البطن بيت الداء والحمية رأس الدواء !!

IMG 20200501 WA0027

البطن بيت الداء و الحمية رأس الدواء !!

بقلم / سارة الحلاج

قال رسول اللّه صلى الله عليه وسلم
《ما ملأ آدمي وعاء شراً من بطنه بحسب بن ادم لُقيمات يقمن صلبه فإن غلبته نفسه فثلث للطعام و ثلث للشراب و ثلث للنفس》رواه الإمام أحمد في مسنده.

و قال رسول الله صلى الله عليه و سلم
《المؤمن يأكل في معي واحد والكافر يأكل في سبعة أمعاء 》متفق عليه.

وروي عن أنس عن النبي صلى الله عليه و سلم قال :”أصل كل داء البردة” .
و البردة: التخمة لأنها تبرد حرارة الشهوة، فينبغي الإقتصار على الموافق الشهي بلا إكثار منه.

و قال عمر بن الخطاب رضي االله عنه :
“(( إياكم و البطنة، فإنها مفسدة للجسم ، مورثة للسقم، مكسلة عن الصلاة، و عليكم والقصد فإنه أصلح للجسد، و أبعد عن السرف، و إن الله تعالى ليبغض الحبر السمين)) ” رواه ابو نعيم.

وقد تنبه بعض علماء الغرب في عصر النهضة في أوروبا إلى هذه الأخطار فأخذوا يطالبون الناس بالحد من الإفراط في تناول الطعام وأحدهم كان
( لودفيك كارنارو) فكان مما قال:

“يا إيطاليا البائسة المسكينة ألا ترين أن الشهوة تقود إلى موت مواطنيك أكثر من أي وباء منتشر أو حرب كاسحة ”
إن هذه المآدب المشينة والتي هي واسعة الإنتشار اليوم ، ولها من النتائج الضارة ما يوازي أعنف المعارك الحربية لذلك يجب علينا ألا نأكل إلا بقدر ما هو ضروري لتسيير أجسامنا بشكل مناسب، وإن آية زيادة فيما نتناوله من كميات الطعام تعطينا سرورا آنياً، ولكن علينا في النهاية أن ندفع نتائج ذلك مرضا، بل موتا في بعض الأحيان.

وفي انجلترا بعد أن أدرك الطبيب “تشين” من بين جميع الأطباء المعاصرين له أخطار كثرة الأكل، حمل الأطباء المسئولية في عدم إرشاد الناس لهذه الأخطار فقال (( والأطباء لا يدركون أنهم المسئولون أمام المجتمع وأمام مرضاهم بل أمام الخالق ، لأنهم
يشجعون الناس علي الإفراط في الطعام والشراب ، ذلك لأنهم بهذا يعملون علي تقصير آجال كثير من مرضاهم .

فالمعدة لُب الجهاز الهضمي و هي عبارة عن كيس أجوف يمتد بين المرئ و الأمعاء الدقيقة حيث يفصلها عن المرئ الصمام القلبي، الذي يمنع رجوع الطعام الي المرئ و عن الامعاء الدقيقة والصمام هي البواب و الذي يقفل عندما تحتوي المعدة علي طعام.
وتتصل المعدة بالأعصاب الودية sympathetic nerves من خلال الشبكة البطينية حيث تعمل هذه الأعصاب علي تثبيط حركة الأمعاء و تثبيط إفراز العصارة الهاضمة في أوقات الشدة ( fight and flight time).
و تتصل بالأعصاب اللاودية para sympathetic nerves من خلال العصب العاشر (vagus nerve) وتعمل هذه الأعصاب علي تنشيط حركة المعدة و إفراز العصارة الهاضمة إستعداداً للهضم.

و تحتوي المعدة علي العصارة الهاضمة و التي تتكون من المخاط و حمض الهيدروكلوريك و الانزيمات الهاضمة و الماء و الأملاح المعدنية بالإضافة إلى بعض المواد الكيميائية الأخري حيث تزداد هذه العصارات بعد تناول الطعام إلي أقصي حد لها بعد مرور ساعة من تناوله.

و يختلف الوقت الذي تأخذه المعدة ليتم إفراغها علي حسب طبيعة الطعام فالكربوهيدرات تترك المعدة بعد ٢-٣ساعات من تناول الطعام أما البروتينات فتأخذ وقت أطول و ايضا الدهون تأخذ وقتا أكثر من كليهما.

