هل تساءلت يومًا عن السبب وراء المشاعر السلبية التي تجتاحك أحيانًا، رغم أنك تدرك أن الموقف لا يستدعي كل هذا الانفعال؟ هنا يظهر العلاج العقلاني الانفعالي، الذي أسسه عالم النفس ألبرت إليس كمنهج مبتكر يعالج جذور تلك الانفعالات من خلال تحدي الأفكار غير المنطقية التي تسكن العقل دون وعي، في هذا المقال نأخذك في رحلة لاستكشاف هذا النوع من العلاج النفسي، وفهم فلسفته التي تساعدك على بناء حياة أكثر استقرارًا وسعادة.

العلاج العقلاني الانفعالي:

يعد العلاج العقلاني الانفعالي جانبًا قويًا من جوانب العلاج النفسي، وهذا العلاج يعتمد على إدخال المنطق والعقل في الاستشارة والعلاج النفسي، بالإضافة إلى تبني فلسفة أكثر عقلانية للحياة، وقد بدأ في الانتشار من منتصف خمسينيات القرن العشرين، واستمر بالتطور والانتشار حتى وفاة مؤسس هذه النظرية ألبرت إليس في عام 2007.

العلاج العقلاني الانفعالي

العلاج العقلاني الانفعالي

اقرأ أيضًا: اضطراب ما بعد الصدمة.. هل يملك العلم أخيرًا الحل؟

تعريف العلاج العقلاني الانفعالي:

هو نوع من أنواع العلاج النفسي، يعتمد هذا العلاج على فكرة أن الأفكار والمعتقدات غير المنطقية هي السبب الرئيسي وراء المشاعر السلبية والسلوكيات غير المرغوب فيها، يهدف العلاج إلى مساعدة الأفراد على تحديد هذه الأفكار غير المنطقية واستبدالها بمعتقدات أكثر عقلانية وإيجابية.

نشأة العلاج العقلاني الانفعالي:

أطلق عليه أول مرة اسم (العلاج النفسي العقلاني) عام 1958م، واستكمل إليس نهج الفرويديون الجدد في أساليب علاجه، حيث كان في البداية مؤيدًا للتحليل النفسي، لكنه بعد ذلك اختلف تمامًا مع المحللين النفسيين، وفي رأيه أن البصيرة والإدراك والعاطفة والتجارب المبكرة التي يمر بها الطفل خلال السنوات الخمس الأولى تلعب دورًا في التأثير على انفعالات الفرد، كما يرى أن رفض التجارب المبكرة ومعارضتها هو الذي يسبب الاضطرابات العاطفية.

نشأة العلاج العقلاني الانفعالي

نشأة العلاج العقلاني الانفعالي

مسلمات نظرية العلاج العقلاني الانفعالي:

يعتمد هذا العلاج على العديد من الافتراضات حول الطبيعة البشرية، وتفسيرات السلوك، وأسباب الاضطرابات، وهي كالتالي:

  • الإنسان كائن يتميز بقدرته على التفكير العقلاني واللاعقلاني، وعندما يتصرف بعقلانية يصبح أكثر كفاءة وسعادة وفاعلية.
  • الاضطرابات النفسية والانفعالية والسلوك العصابي غالبًا ما تكون نتيجة التفكير غير العقلاني أو غير المنطقي.
  • التفكير غير العقلاني ينشأ عادة من التربية المبكرة التي تعتمد على أساليب غير منطقية، إلى جانب الاستعداد البيولوجي للفرد، حيث يكتسب هذا النمط من التفكير من الوالدين أو المجتمع والثقافة المحيطة.
  • يعبر الفرد عن أفكاره باستخدام الرموز واللغة، وبما أن الفكر مرتبط بالانفعالات، فإن التفكير المضطرب يؤدي إلى انفعالات مضطربة تنعكس في شكل سلوك غير سوي، كأن الفرد يحدث نفسه بأفكار غير منطقية تتحول إلى أفعال مضطربة.
  • الإنسان لا يتأثر بالأحداث ذاتها، بل بطريقة تفسيره لهذه الأحداث؛ إذ يقوم تفكيره بتلوين المدركات، مما يجعلها تبدو إيجابية أو سلبية، مفيدة أو ضارة.
  • من المهم مواجهة الأفكار والانفعالات السلبية أو المدمرة للذات، والتي تستند إلى أسس غير عقلانية، والعمل على دحضها وتعديلها لتصبح إيجابية من خلال إعادة تنظيم الإدراك والتفكير، بحيث يصبح الفرد أكثر منطقية وعقلانية.

أنواع الأفكار غير المنطقية وفقًا لإليس:

يرى ألبرت إليس أن المشاعر المضطربة ترتبط بشكل وثيق بأفكار غير منطقية، ويمكن تصنيف هذه الأفكار إلى ثلاثة أنواع:

  1. أفكار متعلقة بالذات: حيث يعتقد الفرد أنه يجب أن يحقق أداءً مثاليًا ويحظى بقبول الجميع، وإلا فإنه يشعر بالفشل.
  2. أفكار متعلقة بالآخرين: حيث يتوقع الفرد من الآخرين أن يتصرفوا نحوه بلطف وعدالة، وإذا لم يحدث ذلك يعتبرهم غير منصفين أو مضطربين.
  3. أفكار متعلقة بالظروف: حيث يعتقد الفرد أن الظروف يجب أن تكون دائمًا ملائمة وسهلة لتحقيق رغباته دون عناء، وإلا تصبح الحياة مملة وغير مجدية.
أنواع الأفكار غير المنطقية وفقًا لإليس

أنواع الأفكار غير المنطقية وفقًا لإليس

مبادئ إيلس لفهم العلاقة بين التفكير والانفعال:

في نظريته عن هذا العلاج، وضع ألبرت إيلس ثلاثة مبادئ أساسية لفهم هذه الطريقة:

  • هناك علاقة وثيقة بين التفكير والانفعال.
  • التفكير والانفعال متلازمان بشكل كبير، حيث يؤثر كل منهما في الآخر، وأحيانًا قد يكونان الشيء نفسه.
  • يميل كل من التفكير والانفعال إلى الظهور في شكل حديث داخلي أو عبارات ذاتية، وتصبح هذه العبارات هي ذاتها أفكار الفرد وانفعالاته.

ختامًا، تناولنا في هذا المقال مفهوم العلاج العقلاني الانفعالي، حيث يركز على أنظمة التفكير والمعتقدات باعتبارها أساسًا لعلاج المشكلات التي يواجهها الأفراد. كما استعرضنا المسلمات الأساسية المرتبطة بهذا النوع من العلاج وتعريفه بشكل شامل.

اقرأ أيضًا: العلاج بالطاقة.. كيف تعيد توازن جسدك وروحك؟

كتبت: زينب عماد.