هل يستطيع كل منا أن يكون طبيباً لذاته؟
هل يستطيع كل منا أن يفهم جسده و يفهم كيف يمكنه أن يمنحه الراحة و الإسترخاء؟
طريق الحياة صعب و مجهد و يحتاج منا جميعاً أن نعلم كيف نحمي أنفسنا من الإكتئاب و نحُد من نوبات القلق فبها لا نؤذي روحنا فقط بل نؤذي أنفسناً أيضاً.
فالجسد إذا اشتكي منه عضواً تداعي ليه سائر الجسد بالسهر و الحمي فماذا لو كان هذا العضو هو سيد الأعضاء “العقل”فياتري ماذا سيحدث في سائر الجسد وقت ذاك؟
لماذا إذا كان القلق والتوتر حلفائك تجد أن أعضاء جسدك لا تنفك عن دعم سيدها؟
فتجد القلب يزداد خفقانه و المعدة يحدث بها تقلصات شديدة فلا تستطيع تأدية دورها بشكل صحيح و قد يصاحبها الشعور بالحموضه و إرتجاع المرئ .
لماذا عندما يمرض القلب تشعر بألآم بالمعده و الذراع و قد يصل الأمر الي السكتة الدماغية؟
السر يكمن بالجهاز العصبي و الأخص بالذكر هنا العصب العاشر حيث يعد العصب العاشر من أطول الأعصاب الموجودة بالجسم و أهمها علي الإطلاق حيث يتصل بالأعضاء الاكثر حيوية بالنسبة للجسم فيتفرع من المخ مروراً بالقلب و الرئتىن و الجهاز الهضمي كما يتصل أيضاً بالاطراف ليكن له نصيباً من تنظيم الإحساس في أجسادنا و يتصل بالحنجرة صندوق الصوت فيكون بذلك له دور في عملية النطق.
الجدير بالذكر أن هذا العصب يعد الحليف الأكبر للجهاز الباراسمباثوي المسئول عن عملية الإسترخاء و الراحة و تحسين الحالة المزاجية لذا فإن معرفة كيفية التعامل مع مثل هذا العضو الحيوي تعد إنجاز حيث أن تلف عضو من الأعضاء التي يغذيها سيؤثر سلباً عليه و بالتالي يؤثر علي الحالة النفسية وأيضاً علي الأعضاء الأخري المار بها والعكس صحيح فإن سوء الحالة النفسية ايضاً يترتب عليه الكثير من الأمراض لنفس السبب فالجسد ما هو الإ عضو واحد و أعضاء الجسد جميعاً ما هي إلا أنت.
و بهذا يتوجب علينا جميعاً أن نمنحه ما له من حقوق ليمنحنا الحالة النفسية و الجسدية السليمة فيتوجب علينا معرفة كيف يمكن تحفيزه بالطرق الصحيحة لتتحسن حالتنا المزاجية ولا تتأثر أعضاء الجسد و أيضاً أن ننتبه لسلامة الأعضاء حتي لا يتأثر هو فيؤثر علي باقي الجسد و هذا يكون عن طريق معرفة ما هو العصب العاشر.
العصب العاشر: هو أحد الأعصاب القحفية cranial nerves التي تحفز عمل الجهاز الباراسمباثوي ( الجهاز العصبي اللاودي) para sympathetic nervous system المسئول عن تنظيم إنفعالات الجسم في وقت الراحة و الإسترخاء و يطلق عليه Rest and Digest ويعاكس عمل الجهاز السيمبثاوي sympathetic nervous system و الذي يطلق عليه fight and flight لكونه مسئول عن تهيئة الجسم لمواجهة المخاطر و الإنفعالات التي تتطلب حركة سريعة.
