جميعنا نشترك في البدايات البسيطة والمستوى المتواضع، لكن عزيمة ومثابرة كل منا هي ما تحدد مكانه في نهاية الطريق، وصديقنا اليوم بدأ من تحت الصفر، ففي عام 1913 ولد كيمونز ويلسون في ولاية أركنساس بالولايات المتحدة الأمريكية، وكان والده يعمل موظفًا في شركة تأمينات، لكن الحياة وأقدارها كانت قاسية على الرضيع ويلسون من البداية، فبعد ولادته بتسعة أشهر فقط توفي والده العائل الوحيد للأسرة.
ولم تجد الأم سبيلًا للحياة إلا بترك مسقط رأسها والذهاب إلى مدينة ممفيس، حيث عملت في عيادة لطبيب أسنان، وكانت تحصل من تلك الوظيفة على ما يكاد يسد رمقها هي وطفلها، وشب الطفل ويلسون وعمل في بيع وتوزيع الصحف والجرائد بجوار ذهابه لإحدى المدارس الابتدائية.
بداية رحلة نجاح كيمونز ويلسون:
في سن الرابعة عشر من عمر كيمونز ويلسون، وأثناء عمله بتوزيع الجرائد وقيادته دراجته الهوائية تدهسه عربة مسرعة كادت تؤدي بحياته، ونقل على أثر هذا الحادث إلى المستشفى التي ظل بها لمدة عام كامل، أجريت له خلالها عدة عمليات جراحية حتى استطاع أن يقف على قدميه مرة أخرى ويمضي في طريق الحياة، وفي عام 1930 كان الكساد العظيم يخيم على الاقتصاد الأمريكي والبطالة تضرب كل قطاعات الحياة الأمريكية، وفقدت أم ويلسون وظيفتها كممرضة، وأصبح ويلسون هو العائل الوحيد لأسرته الصغيرة، لكن عقل ويلسون لم يكن يتوقف فقد ضم خدمة توصيل البقالة إلى عمله، لكنه كان دائم التفكير في عمل خاص ومستقر يغنيه ووالدته.
وبعد تفكير لاحظ ويلسون تدافع وتهافت المواطنين الأمريكان على هذا الاختراع الجديد، ألا وهو دور السينما وشعر أن هؤلاء الناس يحتاجون شيئًا يزيد من بهجتهم واستمتاعهم بما يشاهدونه، فقام باقتراض خمسين دولارا من أحد أصدقائه، وقام بتصميم وبناء عربة للفيشار وضعها أمام إحدى دور السينما في مدينة ممفيس، ونجحت الفكرة وأصبحت عربة الفيشار تدر عليه أموالا كثيرة مكنته من تسديد قرض صديقه، وتمنحه بعض الاستقرار المادي، وعرفت السعادة طريقها لتلك الأسرة الصغيرة، وكرر ويلسون التجربة وأنشأ العربة الثانية ثم الثالثة، وعرفت الأرباح والأموال طريقها إلى جيب ويلسون ووالدته.
اقرأ أيضًا: شريف المغربي.. إمبراطور البرتقال المصري وإسهامه في صناعة وتصدير الحمضيات
كيمونز ويلسون يبتكر خدمات فندقية جديدة:
في عام 1951 كان ويلسون في طريقه للاستمتاع بعطلته الصيفية هو وعائلته الكبيرة، بعد أن تزوج وأنجب أطفالا، تعرف ويلسون في إحدى فنادق واشنطن على حياة الفنادق، وكيف إنها في هذا الوقت كانت تفتقد المعايير الواضحة للأداء أو الخدمة، وإن أغلب الفنادق كانت مخصصة للأغنياء وباهظة الثمن، بينما البعض فقط مخصص لفئة الفقراء دون أية خدمات، فجاءت له فكرة إنشاء سلسلة فنادق للطبقة الوسطى تتمتع بخدمات ممتازة، لكن بأسعار مناسبة ويكون لديها وسائل ترفيهية للأطفال، وهذا ما لاحظ افتقاده في أغلب الفنادق التي زارها سواء للأغنياء أو الفقراء.
كيمونز ويلسون يؤسس هوليداي إن:
في عام 1952 قام ويلسون بافتتاح أول فنادقه في مدينة ممفيس، واسماه هوليداي إن وهي شخصية كانت منتشرة في تلك الأيام في إحدى المسلسلات التلفزيونية، وجعل إقامة الأطفال في هذا الفندق مجانية، ووفر لهم حديقة مزودة ببعض الألعاب، ومع تطبيق عدة تحسينات تعد ثورية في هذا الوقت، كاستخدام الكمبيوتر والحجز من أي مدينة، ومعايير الخدمة والنظافة جعلت رجل الأعمال والاس جونسون يعرض على ويلسون المشاركة وتوسيع أعمالهم وتكرار تجربته الناجحة، وبالفعل تم إنشاء ثلاثة فنادق أخرى لهوليداي إن في مدينة ممفيس بعد عامين فقط.
وتوالت من حينها انتشار فروع فنادق هوليداي إن، وفي عام 2003 توفي كيمونز ويلسون تاركًا وراءه إرثا عظيما، يبلغ ألف ومائتين فندق يحملون شعار هوليداي إن في جميع دول العالم.
مهما كانت البداية متواضعة، لكن بالعمل والفكر والمثابرة والشركاء المخلصين، تتحول النهايات إلى شموس في عالم النجاح والتفوق، وخير مثال على ذلك هو كيمونز ويلسون الذي عرضنا تفاصيل رحلته من مالك عربة الفيشار إلى مالك أكبر سلسة فنادق في العالم.
اقرأ أيضًا: ريتشارد مونتانيز.. الرجل الذي أطلق نكهة النجاح في عالم البطاطس
كتب: أحمد عبد الواحد.