ونحن على أعتاب شهر ذي الحجة المبارك (شهر الحج)، يجب الحديث عن بيت الله الحرام أو المسجد الحرام، الذي يحج إليه المسلمون، يعتبر أعظم مسجد في الإسلام وقبلة المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها، تاريخه عظيم وشهد الكثير والمثير من الأحداث منذ بنائه وحتى يومنا هذا، تعاقبت عليه عصور وخلافات كثيرة مثل الخلافة الراشدة والأموية والعباسية وغيرها.

كما شهد العديد من عمليات التوسعة والتطور خلال فترة تولي آل الملك عبد العزيز رحمه الله الحكم، وسنتناول كل ذلك بمشيئة الله في مقالات تالية مفصلة، ولكننا في هذا المقال عزيزي القارئ سنتناول معلومات عن بيت الله الحرام أو المسجد الحرام، من حيث تاريخ بنائه وكيفية بنائه وأهم الأحداث التي صاحبت ذلك.

بيت الله الحرام:

يقع المسجد الحرام في قلب مدينة مكة المكرمة غرب المملكة العربية السعودية، في وسطه توجد الكعبة المشرفة، وهي أول بيت وضع للناس على وجه الأرض لعبادة الله تبعًا للعقيدة الإسلامية، وتعتبر هذه هي أعظم وأقدس بقعة على وجه الأرض عند المسلمين.

بيت الله الحرام

بيت الله الحرام

والمسجد الحرام هو قبلة المسلمين التي يتجهون إليها في صلاتهم، وإليه يحجون ويعتمرون، سمي بالمسجد الحرام لحرمة القتال فيه، وذلك بعد دخول النبي محمد -صلى الله عليه وسلم- إلى مكة المكرمة فاتحًا منتصرًا، وله فضائل عظيمة أهمها أن الصلاة فيه تعادل مئة ألف صلاة فيما سواه، وأنه هو أول المساجد الثلاثة التي تشد إليها الرحال، فضلًا عن أنه أول بيت لعبادة الله في الأرض.

اقرأ أيضًا: حكاية مكان.. المسجد الأقصى أسرار وتاريخ

مرحلة بناء الكعبة:

يبدأ تاريخ المسجد الحرام ببناء الكعبة المشرفة، وقد قامت الملائكة ببنائها لأول مرة قبل خلق سيدنا آدم -عليه السلام-، وكانت من ياقوتة حمراء، ثم رفع الله ذلك البناء إلى السماء أيام الطوفان، ثم أوحى الله تعالى إلى نبيه إبراهيم وابنه إسماعيل -عليهما السلام- بإعادة بناء الكعبة، قام النبي إبراهيم مع ابنه إسماعيل عليهما السلام، بإعادة بناء الكعبة وعرفهما مكان البيت.

وقد قال تعالى في ذلك: “وَإِذْ بَوَّأْنَا لِإِبْرَاهِيمَ مَكَانَ الْبَيْتِ أَنْ لَا تُشْرِكْ بِي شَيْئًا وَطَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْقَائِمِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ”، ولقد أرسل الله جبريل -عليه السلام- إلى سيدنا إبراهيم -عليه السلام- بالحجر الأسود، ولم يكن أسود في أول الأمر، بل كان أبيض يتلألأ من شدة البياض، وذلك حسب قول الرسول -صلى الله عليه وسلم: “الحجر الأسود من الجنة، وكان أشد بياضًا من الثلج، حتى سودته خطايا أهل الشرك”.

مرحلة بناء الكعبة

مرحلة بناء الكعبة

وظلت الكعبة على حالها إلى أن قامت قريش بإعادة بنائها في الجاهلية، بعد عام الفيل بقرابة ثلاثين عامًا، حيث حدث حريق كبير بالكعبة عندما كانت هناك امرأة من قريش تقوم بتبخير الكعبة فاشتعلت النار وتهالك البناء، ثم نزل سيل على مكة حطم أجزاء الكعبة فأعادت قريش بناءها، وكان النبي محمد عليه الصلاة والسلام حينئذ يبلغ من العمر 35 عامًا، وشارك بنفسه الشريفة أعمامه في العمل.

وحدثت حادثة وضع الحجر الأسود الشهيرة، حيث اختصمت قريش فيما بينها حتى كادت الحرب أن تقع، ثم اتفقوا على أن يحكم بينهم أول رجل يخرج عليهم، فكان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أول من خرج فقضى بينهم بأن يجعلوا الحجر الأسود في رداء، ثم يرفعه زعماء القبائل فرفعوه، ثم ارتقى محمد عليه الصلاة والسلام فوضعه مكانه بيديه الشريفتين، وتجدر الإشارة هنا إلى أن (قصي بن كلاب) وهو من أجداد الرسول عليه الصلاة والسلام، أول من سَقْف الكعبة، حيث قام بسقفها بخشب الدوم وجريد النخيل.

