على الأرجح أن من لم يسمع عن رياضة الجولف أو لا يتابعها فقد سمع عن “تايجر وودز” الذي يحتل لقب أفضل وأشهر لاعب جولف بلا منازع، بالرغم من براعته فقد اضطر وودز لتجاوز العديد من العقبات ليسمح له بلعب الجولف، وأبرز تلك العقبات كان أصله.

 

يمتاز “تايجر وودز ” بأصوله العرقية المتنوعة، فوالده أمريكي من أصول أفريقية، وأمه من تايلاند، تقابل الزوجان في الحرب حين جاء “إيرل وودز ” كجندي إلى تايلاند بعد حرب أمريكا في فيتنام، حتى إنتهى به الأمر بأن يقع هو أسيرًا للحب.

 

وبعدها إصطحب ” إيرل” زوجته إلى موطنه في كاليفورنيا ليكملو حياتهم هناك وأنجبا تايجر بعدها بسنتين ، وفي ذلك الوقت كان العديد من الأمريكان البيض ينظرون إلى ذوي البشرة السوداء بدونية ويعادون التايلندين بسبب الحرب فكانت تلك الزيجة التي جمعت بين العرقين محل إمتعاض وغضب الكثيرين.

في هذا المجتمع ولد تايجر وودز عام 1975 وبدأ في حصد الجوائز وهو بسن السابعة.

إسمه الحقيقي هو “إلدريك”، وقد لقب بتايجر، أي “النمر”، منذ صباه ليكون هذا الأسم الذي سيعرف به بقية حياته.

بالرغم من نبوغه في لعبة الجولف إلا أنه عاني من التعصب والعنصرية منذ صغرة بسبب بشرته السوداء، سواء من زملاءه أو حتي من المدربين واللاعبين الأخرين.

حتي أنه طرد من النادي ذات مرة وكان العديد من المدربين لا يسمحون له بالعب لفترات طويلة بالرغم من أنه كان قد أحرز عدة بطولات بإسم النادي، إلا أن “وودز” لم يعامل قط كبطل في موطنه بكاليفورنيا، بل إن اللاعب المحترف “فازي زويلر” قال بعد فوز “وودز” بأول بطولة عالمية له في سن الواحد والعشرين”فقط قولوا له ألا يبيع الدجاج المقلي العام القادم” وكان يلمح إلي النظرة العنصرية لدي العديد من الأمريكان بأن السود يحبون الدجاج المقلي ويعملون ببيعه فقط.

 

العجيب في الأمر هو أن “تايجر وودز” قد صرح أنه لا يعتبر نفسه أسود من الأساس، فهو يري أن هذا يعني نسيان أصل أمه الآسيوي. كما أن والده له أصول من الهنود الحمر، وأمه لها أصول قواقازية، ويعترف وودز بكل تلك الأعراق كجزء من تكوينه، فهو ينظر إلي نفسه كقوقازي، و أسود، وهندي، وآسيوي. والأعجب أن حتي بعض الأمريكان السود إتهموه بالخيانة والتنكر لأصله!

 

لم توقف كل تلك العقبات” وودز” الذي كان يطمح بأن يكون أفضل لاعب جولف في العالم منذ الصغر، وقد فاز بالعديد من البطولات العالمية ليصبح الثاني من حيث عدد الكؤوس في الجولف في التاريخ،كما حقق إنجازًا تاريخيًا بمكوثه في المركز الأول في التصنيف العالمي للاعبي الجولف لمدة 281 أسبوع.

لعب “تايجر وودز” آخر مباراة له عام 2019 ليفوز بها بعد أن عاني من العديد من المشاكل الصحية و العائلية ليختم آخر مباراة له بالفوز ويختم مسيرة محملة بالصراع والتحمل والعزيمة.

كتب: جوزيف بشارة