التقليدية الشعبية؟
- هل يمكن تحديث الأكلات التقليدية الشعبية لتوائم متغيرات السوشيال ميديا دون فقدان الهوية الثقافية؟
اقرأ أيضًا: سر نكهة الأكلات الفلسطينية.. مكونات وطرق تحضير أشهر الأطباق
ما حجم التهديد الذي تشكله مواقع التواصل الاجتماعي على الأكلات الشعبية؟
تواجه الأكلات التقليدية الشعبية صراعات قوية من أجل البقاء في مواجهة محتويات الفضاء الإلكتروني ووسائل التواصل الاجتماعي بصورها السهلة البراقة وتنوعها ما بين الفيديوهات والصور والمقالات البسيطة، والتي تلعب دورًا هامًا في نشر المعلومات وتبادل الثقافات، ومع ذلك، قد تواجه الأكلات التقليدية الشعبية بعض المشاكل عند التعامل مع وسائل التواصل الاجتماعي، مثل:
- تشويه الصورة الأصلية وتعديل بغرض جذب المزيد من الانتباه أو المشاركة؛ مما يفقد الأكلات التقليدية أصالتها.
- فقدان التواصل الشخصي والتجربة الحقيقية لتناول الأكلات التقليدية الشعبية، فعندما يتم تبادل الطعام والثقافة عبر الإنترنت فقط، يتم فقدان العنصر البشري المهم في التفاعل المباشر مع الأشخاص والمجتمعات المحلية.
- التوحيد حيث يكون من السهل على الأفراد تبني الأكلات العالمية الشهيرة وتجاهل الأكلات التقليدية الشعبية، وتراجع اهتمام الأجيال الشابة بتعلم وتجربة الأكلات التقليدية.
- تراجع اهتمام الأجيال الشابة بالأكلات المحلية، وتجاهل أو نسيان الممارسات التقليدية للطهي والتجهيز؛ مما يؤثر على استمرارية تراث الطعام المحلي.
ما طرائق الحفاظ على الأكلات الشعبية باعتبارها أحد أشكال التراث اللامادي؟
توجد الكثير من الطرائق والوسائل التي يمكن من خلالها الحفاظ على الأكلات التقليدية الشعبية باعتبارها مكونًا أساسيًا في التراث اللامادي منها:
1. التثقيف والتوعية:
يجب التركيز على التثقيف والتوعية حول الأكلات الشعبية وقيمتها الثقافية، يمكن توفير المعلومات الدقيقة عن المكونات والتقنيات التقليدية المستخدمة في الطبخ الشعبي، وتعزيز الوعي حول أهمية الحفاظ على هذا التراث الثقافي.
2. تشجيع التجارب الحقيقية:
ينبغي تشجيع الأشخاص على تجربة الأكلات الشعبية من خلال القيام بتناول الطعام في المطاعم المحلية أو المشاركة في فعاليات ومهرجانات الطعام التقليدية، وتعزيز التجارب الحقيقية والتفاعل المباشر مع المجتمعات المحلية.
3. التوثيق والحفاظ:
يجب التأكد من توثيق ونشر المعلومات الصحيحة والدقيقة حول الأكلات الشعبية على وسائل التواصل الاجتماعي، باستخدام الصور والفيديوهات والوصفات لتوثيق الأطباق التقليدية وإظهارها بطريقة تعكس أصالتها.
4. الدعاية والترويج للتنوع الثقافي:
يجب الدعاية والترويج للتنوع الثقافي من خلال وسائل التواصل الاجتماعي وتوفير المنصات للأشخاص لمشاركة ثقافاتهم الغذائية المحلية، يمكن تشجيع الناس على مشاركة وصفاتهم التقليدية وقصصهم الثقافية المرتبطة بالطعام.
5. دعم المطاعم المحلية:
يمكن دعم المطاعم المحلية التي تقدم الأكلات الشعبية من خلال الترويج لها على وسائل التواصل الاجتماعي وزيارتها بشكل منتظم، يمكن للمطاعم أن تكون حاملة رسالة للثقافة الغذائية المحلية وتعزيز الوعي حولها.
يمكن استخدام وسائل التواصل الاجتماعي بشكل فعال ومسئول، بهدف تعزيز الأكلات الشعبية والحفاظ على التراث اللامادي المرتبط بها، وخلق حالة من التوازن بين التكنولوجيا الحديثة والحفاظ على التقاليد الثقافية لضمان استمرارية وازدهار الأكلات الشعبية، باعتبارها مكونا هاما في التراث اللامادي، وأحد أشكال الهوية المجتمعية للشعوب.
اقرأ أيضًا: رمضان يجمعنا.. أشهر الأكلات الرمضانية في الدول العربية
كتب: محمد بلال.