يشير مفهوم توارد الخواطر إلى انتقال الأفكار أو المشاعر بين الأفراد دون استخدام وسائل الاتصال التقليدية، ودون استخدم الحواس الخمسة المعروفة، حيث يعتقد الكثيرون أنهم يتواصلون ذهنيًا مع شخص آخر، هذا المفهوم أثار اهتمام الفلاسفة والعلماء والمفكرين على مر العصور، وتناوله التراث الإسلامي والعالمي، فهل هو حقيقة علمية أم مجرد خيال؟ وما هي الرؤى الدينية حوله؟
الحقائق العلمية حول توارد الخواطر:
توارد الخواطر يُعرف علميًا بالتخاطر (telepathy)، وهو أحد فروع علم الباراسيكولوجيا الذي يدرس الظواهر الخارقة، مثل الرؤية عن بعد، والتحريك الذهني، حتى الآن لا يوجد دليل علمي قاطع يدعم وجود التخاطر، ولكن هناك العديد من الدراسات والتجارب التي حاولت استكشاف هذا المجال.
اقرأ أيضًا: التواصل الروحي.. كيف ينبض الحوار بين أرواحنا بلا كلمات؟
الدراسات والتجارب حول توارد الخواطر:
- تجارب راين: أحد العلماء الرائدين في هذا المجال جوزيف بانكس راين، الذي أجرى تجارب في الثلاثينات من القرن العشرين باستخدام بطاقات زينر لاستكشاف التخاطر، رغم النتائج المختلطة لم يتمكن راين من تقديم دليل قاطع على وجود التخاطر.
- دراسات EEG وfMRI: استخدمت دراسات أخرى تقنيات مثل تخطيط كهربية الدماغ (EEG)، والتصوير بالرنين المغناطيسي الوظيفي (fMRI)، لدراسة النشاط الدماغي أثناء التجارب التخاطرية، ولكن لم تصل إلى نتائج حاسمة تثبت وجود التخاطر.
الرؤى الدينية حول توارد الخواطر:
في الإسلام توارد الخواطر ليس له تفسير ديني مباشر، لكنه يفهم في سياق أوسع يتعلق بفهم القوى الغيبية والإلهية، كجزء من العالم الروحي، حيث يمكن للأرواح التواصل مع بعضها البعض بطرق تتجاوز الفهم البشري التقليدي، وهوما يمكن أن يندرج تحت مفهوم الإلهام والبصيرة.
قصص من التراث الإسلامي حول توارد الخواطر:
قصة سيدنا عمر بن الخطاب وسارية بن زنيم:
تُروى قصة عن الخليفة عمر بن الخطاب، الذي كان يخطب في المدينة المنورة عندما نادى فجأة: “يا سارية، الجبل!”، كان سارية قائد جيش في معركة بعيدة، وسمع نداء عمر وتوجه نحو الجبل، مما أنقذ جيشه من الهزيمة.
قصة سيدنا يوسف عليه السلام وإخوته:
في قصة يوسف عليه السلام، نجد مثالًا آخر على توارد الخواطر، بعد سنوات طويلة من الفراق، تعرف يوسف على إخوته الذين جاءوا إلى مصر لشراء الطعام أثناء فترة الجفاف، رغم أنهم لم يعرفوه استطاع يوسف أن يقرأ قلوبهم ويعرف ما يدور في أذهانهم من ندم وألم، بسبب ما فعلوه في الماضي.
قصة الإسراء والمعراج:
في رحلة الإسراء والمعراج، يُقال إن النبي محمد -صلى الله عليه وسلم- تواصل مع الأنبياء السابقين، مما قد يُعتبر شكلًا من أشكال التخاطر الروحي.
أمثلة من التراث العالمي لتوارد الخواطر:
- الثقافة الهندية: في الهندوسية، يُعتبر التخاطر جزءًا من القدرات الروحية التي يمكن تحقيقها من خلال التأمل العميق والممارسات الروحية.
- الثقافة اليونانية القديمة: في الفلسفة اليونانية، تحدث أفلاطون عن (الفهم المباشر)، الذي يمكن أن يحدث بين الأرواح دون الحاجة إلى التواصل اللفظي.
- الثقافة الأمريكية الأصلية: يُعتبر التخاطر جزءًا من الممارسات الروحية للشامان في بعض ثقافات الأمريكيين الأصليين، حيث يُعتقد أن الشامان يمكنهم التواصل مع الأرواح والكيانات الأخرى بطرق غير مادية.
رغم عدم وجود دليل علمي قاطع على وجود التخاطر، فإن القصص والتجارب المتعددة تشير إلى أن الفكرة لها جذور عميقة في التراث الإنساني والديني، تظل هذه الظاهرة موضوعًا مثيرًا للجدل، يتطلب المزيد من البحث والدراسة لفهمها بشكل أفضل.
في النهاية، سواء كنت ترى في توارد الخواطر دليلًا على قوى روحية أو ظاهرة علمية غير مفهومة بعد، فإن هذا الموضوع يعزز فهمنا للعقل البشري وقدراته غير المحدودة، ويعكس رغبة الإنسان الدائمة في فهم وتفسير التجارب الخارقة للطبيعة.
اقرأ أيضًا: القلب ولا العين.. الحب يبدأ عندما نقابل من يروي ظمأ أرواحنا
كتبت: نهلة سمير.