مؤنسات الحرم المكي

عندما ينتقل الحجاج إلى جبل عرفات في يوم عرفة، تتحول ساحات الحرم المكي إلى واحة هادئة تنبض بحضور مجموعة مميزة، مؤنسات الحرم المكي، نساء مكة اللواتي يبقين ليحافظن على روحانية المكان وجمال تقاليده، من هن هؤلاء النساء؟ وما هي الشعائر الخاصة التي يقمن بها؟ انضم إلينا في هذا المقال لاكتشاف أسرارهن وقصصهن التي تجعل من الحرم المكي مكانًا فريدًا حتى في أوقات خلوه من الزوار.

مؤنسات الحرم المكي:

تتجه الأنظار خلال الأيام القادمة، نحو مكة وساحات الحرم الشريف، التي تمتلئ بالحجاج، قبل انتقالهم للوقوف على جبل عرفات في يوم عرفة المبارك، محملين بالكثير من الدعوات راجين الإجابة والقبول من الله تعالى، ومع انتقال الحجاج إلى عرفات، يكاد يخلو الحرم المكي تمامًا من مريديه وزائريه، لولا مؤنسات الحرم المكي، وهن مجموعة من نساء مكة اللاتي لم يذهبن للحج.

مؤنسات الحرم المكي
مؤنسات الحرم المكي

ولا يرضين أن يخلو الحرم من مريديه وزائريه، فيخرجن إليه برفقة أطفالهن، ومعهن أيضًا بعض الرجال الذين يحرصون على البقاء في مكة بلد رسول الله، وخلفًا لإخوانهم الذين يذهبون لأداء فريضة الحج، أو يذهبون قاصدي خدمة حجاج الله في يوم عرفة، وتقوم مؤنسات الحرم بالذهاب والتوجه نحو الكعبة فجر يوم عرفة أو قبيل المغرب، ويقمن بتناول طعام الإفطار والدعاء والابتهال، وينتهزن فرصة خلو الحرم المكي من الزحام، ليستطعن ملامسة جدار الكعبة المشرفة.

اقرأ أيضًا: الأضحية المثالية.. هل تعرف الشروط الخفية لضمان القبول؟

أعمال مؤنسات الحرم المكي:

تقوم سيدات مكة الكبيرات في السن بالانضمام إلى قائمة مؤنسات الحرم المكي، ويحرصن على ذلك لاستعادة ذكريات جداتهن السابقات في مثل هذه الأيام، حيث تحرص نساء مكة على هذه العادة منذ سنوات طويلة، تقوم مؤنسات الحرم المكي بحمل سلال القهوة، والمعمول (نوع من الكعك بالتمر) وهي عادة مكية قديمة، ويتوجهن إلى الحرم المكي للمشاركة في فعاليات يوم الخليف (يوم عرفة)، حيث يستمتع الأطفال بممارسة نشاطات مختلفة، ويتعلمن دروسًا دينية حول هذا اليوم وفضله ومكانته.

أعمال مؤنسات الحرم المكي
أعمال مؤنسات الحرم المكي

خلو مكة:

في عشية ليلة عيد الأضحى، يلاحظ زوار مكة خلو شوارعها، بالإضافة إلى خلو ساحات الحرم المكي من الحجاج، واغتنامًا لهذه الفرصة يقوم المسئولون بتبديل كسوة الكعبة في هذا اليوم، خاصة مع تواجد الحجاج في عرفات، ثم مزدلفة، حتى يصلوا إلى منى؛ لاستكمال شعائر الحج، وتعتبر هذه فرصة عظيمة تحرص عليها مؤنسات الحرم المكي، لحضور هذه المراسم ومشاهدتها بأعينهن خاصة مع قلة الزحام، الذي يعطيهن الفرصة لممارسة شعائرهن الدينية بهدوء وراحة.

خلو مكة
خلو مكة

عادة الخليف والقيس:

كانت نساء مكة ولا يزلن يمارسن عادات حجازية قديمة توارثتها الأجيال جيلًا بعد جيل مثل عادات الخليف والقيس، وهي تعني الذهاب للحرم المكي في يوم عرفة، ومشاركة الاحتفالات بالعيد في الشوارع والبيوت، مع مراعاة اختلاف طرق الاحتفال بين الماضي والحاضر حسب كل زمن، وعادة القيس هي عادة قديمة تدور حول التقاء النساء معًا يوم الخليف (يوم عرفة)، وتستمر خلال الأيام التي تخلو فيها مكة من حجاجها، حيث تقوم النساء بارتداء ملابس رجال عائلتهن، وحراسة المنازل والشوارع وغناء الأناشيد التراثية.

عادة الخليف والقيس
عادة الخليف والقيس

الجدير بالذكر أن مؤنسات الحرم المكي بدأن بخطف الأنظار خلال الأعوام القليلة الماضية؛ ليسلط الإعلام الضوء على هذه العادة القديمة والجميلة التي تقوم بها نساء مكة، مع بعض نساء مدينة جدة في كل عام.

وختامًا، تظل مؤنسات الحرم المكي رمزًا للتراث الحجازي العريق والتفاني الروحي، بحضورهن في أوقات خلو الحرم المكي، يحافظن على جمال وروحانية هذا المكان المقدس، مما يضفي عليه سحرًا خاصًا لا يتكرر إلا بوجودهن، إنهن يجسدن القيم الإسلامية العريقة ويقدمن نموذجًا فريدًا للولاء والارتباط بالحرم المكي وتقاليده الراسخة.

اقرأ أيضًا: العشر من ذي الحجة.. دليلك لأفضل الأعمال المستحبة فيها

كتبت: سحر علي.