و الأعصاب القحفية عبارة عن 12 زوج من الأعصاب التي تتفرع من الدماغ إلي أجزاء الجسم المتعددة ( علي عكس الأعصاب الشوكية والتي تتفرع من الحبل الشوكي) و يُعطَي كل زوج من هذه الأعصاب رقماً لاتينياً طبقاً للقرب و البعد عن الدماغ و يسمي أيضاً طبقاً للوظيفة التي يقوم بها او الموقع التشريحي الخاص به و هذه الأعصاب هي:
١- العصب الشمى olfactory nerve
٢- العصب البصري optic nerve
٣- العصب البصري الحركي occulomotor nerve
٤-العصب البكري trochlear nerve
٥-العصب المبعد adducens nerve
٦-العصب ثلاثي التوأم trigeminal nerve
٧-العصب الوجهي facial nerve
٨-العصب السمعي ( عصب دهليزي قوقعي)auditory nerve
٩-العصب البلعومي اللساني glossopharygeal nerve
١٠- العصب المبهم vagus nerve
١١-العصب الشوكي spinal nerve
١٢-العصب تحت اللسان hypoglossal nerve
•مجموعة من هذه الأعصاب تقوم بالوظائف الحسية من الشم والتذوق والسمع (Sensory Function).
•ومجموعة أخرى تتحكم في حركة العضلات المختلفة ووظائف بعض الغدد(Motor Function).
• ويوجد البعض الآخر يقوم بالوظائف الحسية والحركية معاً ومنها العصب الحائر (Mixed).
• يعرف العصب العاشر بالعصب الحائر والمتجول (The Vagus Nerve) ؛ وذلك لأنه أطول الأعصاب القحفية من حيث الطول حيث يمتد من المخ وحتى القاولون ، ويعرف أيضاً بالعصب المبهم أو العصب القلبي الحساس أو العصب الرئوي المعدي؛ وذلك نظراً لتأثيره على القلب والرئتين والأمعاء.
وهذا العصب تأثيره إما حسي وإما حركي:
• الوظائف الحسية Sensory Function تشمل:
°الشعور الذي يمكن الإحساس به في الجلد والعضلات Somatic ويمتد إلى الأذن وما خلفها والقناة السمعية وأجزاء معينة من الحلق.
°الشعور الذي يمكن الإحساس به في أعضاء الجسم الداخلية Visceral وينقل المعلومات الحسية من الحنجرة والقصبة الهوائية والرئتين والقلب ومعظم أعضاء الجهاز الهضمي وله دور أيضاً في حاسة التذوق حيث يمتد إلى جذور اللسان.
• أما الوظائف الحركية Motor Function فتشمل:
°تحفيز عضلات القلب حيث يقلل من معدل ضربات القلب (Heart Rate ).
°تحفيز عضلات الجهاز الهضمي اللاإرادية لتقوم بهضم الطعام.
و يقوم العصب المبهم بتحفيز الجهاز الباراسمباثوي ليقوم بإفراز مادة الاستيل كولين Acetylcholine التي تقوم بالإرتباط بالمستقبلات العصبية التي تحفز عمل الجهاز الباراسمباثوي و هي Nicotinic and Muscarinic receptors و التي تحفز عملية استرخاء الجسم عن طريق تقليل معدل ضربات القلب و تقليل مستوي السكر في الدم بالإضافة الي تقليل مستوي ضغط الدم و تحفيز العمليات الحيوية الأخري مثل الهضم و عملية الإخراج.
وبهذا تتلخص وظائف العصب الحائر في:
١-نقل الإشارات العصبية بين المخ و اجزاء الجسم المختلفة.
٢-يتحكم في معدل ضربات القلب حيث يؤدي تحفيزه لإبطاء نبضات القلب.
٣-يتحكم في معظم عضلات الجهاز الهضمي.
٤-مسئول عن حركة العضلات الموجودة في منطقة الرقبة.
٥-يشرف علي العديد من وظائف الجسم و آليه عمل بعض الغدد.
العصب الحائر له دور عظيم لا يكاد يخفي علي أحد لذا فالكثير من الأبحاث تجري لتحفيز العصب العاشر لعلاج العديد من أمراض الأعضاء المختلفه:
• الإكتئاب: حيث يؤدي تحفيز العصب المبهم إلي تحسين الحالة النفسية مباشرة عن طريق تحفيز المناطق المتخصصة بذالك (mood regulating area) أو من خلال إفراز مواد كيميائية تسمي mono amines مثل:(serotonin, dopamine) و يطلق عليهم هرمونات السعادة .
• الصرع: عن طريق زراعة شرائح طبية بالقرب من منطقة الصدر لتحفيز العصب العاشر للحد من نوبات الصرع و يمكن للمريض أن يتحكم به بنفسه.
