طائفة البهرة، اسم تم تداوله كثيرًا خلال اليومين الماضيين، خاصة بعد إعادة ترميم مسجد السيدة زينب وافتتاحه بشكله الجديد، حيث قام السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي بافتتاح المسجد بحضور السلطان مفضل سيف الدين (سلطان طائفة البهرة بالهند)، فما هي طائفة البهرة؟ وكيف نشأت؟ وما ظروف نشأتها وأسبابها؟ كل هذه الأسئلة وغيرها وإجاباتها سنتعرف عليها معًا عزيزي القارئ في السطور القليلة القادمة.
ماذا تعرف عن طائفة البهرة؟
كلمة البهرة تعني التاجر، وترمز إلى إحدى أشهر الطوائف الإسلامية المنتمية للشيعة، التي قامت بالانتصار للإمام أحمد المستعلي الفاطمي، ضد أخيه نزار المصطفى لدين الله، وحدث ذلك بعد وفاة والدهما الخليفة المستنصر بالله الفاطمي في عام 1094م، وكان الخليفة قد اختار ابنه المستعلي ليكون واليًا، فقام الخلاف بين الأخوين، وانتهى لصالح الطائفة المستعلية التي هُزمت مع هزيمة الدولة الفاطمية على يد صلاح الدين الأيوبي، حيث قام بتأسيس الدولة الأيوبية، وهزيمة الفاطميين وطردهم من مصر في عام 1174م، بعد ذلك انطلق البهرة إلى العديد من دول العالم، مع العلم أنه يوجد بالطائفة أقلية سنية.
اقرأ أيضًا: طائفة الحشاشين (الجزء الاول).. جذورهم الإسماعيلية وتحدياتهم السياسية
أقسام البهرة:
ينقسم البهرة إلى عدة فرق مختلفة، منها:
البهرة الداوودية:
هي نسبة إلى داود برهان الدين بن قطب شاه، وهذه الفئة منتشرة في الهند وباكستان، كان قد تم نقل مركزهم في القرن العاشر الهجري من اليمن، سلطانهم الحالي هو السلطان مفضل سيف الدين، مركزهم الرئيسي في مدينة مومباي بالهند، لهم جماعات وأتباع في أكثر من 40 دولة حول العالم، من بينها اليمن ومصر والإمارات، وتقدر أعدادهم وفقًا لبحوث ميدانية مصرية بنحو 15 ألفًا.
انتقال طائفة البهرة إلى مصر:
هاجر البهرة الداوودية على مر القرون إلى جميع أنحاء العالم، بهدف تحقيق فرص أفضل في التجارة والتبادل التجاري، إضافة إلى كبر ونمو مستوطناتهم الصغيرة، وتحولها إلى جاليات كبيرة ذات طابع رسمي في عدة أماكن متفرقة حول العالم، وفي سبعينيات القرن الماضي، بدأ توافد البهرة إلى مصر، حيث أقاموا في البداية بمنطقة القاهرة الفاطمية.
وقاموا بترميم مسجد الحاكم بأمر الله في ذلك الوقت، بعد حصولهم على موافقة من الرئيس المصري الراحل محمد أنور السادات، وهذا المسجد كان يعتبر واحدًا من أقدم المساجد الجامعة الباقية بمصر، وثاني أكبر مساجد القاهرة اتساعًا بعد جامع أحمد بن طولون، وقد وافق الرئيس الراحل السادات، الذي تمت دعوته إلى افتتاحه وأداء الصلاة به، ومنذ ذلك الوقت صار ذلك نهجًا للرئاسة المصرية في المناسبات المختلفة.
اهتمامات البهرة:
تهتم طائفة البهرة بإحياء كل ما يتعلق بالفاطميين من القبور والمساجد وغيرها، ويدفعون أموالًا طائلة لترميمها، حيث ساهم سلطانهم مساهمات كبيرة ومميزة في ترميم وتجديد مقامات آل البيت في مصر، إلى جانب عدد من المساجد المصرية التاريخية، من أهمها أضرحة السيدة نفيسة، والسيدة زينب، وسيدنا الإمام الحسين، وأنشطة خيرية أخرى في مصر.
