الأم النرجسية

يقدّس الجميع الأمومة فهي رمز للحنان والتضحية، ومع ذلك تبرز الأم النرجسية كظاهرة مثيرة للجدل، قد تبدو في البداية ككائن محب ومتفاني، لكن تحت تلك العباءة الوردية تكمن مشاعر سلبية واحتياجات مفرطة قد تدمر حياة أطفالها، فكيف يمكن أن تكون الأم التي يُفترض بها أن تمنح الحب والدعم مصدرًا للألم والقلق؟ هذه الأسئلة تفتح بابًا لفهم معقد لعلاقات عائلية مشوهة، حيث تصبح الأنانية والتحكم جزءًا من الديناميكية اليومية.

التاريخ النفسي للنرجسية:

أدخل مصطلح (النرجسية) إلى علم النفس في بداية القرن العشرين، وقد أشار سيغموند فرويد إلى النرجسية كجزء من تطور الشخصية، حيث اعتبر أنها تعكس مرحلة من مراحل النمو النفسي، إلا أن بعض الأفراد يظلون عالقين في هذه المرحلة، مما يؤثر سلبًا على علاقاتهم الاجتماعية، في العقود التالية تطور فهمنا للنرجسية، حيث أصبحت تُعتبر اضطرابًا في الشخصية يتسم بالتكبر والتعالي والافتقار إلى التعاطف.

التاريخ النفسي للنرجسية
التاريخ النفسي للنرجسية

اقرأ أيضًا: الشخصية النرجسية.. طرق التعامل مع أكثر الشخصيات تعقيدًا

صفات الأم النرجسية:

تتميز الأم النرجسية بعدة صفات يمكن أن تؤثر على تربية أبنائها:

  • التركيز على الذات: حيث إنها تركز على احتياجاتها الخاصة وتكون غير قادرة على رؤية احتياجات أطفالها.
  • التحكم والسيطرة: تميل إلى التحكم في حياة أبنائها، مما يحد من حريتهم ويجعلهم يشعرون بأنهم غير قادرين على اتخاذ قراراتهم الخاصة.
  • غياب التعاطف: تفتقر إلى القدرة على فهم مشاعر الآخرين، مما يجعل التواصل مع أطفالها صعبًا.
  • إعجاب مفرط بالنفس: تتطلب دائمًا الإعجاب والتقدير، وقد تتجاهل أو تقلل من إنجازات أطفالها.
  • التنافس مع الأبناء: قد تشعر بالتهديد من نجاحاتهم، مما يدفعها إلى التقليل من إنجازاتهم أو محاولة تفوقها عليهم.
  • المبالغة في النقد: تميل إلى انتقاد أبنائها بشكل مفرط، مما يؤثر على ثقتهم بأنفسهم.
  • تجنب المسئولية: غالبًا ما تلقي اللوم على الآخرين بدلًا من تحمل المسئولية عن تصرفاتها.

كيف تعامل الأم النرجسية أبناءها؟

تعامل الأم النرجسية مع أبنائها يعتمد على سعيها لإشباع احتياجاتها العاطفية، وغالبًا ما تتخذ أشكالًا مثل:

  1. الإهمال العاطفي: عندما لا تتاح لأطفالها فرصة التعبير عن مشاعرهم أو طلب الدعم.
  2. المنافسة: قد تجعلهم يشعرون بأنهم بحاجة إلى إثبات أنفسهم باستمرار.
  3. التجاهل أو التقليل من إنجازاتهم: مما يضعف ثقتهم بأنفسهم ويولد شعورًا بالدونية.
  4. التلاعب العاطفي: تستخدم الأم النرجسية أساليب مثل الشعور بالذنب أو التهديد للحصول على ما تريد.
كيف تعامل الأم النرجسية أبناءها؟
كيف تعامل الأم النرجسية أبناءها؟

تأثير الأم النرجسية على مستقبل الأبناء:

يمكن أن تترك الأم النرجسية آثارًا نفسية عميقة على أبنائها، تشمل:

  • انخفاض الثقة بالنفس: نتيجة للإهمال والتقليل من الإنجازات.
  • صعوبات في العلاقات: قد يجد الأبناء صعوبة في بناء علاقات صحية، حيث يتعلمون عدم الثقة في الآخرين.
  • الاكتئاب والقلق: يمكن أن تتطور مشاعر القلق والاكتئاب نتيجة للنقد المستمر والشعور بعدم الكفاءة.
  • الصعوبة في اتخاذ القرارات: قد يواجه الأبناء صعوبة في اتخاذ قراراتهم الخاصة بسبب الاعتماد المفرط على آراء والدتهم.

كيفية النجاة من تصرفات الأم النرجسية؟

إذا كنت تعيش في بيئة نرجسية، إليك بعض الاستراتيجيات التي يمكن أن تساعدك في النجاة:

  1. تحديد الحدود: تعلم كيفية وضع حدود واضحة مع والدتك، فكن حازمًا في ما يتعلق بما هو مقبول وما هو غير مقبول.
  2. الاعتناء بنفسك: تأكد من تخصيص الوقت لنفسك والاعتناء بصحتك النفسية والجسدية.
  3. البحث عن الدعم: يمكن أن يساعدك التحدث مع الأصدقاء أو المحترفين في التعافي من آثار النرجسية.
  4. تطوير مهارات التأقلم: تعلم تقنيات مثل التأمل أو الكتابة اليومية للتعامل مع المشاعر السلبية.
كيفية النجاة من تصرفات الأم النرجسية؟
كيفية النجاة من تصرفات الأم النرجسية؟

كيفية علاج النرجسية وتحسين حياة الأسرة؟

على الرغم من أن النرجسية قد تكون صعبة العلاج، إلا أن هناك خطوات يمكن اتخاذها لتحسين الوضع:

  1. العلاج النفسي: يمكن أن يساعد العلاج النفسي الأم النرجسية في فهم سلوكياتها وتأثيرها على الآخرين.
  2. المشاركة في المجموعات العلاجية: قد توفر المجموعات بيئة دعم لفهم كيفية تأثير النرجسية على الأسرة.
  3. تعليم مهارات التعاطف: يمكن أن يساعد تعليم الأم التعاطف على تحسين تفاعلها مع أطفالها.
  4. تطوير مهارات التواصل: تعلم كيفية التواصل بشكل فعال يمكن أن يساعد في بناء علاقات أكثر صحة.

الأم النرجسية ليست مجرد تجربة مؤلمة، بل هي درس عميق في قوة التعافي وإعادة بناء الهوية، في عالم يتسم بالتحديات العاطفية، يصبح من الضروري أن يدرك الأبناء أن الحب الحقيقي لا يحمل علامات السيطرة أو الاستغلال، إن رحلتهم نحو الشفاء قد تكون شاقة، لكنها تزخر بالإمكانيات: إعادة اكتشاف الذات، وتعزيز الحدود الصحية، واستعادة القوة الداخلية، من خلال هذه المساعي يمكن للضحايا أن يحولوا جراحهم إلى مصدر للقدرة، وبدلًا من أن تكون الأم النرجسية عباءة حب سامة، يمكن أن تصبح حافزًا لاستكشاف عمق العلاقات الحقيقية التي تستند إلى الاحترام والتقدير، فإن التعافي هو رحلة شخصية، ولكنه أيضًا دعوة لتغيير السرد حول الحب والعلاقات الأسرية.

اقرأ أيضًا: إليك 9 مواصفات تدل على الرجل التوكسيك

كتبت: نهلة سمير.