العــدل أســـاس المـــلك

قصة الاسد سمحان

ذات يوم من الايام، قرر الأسد سمحان ملك الغابة أن يتخذ وزيرًا كي يساعده في أمور الغابة ، فإجتمع بالحيوانات وقال : من منكم يوافق أن يصبح وزيرًا لي؟
قال الفيل : هذه مسؤولية كبيرة يا ملك الغابة .
قالت الزرافة : أنت في حاجة إلى حيوان مخلص .
قال الثعلب : أنا مستعد للمساعدة فإن أردت الكفاءة فهي مهنتي .
قال النمر : أنا قوي ويمكنني مساعدتك .

خاف الأسد سمحان من قوة النمر وقرر أن يتخذ الثعلب وزيرًا، وأعلن بين الحيوانات أن الثعلب هو وزيره ونائبه في الغابة، ومن يومها لم يعد الأسد يرى شؤون الحيوانات بنفسه ، فكان يجلس في عرينه ، ويستمع إلى أخبار الغابة من الثعلب، والأسوأ أنه كان لا يتحقق من هذه الأخبار.
كان الثعلب يستعدي الأسد على الحيوانات ، وينقل إليه أخبارًا كاذبة، ويُعرّض الحيوانات للعقاب كذبًا وظلمًا، فبعض الحيوانات أكله الأسد عقابًا له، وآخرون طردهم من الغابة، وإنتشر الظلم وإشتكت الحيوانات إلى الأسد من كذب الثعلب وخداعه، فإستدعى الأسد الثعلب وأخبره بشكوى الحيوانات.
فقال الثعلب : عندي إقتراح يحل المشكلة .
الأسد: ما هو ؟
الثعلب:أن تجعل قاضيًا للغابة تحيل إليه مشاكل الحيوانات ؟
الأسد:هذا إقتراح عظيم ، ولكن من يكون هذا القاضي ؟
الثعلب: إنه الذئب .

الأسد:الذئب ؟
الثعلب:نعم ، إنه خبرة في القضاء .
وبعد عدة أيام ذهب الفيل إلى الثعلب وقال : يا وزير الغابة سمعت أنك تريد قاضيًا .
الثعلب:لقد إخترناه.
الفيل:من؟
الثعلب:الذئب ، ألا تراه يلبس ملابس القاضي؟
الفيل:كيف ؟
إن الحصان عدلان هو أصلح القضاة ، لقد عمل مع قاضي المدينة من قبل، وكان يحضر مع جلسات القضاء .
الثعلب: لقد إخترنا الذئب ولن نغير قرارنا .
كانت الشكاوي تأتي إلى الأسد فيحولها إلى الذئب القاضي، أما الذئب فكان ينتظر ما يمليه عليه الثعلب فيحكم به ، وهكذا لم يتغير شيء في الغابة وإستمر الظلم بل إزداد …
وذات مساء قال الأسد للثعلب : ما زالت الحيوانات تشكو أيها الثعلب .

الثعلب: ماذا أستطيع أن أفعل أكثر من ذلك ؟
إنهم لا يرضون بحكم القاضي، لم يرد عليه الأسد، وأخذ يفكر في الأمر.
ثم قال في نفسه : لا بد أن أتبين الأمر بنفسي، وفي اليوم التالي تخفى الأسد وراء الأشجار كي يراقب تصرفات الثعلب مع الحيوانات، وتأكد من ظلم الثعلب فقرر أن يعزله ويحاسبه على أفعاله.
فاستدعاه الأسد وقال: لقد رأيت كل شيء بنفسي، وسوف تذهب إلى القاضي كي يحكم في أمرك .
الثعلب:أي قاض؟
أرجوك لا أريد الذئب ، فإنه لا يحسن القضاء.
الأسد: الآن عرفت أنه لا يحسن القضاء.
ومن تريد أن يحاكمك ؟
الثعلب: الحصان عدلان .
قال الأسد : لن يحكم عليك إلا الذئب .
ووقف الثعلب أما الذئب وكل الحيوانات حاضرة وقال له : أيها القاضي أحكم بالعدل .
الذئب: أي عدل تقصد، لا أعرف إلا ما تمليه علي، ولكنك الآن متهم، وكل الغابة غاضبة عليك ويجب أن أرضيهم بالعدل أو الظلم وإلا إنكشف أمري.
الثعلب: كيف؟
الذئب: لن يرضيهم إلا التخلص منك، وهكذا تشرب كأس الظلم كما سقيته للآخرين.
وأصدر الأسد قرارًا بتعيين الحصان عدلان قاضيا للغابة، فشعرت الحيوانات بالعدل، ولم تعد الشكاوي تأتي للأسد، وإجتهدت الحيوانات في عملها، وإزدهرت الغابة وشعر الجميع بالسعادة .
فقال الأسد للفيل يومًا : الآن أشعر بالراحة، لقد إستقرت أمور الغابة .
قال الفيل : العدل أساس الملك يا ملك الغابة .

كتب:محمود إبراهيم