تعلمنا عندما نكتب أن نترك مسافة بين الكلمة والكلمة، حتى نعرف ماذا نكتب وكيف نقرأ، وهكذا الحال في كل شيء، والآن سنتناول فن المسافات للمحافظة على العلاقات، فالعلاقات الإنسانية مهما كانت قريبة ومستمرة تحتاج لبعض الحدود والمسافات لتستمر وتكون كما يجب أن تكون، تعال معي عزيزي القارئ في هذه السطور لنتعلم معًا أصول فن المسافات للمحافظة على العلاقات.
فن المسافات للمحافظة على العلاقات:
أكدت دراسات بعض الباحثين في مجال التنمية البشرية وعلماء الاتصال، أن الاقتراب الزائد من البشر يشعرك بالتوتر والملل، وقدموا بعص النصائح لتجنب ذلك، وتعلم كيفية التعامل بفن المسافات لتحافظ على علاقاتك مع من حولك، وهي:
- عدم الاختلاط بشكل دائم مع الناس؛ لأن ذلك يحفظ الود بينكم، ويزرع المهابة، ويضع الحدود.
- لا تنشئ حصارًا عاطفيًا على من تحب، حتى لا تخسره بكثرة الاتصالات والرسائل، لا تجعل الحب يلغي المسافة بينكما.
- ارسم حدودك بوضوح وبصراحة للآخرين، وضح لهم ما يعجبك، وما يضايقك، قم بتحديد مواعيد للاتصال، والأمور التي لا تريد الحديث عنها، وفي المقابل عليك أيضًا احترام حدود الآخرين ومسافاتهم، وألا تقترب منهم ما لم يسمحوا هم بذلك، وألا تعطي لنفسك استثناءً دون غيرك من الآخرين.


فن المسافات للمحافظة على العلاقات
تقول الكاتبة أحلام مستغانمي: “الحب هو ذكاء المسافة، ألا تقترب كثيرًا فتلغي اللهفة، وألا تبتعد طويلًا فتُنسى، لا تضع حطبك مرة واحدة في موقد من تحب، ولكن حاول إبقاءه مشتعلًا بتحريكك الحطب من حين لآخر، حتى دون أن يلمح الآخر يدك المحركة لمشاعره ومسار قدره، لا تطل الوصل، ولا تطل البعد، وكن كما في التنفس، إنها حركة شهيق وزفير، يحتاج إليهما الحب لتفرغ وتمتلئ رئتاه مجددًا بالحب المستمر، هذا ببساطة هو فن المسافة”.
اقرأ أيضًا: الصمت العقابي.. سكوت يؤذي القلوب ويهدد العلاقات
الالتزام بالمسافات يحقق كل السلامات:
تؤكد الدراسات أن أكبر أسباب الحوادث المرورية بعد السرعة، هو عدم ترك مسافة كافية بينك وبين السيارة التي أمامك! لأنك كلما اقتربت فقدت القدرة على السيطرة والتصرف في أي موقف طارئ، وأيضًا في بعض الأماكن العامة، قد يشترط ترك مسافة بينك وبين الآخرين؛ تجنبًا للإصابة بأي عدوى أو مرض، ومنعًا للمضايقات من الرائحة أو الازدحام، ومثل ذلك الاقتراب الشديد من المشكلة، فهو يوقف التفكير ويشل حركتك.
الالتزام بالمسافات يحقق كل السلامات
وحتى في عالم الطبيعة تجد أن الاقتراب الزائد مؤذ، ويمنعك من رؤية الجمال والتمتع به، فرؤيتك للبحر عن بعد أجمل بكثير من غوصك فيه، ولو استطعت السفر للقمر الذي طالما تغزل به الشعراء ووصفوا به حبيباتهم، فلن ترى إلا حجارة وفراغًا، وحتى الشمس مصدر الحياة والضوء والدفء على سطح كوكب الأرض، لو اقتربت منها قليلًا لاحترقت، والمصباح يحرق الفراشة إذا لامست سطحه، كل ذلك يؤكد عدم الاقتراب الشديد حتى لا تفقد قيمة الشيء، وتتحول مميزاته إلى عيوب قد تصل إلى الأذى الذي لا تطيقه ولا تتحمله.
المسافات وفشل العلاقات:
للمسافات دور كبير في فشل العلاقات؛ لأن الاعتقاد بأن إلغاء المسافات هو الأفضل لتطوير العلاقة وتقويتها، فهو اعتقاد خاطيء تمامًا والعكس هو الصحيح، فالمساحة الشخصية المحيطة بكل فرد هي ملك له، وأحيانًا قد يصاب البعض بحالة من الذعر إذا تخطى آخرون تلك المساحة أو تجاوزوها.
المسافات وفشل العلاقات
ولهذا نقول إن إدارة المسافات حكمة ونعمة عظيمة، فاز من تمكن منها، ومن حرمها فقد خسر كثيرًا، لا تقترب كثيرًا لتملك الناس وتقيدهم، ولا تبتعد كثيرًا فينسوك أو يجهلوك، ولا تقترب من ذاتك كثيرًا فتصاب بالغرور والتكبر، ولا تبتعد عنها كثيرًا فتشعر بالدونية والضآلة، إن فن المسافات للمحافظة على العلاقات هو الأساس، فاعلم أنه لكي يبقى الجميل جميلًا، اجعل هناك مسافة بينك وبينه، ولا تقترب كثيرًا، فالبعض أجمل من بعيد.
اقرأ أيضًا: تعرف على 4 علامات العلاقات السامة وطرق علاجها
كتبت: سحر علي.