• تنظيم معدل ضربات القلب supra ventricular tachycardia: حيث يؤدي تحفيز العصب العاشر إلي إبطاء نبضات القلب.
• علاج البدانة: يؤدي تحفيز العصب الحائر الي نقص الشهية و يتم ذلك بإستخدام جهاز يسمي maestro rechargable system
•علاج طنين الأذن: يجري الباحثين الكثير من التجارب لإستخدام الصوت و العصب العاشر في علاج طنين الاذن.
• إستعمال تحفيز العصب المبهم مع العلاج الطبيعي في محاولة لإستعادة القدرة علي الحركة لأشخاص أصيبو بسكتة دماغية.
• تقليل آلآم الرأس و تخفيف الإلتهابات
• تشخيص أمراض معينه مثل heart murmur.
هناك العديد من الطرق البسيطة و التي من خلالها قد نتمكن نحن من تحفيز العصب المبهم:
١- التنفس بعمق : عن طريق أخذ نفس عميق وزفره بأريحية تامه.
٢- الماء البارد: يؤدي بلل الأطراف من حين لأخر الي تحفيز العصب الحائر و يحدث هذا بشكل ممتاز مع تكرار الوضوء خمس مرات يومياً.
٣- اليوغا و رياضات التأمل الأخري.
٤- الصلاة بخشوع
٥- الدعاء و التفكير بإيجابية و تزداد بزيادة الثقة بالله.
٦-العلاقات الإجتماعية السعيدة.
٧- تلاوة القرآن الكريم و التأمل فيه
٨- الدندنه أو الإنشاد بصوت مرتفع
فحص العصب العاشر:
و ذلك بإستخدام تجربة تسمي Gag reflex يتم فيها التأكد من رد فعل التقيؤ المصطنع و ذلك عن طريق ملامسة الجزء الداخلي من الحلق بشئ ما.
إذا تقيأ المريض فهذا يدل علي سلامته و إذا لم يتمكن من ذلك فهذا يدل علي انه هناك إضطراب ما في العصب الحائر.
أعراض إلتهاب العصب العاشر:
و هناك العديد من الأعراض الأخري التي قد تنتج عن إضرابات العصب الحائر و نقص نشاطه مثل:
•القلق و الإكتئاب
•تغيير نبرة الصوت
•صعوبة في الكلام
•صعوبة في البلع
•الآم في الأذن
•الإرهاق المستمر حتي مع أقل مجهود
•إضطراب في معدل ضربات القلب
•ضغط الدم غير طبيعي
•إضطراب مستويات السكر في الدم
•فقدان رد فعل التقيؤ الصناعي (Gag reflex).
تحفيز العصب الحائر يساعد الجسم في تحسين الكثير من العمليات الحيوية كما أنه يمنحنا الإسترخاء و تحسين الحالة النفسية إلا أن لكل شيئٍ حد و ما زاد عن الحد إنقلب للضد فزيادة نشاط العصب الحائر قد يؤدي إلي العديد من الأمراض مثل:
١-النوبة الوعائية المبهمه vasovagal syncope:
تتكون نتيجة فرط تحفيز العصب المبهم تجاه مؤثرات معينة مثل: الجهاز و التعرض لمواقف مؤثرة مما قد يؤدي إلى تقليل معدل ضربات القلب حتي تكاد تنعدم بالإضافة الي هبوط ضغط الدم و عدم وصوله الي المخ بقدر كافي والذي بدوره قد يؤدي للإغماء المفاجئ او قد تزداد مخاطره فيؤدي الي أزمه قلبيه أو سكتة دماغية مما يؤدي إلي الوفاة في الحال و هذا يعد من أكثر أسباب موت الفجأة في الشباب.
و المريض في هذه الحالة يجب أن يتم رفع قدميه إلي الأعلي حتي يستطيع الدم أن يصل الي المخ.
٢- إختلال وظائف المعدة gastroparesis:
حيث يحدث إضطرابات في الجهاز الهضمي تفقد المعدة قدرتها علي تفريغ الطعام بشكل صحيح و يصاحبها أعراض مثل:
• إرتجاع العصارة الهضمية إلي المرئ.
•فقدان الشهيه و يتبعه فقدان الوزن.
•حرقان المعدة و انتفاخ البطن.
•القئ و الغثيان.
كتبت:سارة برهامي