اقرأ أيضًا: تراث متجدد.. مسجد المرسي أبو العباس يروي تاريخه

فضائل المسجد الحرام:

للمسجد الحرام فضائل متعددة، تم ذكرها في القرآن الكريم، وفي أحاديث الرسول -صلى الله عليه وسلم-، منها:

  • أنه أول بيت وضع للناس.
  • أنه مقصد المسلمين في الحج، وهو الركن الأعظم من أركان الإسلام.
  • أن الكعبة المشرفة هي قبلة المسلمين التي يتجهون إليها في صلاتهم.
  • أول مسجد وضع لعبادة الله في الأرض.
  • المسجد الحرام أول المساجد الثلاثة التي تشد إليها الرحال، فعن أبي سعيد الخدري، عن النبي محمد أنه قال: “لا تُشَدُّ الرحالُ إلا إلى ثلاثةِ مساجدَ: مسجدِ الحرام، ومسجدِ الأقصَى، ومسجدي هذا”.
فضائل المسجد الحرام

فضائل المسجد الحرام

  • الصلاة في المسجد الحرام تعادل مئة ألف صلاة فيما سواه، فعن جابر بن عبد الله، عن النبي محمد أنه قال: “صلاةٌ في المسجدِ الحرامِ مئةُ ألفِ صلاةٍ، وصلاةٌ في مسجدِي ألفُ صلاةٍ، وفي بيتِ المقدسِ خمسمئةِ صلاةٍ”.
  • هو أمان لكل خائف، ومن دخله كان آمنًا، ففي القرآن الكريم قال تعالى: “أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنَا حَرَمًا آمِنًا وَيُتَخَطَّف النَّاس مِنْ حَوْلهمْ”.
  • إن من قصد البيت الحرام حاجًا أو معتمرًا؛ رجع طاهرًا من الذنوب والخطايا كيوم ولدته أمه.
  • لا يدخله المسيخ الدجال فى آخر الزمان، فهو محمي من قبل الملائكة، فعن أنس بن مالك، عن النبي محمد -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: “ليس من بلد إلا سيطؤه الدجال إلا مكة والمدينة ليس له من نقابها نقب إلا عليه الملائكة صافين يحرسونها”.
  • حماه الله تعالى من هجوم جيش أصحاب الفيل بقيادة أبرهة الحبشي.

اقرأ أيضًا: تراث يحكي قصة.. مسجد أحمد بن طولون وجمال العمارة الإسلامية

أهم حوادث المسجد الحرام:

شهد المسجد الحرام عدة حوادث تاريخية، أهمها:

  • في يوم 20 نوفمبر عام 1979م، اقتحم الحرم المكي 200 مسلح، مدعين ظهور المهدي المنتظر، وذلك في عهد الملك خالد بن عبد العزيز، وتم حصار المقتحمين لمدة أسبوعين، وفي يوم 4 ديسمبر عام 1979م، تم الهجوم على المسلحين، واستطاعت القوات السعودية استعادة الموقع، وتحرير الرهائن في معركة نتج عنها نحو 28 قتيلًا من الإرهابيين، وقرابة 17 جريحًا من قوات الأمن والمصلين.
  • في يوم 10 يوليو عام 1989م، حدث اعتداء مزدوج على مشارف المسجد الحرام، حيث حدث انفجاران، أولهما كان في أحد الطرق المؤدية للحرم المكي، والآخر كان فوق الجسر المجاور للحرم المكي، وأسفر الحادث عن مقتل شخص واحد و16 جريحًا.
أهم حوادث المسجد الحرام

أهم حوادث المسجد الحرام

  • في يوم 11 سبتمبر عام 2015م، حادثة سقوط الرافعة، حيث سقطت آلة رافعة في الحرم المكي، وكانت تعمل بمشروع توسعة المسجد الحرام، بسبب سوء الأحوال الجوية، حيث كانت المنطقة معرضة لعواصف رملية ورياح وأمطار شديدة، وتزامنت هذه الحادثة للأسف مع بداية موسم الحج في مكة المكرمة، ووجود عدد كبير من المعتمرين والزوار، مما نتج عنه 108 شهيدًا وحوالي 238 جريحًا حسب تقرير الدفاع المدني السعودي في ذلك الوقت.

وختامًا عزيزي القارئ، تناولنا بعض المعلومات حول بيت الله الحرام أو المسجد الحرام، منذ بنائه وتاريخه وفضائله للمسلمين وأهم الحوادث التي شهدها، حفظ الله بيته الحرام وزاده تشريفًا وإجلالًا وتعظيمًا.

اقرأ أيضًا: مسجد السلطان الظاهر بيبرس وحكاية صاحبه

كتبت: سحر علي.