إن الرهاب الاجتماعي أكثر ما يعاني منه الجيل الحالي، فهو يعتبر أحد أبرز الحالات النفسية التي تؤزم الفرد وسلوكياته، ولا تزال مباحثات الدراسات العلمية مستمرة في الكشف عن العوامل الأساسية المسببة له، إلا أنها قد كشفت أسبابا خطيرة لها علاقة بتحديثات العصر والتحديات التي يواجهها الجيل، تُرى ما الذي توصلوا إليه؟ وإلى ما تشير تلك العلامات؟
مفهوم الرهاب الاجتماعي:
الرهاب الاجتماعي هو أحد الأمراض النفسية التي تصيب الفرد باضطراب في وظائفه السلوكية والعقلية؛ مما يتسبب في انهيار أنشطته الحياتية المُمارسة يوميًا، حيث يشعر الفرد بمخاوف مختلطة من التجمعات ومقابلة الأُناس المحيط به ما يجعله يميل إلى الرغبة في الانعزال خشية من انعكاس تلك المخاوف على سلوكياته المضطربة.
اقرأ أيضًا: الخجل الاجتماعي.. ماذا تفعل إذا كنت تعاني منه؟
أسباب الرهاب الاجتماعي:
كشفت مصادر علمية حديثة عن أن هذه الحالة لها عوامل جوهرية مختلفة تتباين فقط في مدى تأثيرها على الفرد، ولكن الأمر المستحدث أن مواقع التواصل الاجتماعي قد أُثبت أن لها دورًا أساسيًا في هذه الحالة نتيجة لتداخل الفرد في العالم الافتراضي ورؤيته من خلف الشاشات، مما نتج عنه التنظير على حياة الآخرين من خلال الصور التي تُنشر والتفاعلات عليها، الذي أفقد حيوية العلاقات الاجتماعية في الزمن الحالي.
كما أن للعوامل الوراثية دورًا في هذا الاضطراب، حيث إن من الوارد أن يكون هناك أحد في سجل العائلة قد أصيب به، مما أدى إلى انتقاله عبر الجينات الوراثية للفرد دون أي تدخل بيئي، وفي إطار التحدث عن البيئة فإن للبيئة تأثيرا كبيرا في تشكيل كينونة الإنسان الذي طالما تحدد مصيره خلال مراحله العمرية، حيث قد يكون مناخ البيئة ليس بمكان آدمي أو حتى تعرض لصدمات نفسية من خلال التنشئة الخاطئة من جانب الأسرة.
بالإضافة إلى معتقدات المجتمع التي باتت حاكمة في وقتنا الحالي على رؤية الإنسان، جراء الانسياق إلى معتقدات وتقاليد مخطئة، وهذا ما يسبب ضغطًا نفسيًا على كاهل الفرد، مما يجعله يرغب في الفرار من هذه البيئة والميل إلى العزلة المؤدية إلى عدم التعامل مع العلاقات الاجتماعية، عقب الإصابة بهذا الاضطراب.
تأثيرات الرهاب الاجتماعي:
إن لهذا الاضطراب عوامل مؤثرة أصبحت أكثر خطورة على صحة الفرد من الجانب العقلي والنفسي، فمن المعروف عن هذا المرض أن يجعل لدى صاحبه نفورًا شديدًا من التفاعل مع العلاقات الاجتماعية وأيضًا الأحداث اليومية التي بالكاد تفقده نشاطه الحيوي، مما يؤدي إلى تكاسل شديد في أداء جسمه الوظيفي ليَحدث على أثره اضطرابات سلوكية مصاحبة للقلق والتوتر، مما يسبب له حرجًا بالغ لتفاقم حدة المشكلة.
علاج الرهاب الاجتماعي:
كشفت تطورات العلم بأن ما يعيد ثقة المصاب بالرهاب الاجتماعي هو تتبع بعض وسائل الوقاية التي تقلل من حدة الاضطرابات المفرطة؛ ليصبح صاحب إرادة قوية التي تعزز من الصلابة النفسية للفرد، وهذه الطرق فيما يلي:
العلاج السلوكي المعرفي:
إن هذه الطريقة قد أثبتت فعاليتها في توفير الدعم لهؤلاء، عبر ضبط السلوك المؤثر بها عواطف الفرد المضطربة ما يقلل من حدتها.
الوعي بالمشكلة:
إن تقدير الفرد للوضع الذي يمر به يجعله أكثر مرونة في تقبل المرض، ليصبح له دور في التوعية به، ومعرفة الطرق العلاجية المعالج لتلك الحالة.
تناول العقاقير الطبية:
هناك من يحبذ فكرة تناول الأدوية في بعض الحالات المتفاقم معها المرض، حيث إنها تساهم في علاج الاضطرابات الهرمونية المؤثرة في شكل العواطف عقب تنظيم سلوكيات الفرد.
ولا ننسى أن للوعي دورًا في علاج الرهاب الاجتماعي؛ لأنه أكثر ما يزيد من معاناة المريض هي اعتبار مرضه وصمة عار لا بد أن يخجل منها، فلا بد أن يتم توفير الدعم الاجتماعي ليستعيد الإنسان حيويته من جديد.
اقرأ أيضًا: الوسواس القهري.. كيف يتحول اضطراب نفسي إلى تحدٍ يومي؟
كتبت: جهاد محمد.