هل تخيلت يومًا أن جهازًا صغيرًا بسيطًا كان يستخدم لإرسال الأرقام فقط قد يصبح أداة للكارثة؟ في لبنان تحولت أجهزة البيجر من وسائل تواصل آمنة إلى قنبلة موقوتة تكشف عن عالم مظلم من الهجمات السيبرانية، ما حدث لم يكن مجرد حادث، بل انفجار تكنولوجي كشف عن هشاشة أجهزتنا الأمنية وقدرتنا على التأثير في مصيرنا، في هذا المقال سنغوص في تفاصيل هذا الهجوم المدمر، ونعرف كيف أن هذه الأجهزة التي كنا نعتبرها في السابق آمنة أصبحت الآن ساحة المعركة الجديدة في الصراع الإلكتروني؟
انفجار أجهزة البيجر:
هذا الفصل والنكبة والكارثة أنه بإمكان تلك الشركات المصنعة للهواتف أو أية شركة قرصنة أن تفجر أي عدد من تلك الهواتف وتمحو عددًا لا محدود من المواطنين، بدأت الأحداث في لبنان ضد أجهزة البيجر، وهو جهاز مناداة يظهر فقط رقم المتصل بك لتقوم لاحقًا بالاتصال به، كان جهاز البيجر مؤمنًا وذا تكنولوجيا بسيطة، وكانت الخطوات الأولى لجهاز المحمول الحديث.
اقرأ أيضًا: في قلب الصدمة.. استكشاف تداعيات هجمات الإكوادور وردود الأفعال
الأمان النسبي لجهاز البيجر:
بما أن جهاز البيجر والنداء الآلي كان أكثر أمانًا، فقد استخدمته عناصر حزب الله في لبنان بعد الاختراقات الأمنية لأجهزة المحمول لعناصر وجنود الحزب، مما أدى إلى العديد من الاغتيالات لأفراد الحزب، فقام حسن نصر الله الأمين العام للحزب، بإرسال منشور لجميع أفراد الحزب بعدم استخدام أجهزة المحمول واستخدام البيجر فقط لأنه أكثر أمانًا.
الهجوم السيبراني على لبنان:
شن العدو الصهيوني هجومًا سيبرانيًا أدى إلى انفجار جميع أجهزة البيجر التي يحملها أفراد وجنود وقادة حزب الله في لبنان، وقد أصيب الآلاف من عناصر حزب الله، بل أصيب أيضًا أفراد تصادف وجودهم بجوار أشخاص يحملون أجهزة البيجر، مما أثار حالة من الفوضى والارتباك في جميع أجهزة الدولة في لبنان، وخاصة وزارة الصحة والمستشفيات التي تستقبل الآن آلاف الإصابات في اليد والرأس والوجه والبطن للمواطنين اللبنانيين.
وسيارات الإسعاف الآن هي الوحيدة المسموح لها بالسير في شوارع لبنان بعد أن طلب رئيس الوزراء اللبناني من المواطنين التزام منازلهم وأماكن عملهم حتى ينتهي هذا الهجوم السيبراني وتوابعه، وقد تم إصابة السفير الإيراني في لبنان أيضًا كأكبر مسئول يتم الكشف عن إصابته في هذا الهجوم الإلكتروني غير المسبوق.
التحكم الأمني والمعلوماتي (شركات التكنولوجيا في دائرة الضوء):
ما حدث في لبنان يكتب فصلًا جديدًا في كتاب السيطرة الأمنية والمعلوماتية والمخابراتية لشركات ودول الهواتف المحمولة التي تقدم لنا المستقبل في شكل طوق نشتريه بأغلى الأثمان لنضعه حول أعناقنا، فنصبح أسرى وعبيدًا لتلك الشركات والدول، لا نستطيع أن نفعل إلا ما نؤمر به من تلك الشركات والدول، نُعادي من يعادون ونحب من يحبون، فالعبيد على دين وهوى ملوكهم، والملوك أصبحوا اليوم شركات التكنولوجيا والمتحكمين بها.
تظهر حادثة انفجار أجهزة البيجر الخطيرة مدى الحاجة إلى شركات تكنولوجيا وطنية ومصانع للهواتف الوطنية وشركات خدمات تكنولوجيا وطنية، نحن بحاجة إلى تكنولوجيا وطنية بنفس قدر حاجتنا للطعام والشراب وربما أكثر، إن طريق الاستقلال المالي والصناعي والتجاري والتكنولوجي لا يزال بعيدًا، ربما دولنا قد استقلت عسكريًا منذ عقود، لكن الأعداء عادوا أكثر شراسة ومكرًا وفي أشكال متعددة، وقد ظهر أحد عملائهم اليوم حينما فجر نفسه في لبنان، وهو جهاز المحمول الذي بأيدينا الآن.
اقرأ أيضًا: أسرار اغتيال صالح العاروري.. الكواليس وراء الستار
كتب: أحمد عبد الواحد إبراهيم.