وقد كانت طائفة البهرة سببًا أساسيًا في إعادة إحياء مسجد الحاكم بأمر الله، بعد فترات طويلة من التردي والإهمال، كما كان لها أيضًا دور كبير في تجديد مبانٍ تراثية وأثرية من مقامات آل البيت، والمساجد المتعلقة بها مثل: مسجد الأقمر، ومسجد السيدة زينب، ومسجد السيدة رقية.
تقويم البهرة:
يستخدم البهرة تقويمًا قمريًا إسلاميًا بصيغة خاصة، وهو يختلف بعض الشيء عن التقويم الهجري المعتاد، وقد جرى تطويره منذ عهد الفاطميين، وهو يعتمد على حسابات فلكية خاصة لتحديد بدايات الأشهر، لذلك فهو ثابت ويختلف بفارق يوم أو يومين عن التاريخ الإسلامي المعتاد.
احتفالات البهرة:
يحتفل البهرة بعيدي الفطر والأضحى مثل المسلمين في كل مكان، ولديهم احتفالات أخرى مثل احتفالهم بالمولد النبوي الشريف، واحتفالهم بما يسمى (يوم غدير خم) وهو يوم ١٨ من شهر ذي الحجة، وكذلك إحياء ذكرى يوم عاشوراء في العاشر من محرم كل عام، ولهم عاداتهم وتقاليدهم الخاصة في هذه المناسبات.
من هو سلطان طائفة البهرة؟
السلطان مفضل سيف الدين، هو سلطان البهرة الحالي، والابن الثاني للدكتور محمد برهان الدين سلطان البهرة الراحل، ومن أدبيات الطائفة لا يتم إطلاق لقب سلطان عليه بل (الداعي)، لذلك فهو الداعي رقم 53 للطائفة، ويسميه أتباعه (الداعي أو مولانا).
وبحسب معتقدات طائفة البهرة وما تنص عليه كتبهم، فإنه لا يتولى زعامتهم سلطان جديد إلا بعد نص وتعيين من السلطان السابق، لذلك فإن الدكتور محمد برهان الدين سلطان البهرة الراحل قبل وفاته بسنتين، قام بتعيين نجله مفضل سيف الدين خلفًا له (وليًا للعهد) في عام 2011م، وذلك في مدينة مومباي أمام مئات الآلاف من أبناء الطائفة.
شهادات ومنح سلطان البهرة:
- قامت جامعة كراتشي الباكستانية في يوم 8 سبتمبر عام 2015 م بمنح مفضل سيف الدين شهادة الدكتوراه في الآداب؛ تقديرًا لجهوده الخيرية في العمل على تقوية الروابط الكريمة بين المسلمين.
- منحته الهند في يوم 23 سبتمبر عام 2015 م جائزة السلام العالمية؛ اعترافًا بما تم وصفه، بمساعيه القيمة وحرصه على تقدم الحريات الإنسانية، وتحقيق العدالة الاجتماعية، وجهوده في مشروع توزيع الغذاء وتأميه في جميع أنحاء العالم، أو ما يسمى بـ (فيض الموائد البرهانية)، وكذلك جهوده في تعزيز دور المرأة الاجتماعي والاقتصادي.
وختامًا عزيزي القارئ، تناولنا بعض المعلومات عن طائفة البهرة، ونشأتها، واهتماماتها، وأيضًا نظام الحكم والقيادة فيها، وارتباطها بترميم مساجد آل البيت -رضي الله عنهم-.
اقرأ أيضًا: رحلة طائفة الحشاشين (الجزء الثاني) في الشام.. قصة صراع ومؤامرات
كتبت: سحر علي.