هل كنت تتخيل يومًا أن يصل العلم والتقدم العلمي إلى ما يسمى بالاستنساخ؟ لا شك إننا نعيش عصر العلم والتقدم بشكل مرعب ومخيف، عندما نسمع أن إيلون ماسك يعلن أنه بحلول عام 2035م، سيقف أمام المرآة ينظر إلى انعكاسه، لكنه لن يكون انعكاسًا، بل سيكون نسخة مستنسخة منه تحمل ذكرياته وأفكاره، بفضل الدمج بين عدة تقنيات معقدة مستحدثة، تجعل من الصعب التمييز بينهما، حيث يدعي أن كليهما إيلون الحقيقي!
هذا السيناريو المرعب الذي يجعلك تشعر كأنك تشاهد فيلمًا من أفلام الخيال العلمي، أصبح قريبًا جدًا من أن يكون واقعًا، فكيف وصلنا إلى هذا؟ تعال معي عزيزي القارئ في السطور القليلة القادمة لنتعرف على هذه العملية، وكيفيتها، وأنواعها، وما مستقبلها؟
مفهوم الاستنساخ:
الاستنساخ في أبسط تعريفاته هو إنتاج مجموعة من الكائنات الحية التي تحمل نسخة مطابقة تمامًا للمادة الوراثية الأصلية، هذه العملية تحدث بشكل طبيعي في بعض الكائنات مثل البكتيريا والحشرات والنباتات عبر التكاثر اللاجنسي، وهو نوع من التكاثر الذي لا يتطلب تزاوجًا، أما مفهومه العلمي يقصد به عمل نسخة جينية من تسلسل الحمض النووي أو التركيب الجيني الكامل للكائن الحي من خلال تنفيذ تقنية النقل النووي للخلايا الجسدية Somatic Cell Nuclear Transfer (SCNT).
وذلك عن طريق القيام بنقل نواة الخلية الجسدية المراد استنساخها إلى بويضة قد أزيلت النواة منها، مع المحافظة على بقاء الحمض النووي للميتوكوندريا (مصنع إنتاج الطاقة في الخلية) في السيتوبلازم (سائل هلامي توجد به جميع مكونات الخلية) دون أي تغيير عليه، ثم بعد ذلك تتم عملية معالجة البويضة عن طريق تعرضها لتيار كهربائي لتحفيز انقسام الخلايا فيها، وعندما يتكون الجنين يكون مطابقًا وراثيًا للخلايا التي تمت زراعتها، وقد استطاع العلماء بالفعل استنساخ مجموعة كبيرة من المواد البيولوجية، تتضمن الجينات والخلايا والأنسجة وحتى الكائنات الحية بالكامل.
اقرأ أيضًا: تعلم الآلة.. ثورة تقنية تحدث تغييرات جذرية في جميع المجالات
أنواع الاستنساخ:
تركز الأبحاث العلمية على ثلاثة أنواع من هذه العملية، وهي:
- استنساخ الجينات: ينتج عنه نسخًا متطابقة من الجينات أو شرائح الحمض النووي.
- الاستنساخ التناسلي: يحدث بالتزاوج، وينتج عنه نسخًا من حيوانات كاملة.
- الاستنساخ العلاجي: يُنتج خلايا جذعية جنينية تستخدم لإجراء تجارب، يهدف إنشاء أنسجة صحيحة تحل محل الأنسجة المصابة أو المريضة.
أهم عمليات الاستنساخ:
- في عام 1996م: نجح العلماء في استنساخ النعجة دولي، التي أثارت الجدل وفتحت الباب أمام عمليات الاستنساخ بقوة.
- في عام 2003م: أول حصان مستنسخ، نجح في الركض بحرية.
- في عام 2018م: نجح علماء صينيون في استنساخ قردين، واعتبر العلماء هذه العملية بمثابة الخطوة الفاصلة عن استنساخ البشر.
- في عام 2022م: حدثت ثورة علمية في هذه العملية، عن طريق استنساخ فأر من خلية جلد فأر ذكر.
- في عام 2021م: اتحاد الدماغ مع الآلة، من خلال قرد يلعب بنج-بونج بأفكاره فقط.
- في عام 2023م: الموافقة على القيام بالتجارب البشرية لاستنساخ البشر.
- في يناير 2024م: أول إنسان يتحكم في جهاز كمبيوتر بأفكاره، وبداية لتحول الخيال إلى واقع.
الاستنساخ العقلي.. من يمتلك هوية إيلون ماسك؟
الآن، تخيل معي عندما يقوم إيلون ماسك بدمج بعض التقنيات المعقدة، لن يكون هناك استنساخ جسدي فقط، بل سيتم نقل كل محتويات عقله إلى نسخته الجديدة عبر تقنية Neuralink، وحينها ستكون هناك نسختان متطابقتان من إيلون ماسك، كلاهما يعتقد أنه الأصل، ولكن لو حدث ذلك، تعال نتساءل:
- أي النسختين سيمتلك Tesla وSpaceX النسخة الأصلية أم المستنسخة؟
- هل يحق لكليهما الحياة مع زوجة ماسك وأطفاله في منزله؟
- إذا ارتكب أحدهما جريمة هل تعاقب النسخة الأخرى؟
- إذا مات إيلون ماسك الأصلي هل تستمر النسخة الأخرى في حياته كأنه لم يمت؟
وختامًا، يمكن القول بأننا نقف على شفا النهاية، وبداية عصر جديد قد لا يدرك معنى أن تكون إنسانًا، حيث يمكن للتكنولوجيا والتقنيات الحديثة أن تمنحك الخلود عبر الاستنساخ ونقل الوعي، ولكنها في نفس الوقت سوف تهدد بتمزيق نسيج المجتمع، وكيفية فهمنا لذواتنا، والسؤال الآن لك عزيزي القارئ: لو أتيحت لك الفرصة لاستنساخ نفسك ونقل وعيك هل ستفعل ذلك؟ وإذا فعلت هل ستظل أنت.. أنت؟
اقرأ أيضًا: الذكاء الاصطناعي التوليدي.. ثورة تقنية في عالم الكتابة والفن
كتبت: سحر علي.