هل سمعت عن ما يسمى بأزمة منتصف العمر؟ هل تعتقد حقًا أن هناك اضطرابًا نفسيًا يسمى بهذا الاسم؟ لو كنت مهتمًا بالإجابة تعال معي عزيزي القارئ في السطور القليلة القادمة لنتعرف على هذه الأزمة، وأعراضها وأسبابها وكيفية تجنبها أو علاجها.
ما المقصود بأزمة منتصف العمر؟
يمكن تعريف أزمة منتصف العمر بأنها اللحظة التي يدرك فيها الشخص بشكل لا واعٍ أن نصف حياته قد انتهى دون جدوى، وعادة ما تتزامن هذه المرحلةمع تغييرات تحدث في حياة الشخص مثل: الانفصال أو الإصابة بالاكتئاب.
اقرأ أيضًا: هل تعاني من التعلق المرضي؟.. إليك علاماته وكيفية علاجه
هل يمر الجميع بأزمة منتصف العمر؟
لا يمكن القول بأن كل من يبلغ سن الأربعين يمر بهذه المرحلة، بل على العكس سنجد الكثيرين يعيشون سعداء دون المرور بهذه الأزمة، أما البعض الآخر سيشعرون بالحنين إلى الماضي، وبقلة القيمة، وبالملل من رحلة الحياة، ويتسرب إليهم الشعور بالاكتئاب، هؤلاء هم الأكثر عرضة للإصابة بهذه الحالة النفسية.
ما أعراض أزمة منتصف العمر؟
من أهم أعراض أزمة منتصف العمر ما يلي:
تذكر الموت باستمرار:
الأشخاص الذين يمرون بهذه الأزمة دائمًا يتذكرون الموت، ودائمًا بداخلهم فكرة أن حياتهم محدودة وأن الوقت يمر سريعًا.
تقييم الواقع والإنجازات:
يحاول الأشخاص الذين يمرون بها بتقييم الواقع، ويتساءلون عما حققوه من أحلام وتوقعات وإنجازات.
تغييرات جذرية:
الشخص الذي يمر بها يتخيل واقعه، ويقوم بوضع هدف جديد لحياته، خاصة في حالة إدراكه لعدم تلبية احتياجاته وتطلعاته وأحلامه، ولهذا يقوم بتغييرات جذرية وخاطئة؛ لاعتقاده بأنها السبب في شقائه وبؤس حياته، فيقوم مثلًا بإنهاء زواجه، أو تغيير مهنته، أو ترك عائلته.
التصابي:
الشخص الذي يمر بتلك الأزمة يحاول استعادة شبابه مرة أخرى، ليبدو أصغر سنًا، فيبدأ في الاهتمام بمظهره وشكله، ويبدأ أيضًا في ممارسة الأنشطة التي يمارسها الفتية وارتداء ملابس الشباب الصغار.
استعادة أنشطة قديمة:
الشخص الذي يمر بتلك الأزمة، يبدأ في استعادة الأنشطة القديمة التي كانت تثير حماسه، فقد يعود إلى صفوف الدراسة أو حضور دورات وورش عمل خاصة.
الوقوع في حب أشخاص أصغر منه في العمر:
الشخص الذي يمر بهذه الأزمة يبحث عادة عن شركاء عاطفيين من الجنس الآخر وعادة ما يكونوا شبابًا وجاذبين للانتباه، وذلك ليشعر بتجربة شيء جديد ومثير.
إظهار التغيير للأخرين:
الذين يمرون بهذه الأزمة يحاولون إظهار التغييرات التي يمرون بها للآخرين، ومشاركتها إما في الاجتماعات، أو من خلال لقاءاتهم الاجتماعية.
المرور بأزمة وجودية:
الشخص الذي يمر بهذه الأزمة، يمكن أن يمر أيضًا بأزمة وجودية، يشعر خلالها بالإحباط والتعاسة؛ لعدم تحقيقهم أهدافهم، وشعورهم بالفناء.
الاكتئاب:
يميل الشخص الذي يمر بهذه الأزمة منتصف العمر إلى المعاناة من أعراض الاكتئاب.
شرب الخمر:
من أكثر السلوكيات السلبية والخاطئة والشائعة عند الإصابة بها شرب الخمر كوسيلة للهروب من الواقع، ونسيان ما يمر به في حياته من قلق وخوف.
الخروج في الليل:
الأشخاص الذين يمرون بها يفضلون الخروج بالليل كثيرًا وفي أوقات متقطعة، وهذا بسبب الأفكار السلبية المسيطرة عليهم والقلق المستولي عليهم.
إدمان جراحات التجميل:
الأشخاص الذين يمرون بهذه الأزمة خاصة من النساء يلجأون للعمليات التجميلية؛ بسبب عدم تقبلهن لذاتهن.
