– هل تعلم يامتيمي لماذا هي ليالي وليست صباحات؟!
هل تعلم لماذا يصاحبها نعق البوم وليس تغريد الكروان؟!
هل تعلم لماذا الوعد لا يتحقق ولا نحفظ قدسية العهد؟!
لا تفكر كثيراً فإن كنت تعلم لأفصح لسانك بمكنونه.

– إنها ليالي لأن كل حالك ساتر لما يخبو خلفه، ينفق على النهم ببزخ فاحش، يدر في طيات أنسجته صرخات قلوب ملتاعة، تناجي القاسي فما تزيده إلا قسوة، لكن النهار فضّاح يقشع بنوره وسخ القلوب وعفن الأرواح فيعريها ويجردها من مساحيقها الملونة، لتطل علينا النفوس الذميمة تدعي الشهوة خلف الطهر.

– يصاحب ليل السكرة لحن الخراب الناعق، يهذي بطنين يصمم العقول ويجلب في اذياله عار النكسة، كيف لعاقل أن يتلذذ بالبوم ويصادقها ويترك تغريد بلبل وتسبيح كروان يطرد ارواح الناعقين الشريرة، فتركض امامه كالنعاج تهاب عصا الراعي، فصوتهم يجلد ظهورهم ويكسر اجنحتهم السوداء.

– وبعد كل عار يحمله القلب جراء العشق تأتي الخيبة، تنكس راية الوعود وتداس الكرامة بحذاء الوحشية والخشونة، تدنس قدسية العهود في محراب الصدق علناً، ويقف الجميع يشاهدون تلك المذابح المروعة في صمت يضاهي صمت الموتي في اعمق القبور.

– علمت الآن ياعزيزي لما العشق مدثر في الليالي؟ يرقص على نعق البوم والغربان يرتشف نبيذ الحنث بالوعود وانتهاك حرمة العهود، وينال من قدسية الشرف و نبالة الروح، علمت الآن أن العشق مذاهب؟ وإن أردت أن تعشق فاعشق تحت ضوء النهار.