كم من عبارات نسمعها دون أن نعرف سرها أو قائلها ومناسبة قولها، مثل عبارة جئتني بالتمر ولم تنزع منه النوى، التي دائمًا ما أثارت انتباهي وفضولي أيضًا، تعال معي عزيزي القارئ في السطور القليلة القادمة لنتعرف معًا على سر هذه العبارة، وقائلها ومناسبة قولها.
جئتني بالتمر ولم تنزع منه النوى:
كان الصحابيان الجليلان أبو بكر الصديق، وعمر بن الخطاب -رضي الله عنهما- يتنافسان في عمل الخير وصنع المعروف، وفي أحد الأيام شدَّ انتباه عمر بن الخطاب أن أبا بكر يخرج كل صباح إلى أطراف المدينة بعد صلاة الفجر، ويدخل بيتًا صغيرًا يمكث فيه لساعات ثم ينصرف عائدًا إلى بيته، وكان عمر يعرف كل الخير الذي يفعله أبو بكر الصديق، لكنه لا يعرف السر وراء هذا البيت.
اقرأ أيضًا: كذاب كذب الإبل.. رحلة إلى عالم الأمثال الشعبية وحكاياتها المثيرة
جئتني بالتمر ولم تنزع منه النوى
ومرت الأيام وما زال خليفة المؤمنين أبو بكر الصديق يزور هذا البيت، وما زال عمر لا يدري ماذا يفعل الصديق داخله، فقرر عمر في يوم ما أن يدخل البيت بعد خروج أبي بكر منه ليرى ما بداخله، وليعرف ماذا يفعل فيه الصديق كل يوم بعد صلاة الفجر، وبالفعل دخل عمر البيت، ووجد سيدة عجوز لا تقوى على الحركة وليس لها أحد وكانت عمياء العينين.
جئتني بالتمر ولم تنزع منه النوى
تعجب عمر بن الخطاب مما شاهد، وغلبه الفضول في أن يعرف ما سر علاقة أبي بكر بهذه العجوز العمياء، سأل عمر العجوز قائلًا: “ماذا يفعل هذا الرجل عندكم؟” (يقصد أبو بكر الصديق)، فأجابت العجوز وقالت: “والله أنا لا أعلم يا بُني، ولكن هذا الرجل يأتي كل صباح، ينظف لي البيت ويكنسه، ثم يُعد لي الطعام، وينصرف دون أن يُكلمني”.
بعد ذلك توفي أبو بكر الصديق، فقام عمر باستكمال رعاية المرأة العجوز الضريرة، ولكنها قالت له: “أمات صاحبك؟”، قال: “وما أدراكِ؟”، قالت: “جئتني بالتمر ولم تنزع منه النوى”، وهنا نزل عمر بن الخطاب على ركبتيه، وفاضت عيناه بالدموع وقال عبارته الشهيرة: “لقد أتعبت الخلفاء من بعدك يا أبا بكر” (رضي الله عنهما).
جئتني بالتمر ولم تنزع منه النوى
وختامًا عزيزي القارئ، تعرفنا على سر عبارة جئتني بالتمر ولم تنرع منه النوى، وعرفنا قائلها ومناسبة قولها، وأدركنا كيف تكون المنافسة على الطاعة وفي الخير لمرضاة الله -عز وجل-.
اقرأ أيضًا: يوم عسل ويوم بصل.. جولة في الأمثال الشعبية المرتبطة بالبصل
كتبت: سحر علي.