اقرأ أيضًا: الابتزاز العاطفي.. كيف تكتشفه وتحرر نفسك من قيوده؟
أسباب أزمة منتصف العمر:
تتعدد أسباب أزمة منتصف العمر، وتختلف عند النساء والرجال، وهي على النحو التالي:
أسباب أزمة منتصف العمر عند النساء:
القلق:
عند سن الأربعين تبدأ النساء في القلق خصوصًا إذا لم تتزوج، أو لعدم قدرتها على الإنجاب، ويزيد الأمر أكثر في فترة انقطاع الطمث.
الشعور بالضعف:
تبدأ النساء تشعر بالضعف في وقت مبكر من الحياة، لإحساسها بأن الحياة انتهت؛ بسبب ما تعانيه من الضعف الجسدي نتيجة المرور بمراحل كثيرة من الحمل والولادة والتربية، بالإضافة إلى أعمال البيت المجهدة والمرهقة.
الضغوط المجتمعية:
من أهم الضغوط التي تواجهها المرأة، ما يتعلق بجمالها، حيث تبدأ النساء في مقارنة جمالها مع غيرها من النساء، وقد تصل هنا إلى تقليل احترامها لجمالها وثقتها لنفسها، وتلجأ إلى عمليات التجميل لمحاولة تغيير مظهرها لتبدو أجمل.
أسباب أزمة منتصف العمر عند الرجال:
الإحباط:
عندما بمر الرجال بأزمة منتصف العمر يشعرون بالإحباط؛ لعدم تلبية توقعاتهم وطموحاتهم المهنية، أو لعدم تحقيقهم الوضع الاجتماعي المرغوب والمتوقع منهم.
تعويض الوقت الضائع:
قبل سن الأربعين يواجه الرجال مرحلة من التحديات الحياتية لإثبات نفسهم، وتحقيق أحلامهم العملية، وبالتالي فإن أزمة منتصف العمر قد تكون محاولة منهم لتعويض الوقت الضائع أو ما يعتبرونه مفقودًا في سنوات سابقة، ولكن هذا للأسف قد يؤدي للخيانة الزوجية والهروب من المسئوليات العائلية.
اقرأ أيضًا: الصمت العقابي.. سكوت يؤذي القلوب ويهدد العلاقات
نصائح لتتغلب على أزمة منتصف العمر؟
قام الأخصائيون النفسيون بتقديم بعض النصائح، لمواجهة أزمة منتصف العمر، منها:
اعتبار العمر مجرد رقم:
يجب إدراك أن العمر مجرد رقم، وأن صفات الحيوية أو الطاقة أو القلق في كل الأعمار، ويجب تجربة أشياء جديدة دون محاولة تقييم لحياتك ولعمرك، وهل تقدمت في السن أم.
لا تربط قراراتك بالعمر:
توقف عن ربط قراراتك بالسن، ولكن فكر في ما إذا كانت قراراتك مهمة وحيوية وموضوعية، دون أي اعتبار للسن.
كلنا سنكبر:
تقبل مرور الوقت بكل هدوء واطمئنان، فمرور الوقت والتقدم في العمر يعني أنك صرت خبيرًا بالحياة، ولديك من الحكمة ما يدهش الكثيرين وينال إعجابهم.
الجمال جمال الروح:
على المرأة ألا تضغط على نفسها في مقارنة جمالها بجمال عارضات الأزياء وملكات الجمال؛ لأنه جمال مزيف للاستعراض فقط أمام الشاشات للجذب والترويج والدعاية للعلامات التجارية المختلفة، بهدف زيادة مبيعاتها وليس جمالًا حقيقيًا أبدًا.
اتخذ قراراتك بهدوء:
يجب ألا تندفع في أخذ قراراتك، بل خذ قراراتك بهدوء وبعد التفكير في عواقبها، خاصة القرارات المصيرية مثل الانفصال، أو تغيير المهنة.
اكتب يومياتك:
تعتبر الكتابة طريقة من طرق العلاج؛ لتقييم أوضاعك وكتابة مشاعرك وما تمر به، ولهذا من الجيد المحافظة عليها يوميًا.
وختامًا، نقول إن أزمة منتصف العمر تتمثل في الشعور بعدم الرضا عن نفسك، ومحاولة لاستعادة الماضي، والتمرد على الحاضر والمستقبل، ولتواجهها ما عليك سوى التفكير بهدوء والتغلب على تلك المشاعر السلبية، والاستمرار والمضي قدمًا في حياتك.
اقرأ أيضًا: أسباب الطلاق.. 4 أسباب رئيسية وحلولها
كتبت: سحر علي.