هل سمعت يومًا على صناديق الاستثمار الحكومية؟ إن كانت إجابتك “لا” فأحب أن أضيف إلى معلوماتك، إنه في نهاية القرن العشرين، تعاظمت ثروات بعض الدول وأرادت أن تحفظ تلك الثروات للأجيال القادمة، فأنشأت تلك الدول صناديق للثروة تقوم بتخصيص بعض ثرواتها أو جزء معلوم من ثرواتها النفطية أو التعدينية لتمويل هذه الصناديق، التي يكون لها إدارات مخصصة بعيدة عن الإدارة الحكومية.

ويمكن استثمار تلك الأموال التي بالصندوق في أي مجال وفي أية دولة، فالمهم والمعيار الأول هو الربح، فتقوم تلك الصناديق بما تحمل من أموال طائلة بشراء أسهم في أفضل دول العالم في الاستثمار المالي وفي الشركات العالمية التي تحقق مكاسب مضمونة، كما أن تلك الصناديق تمتلك شركات وفنادق وأصول عقارية، فالمعيار الأوحد هو المكسب.

أهداف صناديق الاستثمار الحكومية

الهدف الأساسي من إنشاء صناديق الاستثمار الحكومية هو تحقيق الاستدامة المالية للدولة وضمان استثمار الفوائض المالية بطريقة تدر أرباحًا طويلة الأمد، كما تسعى هذه الصناديق إلى:

  • حماية الاقتصاد الوطني من التقلبات في أسعار الموارد الطبيعية مثل النفط والغاز.
  • توفير مصادر دخل بديلة للأجيال القادمة.
  • دعم النمو الاقتصادي المحلي عبر تمويل مشاريع استراتيجية في البنية التحتية والصناعة والطاقة.
  • تعزيز مكانة الدولة في الأسواق العالمية من خلال امتلاك حصص في شركات كبرى.
أهداف صناديق الاستثمار الحكومية

أكبر صناديق الاستثمار الحكومية في العالم

صندوق التقاعد النرويجي:

يعد صندوق التقاعد النرويجي أكبر صندوق سيادي في العالم، وتبلغ حجم الأموال في هذا الصندوق 1800 مليار دولار أو 1,8 تريليون دولار أمريكي، ولكي نعرف حجم هذه الأموال فيمكن أن نتصور أن حجم الناتج الوطني المصري يبلغ 390 مليار دولار، أي أن حجم الصندوق يماثل خمس أضعاف الاقتصاد المصري كاملًا، تم إنشاء هذا الصندوق عام 1996 بتمويل من عوائد النفط الذي تم اكتشافه حديثًا في النرويج.

كما أن هذا الصندوق يماثل أربعة أضعاف حجم الناتج المحلى للنرويج، ويقوم الصندوق باستثمار 70% من أمواله في الأسهم العالمية، و20% في السندات الحكومية، و10% في العقارات والطاقة النظيفة، وللصندوق أسهم في مايكروسوفت بـ 41 مليار دولار أمريكي، وآبل بقيمة 35 مليار دولار، وإنفيديا بقيمة 34 مليار دولار.

صندوق الاستثمار الصيني:

يبلغ حجم الاستثمار الصيني 1300 مليار دولار.

صندوق الصين SAFE:

يبلغ حجم صندوق الصين الخاص 1090 مليار دولار أمريكي.

صندوق جهاز أبو ظبي للاستثمار:

يبلغ حجم صندوق أبو ظبي للاستثمار 1060 مليار دولار، وهو أكبر صندوق سيادة عربي، يستثمر في جميع المجالات المالية، كما يمتلك عدة شركات.

أكبر صناديق الاستثمار الحكومية والخاصة في العالم

دور الصناديق السيادية في دعم الاقتصاد العالمي

تلعب الصناديق السيادية دورًا محوريًا في الاقتصاد العالمي، إذ تضخ مليارات الدولارات في الأسواق الدولية، مما يساهم في استقرار الاقتصاديات الكبرى وتحفيز حركة الاستثمار، كما أن وجودها يعزز الثقة بين الدول ويخلق فرص تعاون مالي وتجاري بين الحكومات والشركات متعددة الجنسيات، مما يؤدي إلى خلق بيئة استثمارية أكثر توازنًا.

دور الصناديق السيادية في دعم الاقتصاد العالمي

مستقبل صناديق الاستثمار الحكومية في العالم

في العالم العربي، تزايدت أهمية الصناديق السيادية كأداة لضمان الاستقرار الاقتصادي وتنويع مصادر الدخل بعيدًا عن النفط، فدول مثل السعوية والإمارات وقطر والكويت، تعتمد بشكل كبير على هذه الصناديق لتطوير قطاعات جديدة مثل السياحة والتكنولوجيا والطاقة المتجددة، وفي السنوات الأخيرة برزت الأسواق العقارية في المنطقة كأحد المجالات التي تستقطب استثمارات الصناديق السيادية نظرًا لاستقرارها وعائدها المضمون، وهو ما شجع العديد من الدول على توجيه جزء من أموال صناديقها لهذا القطاع الحيوي.

ومؤخرًا أنشئت مصر صندوق سيادة أوكلت إليه إدارة بعض الأصول العقارية المصرية، وخاصة المباني الحكومية التي تم نقلها إلى العاصمة الإدارية، وعلى رأس تلك المباني (مجمع التحرير) الذي سيتم تحويله إلى فندق عالمي لدعم السياحة المصرية.

صناديق الاستثمار الحكومية تمثل نموذجًا متطورًا لإدارة الثروة الوطنية بطريقة تضمن الاستقرار الاقتصادي للأجيال القادمة، فمن خلال استثمار الفوائض المالية في قطاعات متنوعة، تستطيع الدول حماية اقتصادها من التقلبات العالمية، وتحقيق نمو مستدام ينعكس على المجتمع ككل، ومع توسع التجارب العربية في هذا المجال، يبدو المستقبل واعدًا لصناديق الاستثمار الحكومية كأحد أهم أدوات التنمية الحديثة.

كتب: أحمد عبد الواحد إبراهيم.