و تتمتع المعدة بخاصية المرونة فحينما يدخل الطعام الي المعدة فإنها تنتفخ تدريجياً لتصل إلي أقصي حجم لها و هو حوالي لتر و نصف اللتر.
و يتم تقسيم المعدة إلي ثلاثة أقسام حيث أن نصف المعدة الفارغ ضروري لتنفس الانسان، و ذلك لأن المعدة تشغل الجزء العلوي من التجويف البطني و تقع تحت الحجاب الحاجز مباشرةً، حيث تتحكم عضلات الحجاب الحاجز بالإضافة لعضلات بين الأضلاع في التنفس الطبيعي الهادئ أما في حالة الطوارئ فتتدخل عضلات الرقبة و الصدر و البطن.

لذا فعند إمتلاءها أكثر من اللازم فإنها تضغط علي الحجاب الحاجز فتعيق قدرته علي الانقباض و يؤدي ذلك لعدم قدرة الرئتين علي التمدد لإحداث عمليتي الشهيق و الزفير أثناء عملية التنفس مما يسبب إضطراب في الجهاز التنفسي و لا يدخل الحجم الطبيعي من الهواء الي الرئتين و بالتالي لا يصل الدم المؤكسد إلي القلب بسهولة و عندئذ تتدخل عضلات الطوارئ في إحداث تنفس عميق يؤدي إلي ضغط محتويات التجويف البطني لتفريغ مساحة لإتساع التجويف الصدري و هذا بدوره يؤدي إلي إضطراب في جميع أجزاء الجسم.
فإمتلاء المعدة بالطعام يؤثر سلباً علي الجهاز الدوري و الجهاز التنفسي كما يؤثر سلباً أيضاً علي هضم الطعام حيث يؤدي تمدد عضلات الجدار المعدي إلي تثبيطها و بدوره يؤدي إلي تأخير و إعاقة الهضم.

و الإفراط في تناول الطعام مع قلة الطاقة المبذولة يؤدي إلى ظهور السمنة خصوصا مع قلة الحركه و المجهود المبذول .

وتحدث السمنة نتيجة إضطراب العلاقة بين :-
1•الكمية المستهلكة مـن الطعـام.
2•الطاقة المبذولة في النشاط والحركة.
3•الطاقة المختزنة على هيئة دهون بصفة أساسية.

و ترتبط السمنة بزيادة خطر الإصابة بالأمراض القلبية الوعائية
مثل:
1•قصور القلب
2•السكتة القلبية
3•مرض الشريان التاجي
4•مرض انسداد الشرايين المحيطة بالقلب
5•ارتفاع ضغط الدم
6• ارتفاع دهون الـدم
7•جلطات القلب

هناك أمراض أخرى لها علاقة بالسمنة أيضا مثل:
1• دوالي الساقين
2• فتق المعدة
3•الإمساك
4•الالتهابات
5• بطء شفاء الجروح
6 •التهاب المفاصل التنكسي
7•حصوات المرارة
8•مرض النقرس
9• مرض السكري

و قد قال إبن القيم في حديث الشبع تحت عنوان:
” فصل في هديه صلى الله عليه وسلم في الاحتماء من التخم والزيادة في الأكل على قدر الحاجة والقانون الذي ينبغي مراعاته في الأكل والشرب ” :

(( والأمراض نوعان )):

1- الأمراض المادية : و تكون عن زيادة مادة أفرطت في البدن حتى أضرت بأفعاله الطبيعيةو هي الأمراض الأكثرية

سببها:-
1•إدخال الطعام على البدن قبل هضم الأول.
2•و الزيادة في القدر الذي يحتاج إليه البدن.
3•و تناول الأغذية القليلة النفع البطيئة الهضم.
4•و الإكثار من الأغذية المختلفة التراكيب المتنوعة.

فإذا ملأ الآدمي بطنه من هذه الأغذية و اعتاد ذلك أورثته أمراضاً متنوعة، فإذا توسط في الغذاء ، و تناول منه ، قدر الحاجة ، و كان معتدلاً في كميته و كيفيته
كان إنتفاع البدن به أكثر من إنتفاعه بالغذاء الكثير.

فإمتلاء البطن من الطعام مضر للقلب و البدن هذا إذا كان دائماً أو أكثرياً و أما إذا كان في بعض الأحيان ، فلا بأس به، فقد شرب أبو هريرة بحضرة النبي صلى الله عليه و سلم من اللبن ، حتى قال : ” و الذي بعثك بالحق لا أجد له مسلكاً ”
و الشبع المفرط يضعف القوى و البدن ، وإنما يقوي البدن بحسب ما يقبل من الغذاء ، لا بحسب كثرته.