“صومعة الفلاسفة”

– هناك في تلك الصومعة التي شهدت تأملات ونظريات أشهر الفلاسفة في عصره، وتلميذ لفيلسوف عظيم كسقراط لابد أن يخرج لنا بذلك الكتاب الذي أثار فضول الجميع، وجعل من قرأه يحلم العيش في مدينته الفاضلة، والتي هي من صنع خياله الجامح والتي كانت بمثابة القشة التي يتعلق بها الغريق.

“جمهورية أفلاطون”

– الكتاب الذي ألفه الفيلسوف وشرح فيه كيفية الحياة في مدينته، وأيده في ذلك توماس مور في كتابه “اليوطوبيا”، و الفارابي في كتابه “الدولة الفاضلة” و ”مدينة الرب” لسانت أوغسطين، و ”مدينة الشمس” لكامبانلا، و ”اتلنتس الجديدة” لفرانسيس بيكون، ذلك يؤدي بنا إلي اقتناص فرصة جيدة لمعرفة ماذا يريد هؤلاء الفلاسفة من انشاء اليوتوبيا والحث على الحياة بها.

” ماهي اليوتوبيا؟ “

-أوضح أفلاطون ذلك في كتابه أن مدينته الخيالية الافتراضية أن الحياة فيها خالية من أي نقائض بشرية، ولا وجود مكان فيها لأي خلق فاسد أو عبث وأن يحكمها الفلاسفة لسعة علمهم وإدراكهم وكيفية وضع المعيارية اللازمة للحياه فيها بسلاسة.

“وعن الديستوبيا؟ “

– أما على النقيض نأتي بمصطلح قد لا يعرفة الكثير وهو عكس اليوتوبيا، الديستوبيا هي مدينة الشر الأزلي، دائم الظلام والظلم القائم علي الاستعباد والاستبداد والذل، تبتلي الالهه تلك المدينة بالكوارث الطبيعية والانسانية وتفشي جور الحكام علي شعبهم وإخضاعهم لما لا يطيقون ليصبحوا عبيداً.

” ما السبب في كل هذا؟ “

– تلك المصطلحات التي قامت على أسس فلسفية بقواعد إنسانية، كانت عقيدتها هي استخلاص الاخيار من هذا الكوكب ووضعهم في تلك المدينة، ولكن من الذي يستطيع تقييم البشر والحكم عليهم بالخير او الشر ؟
من الذي له السلطة في إدخال بعض البشر جنتهم الفاضلة ومن يتركوة خلف الابواب يعاني الجهل، المرض، والظلم؟

– مدينة افلاطون الفاضلة لن تكون فاضلة ابداً، هي تطلب أن يعيش بها اشخاص تصل خصالهم إلى الملائكة لا نقائص بهم، لا كذب أو خطيئة أو سرقة أو حقد، وتلك خصال البشر فيهم الخير والشر، الأبيض والأسود، لا نستطيع فصلهم ابدا، أو ننصب الميزان ونملأ كفتيه بالنوايا والقلوب لنرى من سيدخل جنتهم أمنين أم سيطرد من ترفها ويعيش في سقر بأقصي الجحيم.

“الخلاصة”

– لقد وصلنا إلى أقصى درجات الوعي في أن اليوتوبيا والديستوبيا ليس إلا خير وشر البشر، لا نستطيع فصلهما وإقامة كل جزء بعيد عن الاخر، وأن اليوتوبيا ليست بتلك الفضيلة المزعومة ولكن نستطيع أن نجزم أن اليوتوبيا هي هروب من الديستوبيا السياسية التي يمارسها حكامنا وإنها الجنة التي ننتظر إقامتها على ارض لا تعرف العدل.

– عفواً أفلاطون، نعتذر ايها الفلاسفة العظام، إن من أرسوا قواعد اليوتوبيا هم من أقاموا خلف اسوارها الديسوبيا بكل احترافية، وجعل الحقد هو القاعدة الاساسية فيها، أما اهل اليوتوبيا الذين لا يحملون من الفضيلة إلا قناع زائف، وغرور وعلو وكبر على هؤلاء المساكين الذي لم يسعهم ضيق اليد حجز أحقر غرفة بأقل منزل داخل اليوتوبيا، فقد امتلأت على بكرة أبيها من أصحاب النفوذ والاموال، وتركوا بكل أريحية بقية العالم الخرب المدمر المظلم لهؤلاء البسطاء.