معجزات كرة اليد المصرية..”لمعلم تيدمان” اطلق صافرة البداية.

IMG 20200430 WA0016

معجزات كرة اليد المصرية..”المعلم تيدمان” أطلق صافرة البداية.

كتب/ ايمن موسى

إذا كنت متابعا جيدا لمسلسل الرسوم المتحركة الشهير “سلاحف النينجا” فبالتأكيد تعلم من هو العلم رشدان، فهو له الفضل لما وصل إليه “سلاحف النينجا”بعد ذلك وكان له التأثير الأكبر فى مستقبلهم بعد أن جمعهم، ولكن ما علاقه ذلك بكرة اليد المصرية وإنجازاتها؟.

حقق منتخب كرة اليد الأول المصرى المركز الثامن فى بطولة العالم بداية العام الماضى بعد غياب 18 عاما عن الثمانية الكبار.
ولم تتوقف إنجازات كرة اليد المصرية عند ذلك الحد ، بل حصد منتخب الشباب برونزية بطولة العالم قبل أن يختتم منتخب الناشئين انجازات العام بتحقيق لقب بطولة العالم المرة الأولى فى التاريخ.
وبالعودة للخلف نستكشف سويا أن ما تشهده كرة اليد المصرية يعود إلى تخطيط كبير ومنظم منذ عام 1990 وصاحب الفضل الاكبر فى تلك المنظومه كان المدرب الألماني “باول تيدمان” أو كما سنطلق عليه المعلم تيدمان.

المعلم تيدمان وضع كرة اليد المصرية على الطريق الصحيح بعد وضع التأسيس المناسب ليس فقط لفترته او لمده 5 او 10 سنوات ولكن ليستمر إلى المستقبل البعيد والإنجازات الحالية لم تكن وليدة الصدفة.
وقبل أن نتحدث عن “المعلم تيدمان” ودوره فى تطوير كرة اليد المصرية …دعونا نعود إلى ما قبل وصوله لمصر

كرة اليد المصرية قبل 1990:
ربما تتفاجئ حين تعلم أن المنتخب المصري لم يكن له تاريخ يذكر فى كرة اليد قبل عام 1990.
فعلى المستوى القارى أقيمت بطوله إفريقيا من قبل 8 مرات ولم تحصل مصر على لقبها ولا مرة.
كان المنتخب الجزائري مهيمنا على القاره الافريقية فى كرة اليد وحصد لقبها 5 مرات مقابل 3 لمنتخب تونس.

أما على المستوى العالمي فقد اكتفى الفراعنه بمشاركه وحيده عام 1964 فى بطوله العالم للكبار فى دولة تشيكوسلوفاكيا.
وكانت خساره المنتخب المصرى فى مبارياته الثلاثه منطقيه بسبب فارق المستوى الذى ظهر فى النتائج الثقيله امام منتخبات السويد والمجر وآيسلندا.

واولمبيا..لم يسبق للفراعنه المشاركة فى دورة الالعاب الاولمبية ولا مرة منذ برلين 1936 وحتى سول 1988
حتى جاء “المعلم تيدمان” الألماني وتغيرت الامور تماما بالنسبه لكرة اليد المصرية .

المعلم تيدمان:
من صفات المعلم رشدان فى مسلسل الرسوم المتحركه كانت الحكمة والثقة والمهارة والخبرة مما ساهم فى التأثير على عقليه سلاحف النينجا.
وهذا ما فعله الألماني تيدمان مع كرة اليد المصرية لتتغير العقلية تماما ولا يكتفى أبناء اللعبة بالإنجازات القارية بل الوصول للعالمية.
وقد قام حسن مصطفى رئيس الاتحاد المصري لكرة اليد بالتعاقد مع تيدمان من أجل النهوض بكرة اليد المصرية .

كما وضع قوانين بدت غريبة فى ذلك التوقيت بفرض اللاعبين أصحاب اللعب باليد اليسرى على الفرق للتغلب على أزمه الطرف الأيمن،كما وضع سنا معينا لاعتزال اللاعبين دوليا والدفع بالشباب والناشئين كنظرة مستقبلية.
كما تم الاستفادة بالمدربين المصريين نجوم كرة اليد فى ذلك التوقيت ، للعمل مع المدرسة الاجنبية للتعلم من المدير الفنى.
وقاد تيدمان المنتخب المصري لمده ثلاثه سنوات وثلاثة اشهر نجح فيهم فى تحقيق لقب بطولة امم افريقيا مرتين عامى 91 و 92 والتأهل لكأس العالم فى السويد عام 93 ولم تغب مصر عن البطوله منذ ذلك الوقت .

الثقه:
امتاز تيدمان بالثقه ، رغم عدم وجود ما يشفع لكرة اليد المصرية من حيث الإنجازات قبل قدومه.
“مستر تيدمان كان البدايه ، عرفت مصر طريق الانجازات منه وكانت ثقته اهم ما يميزه” بتلك الكلمات صرح بها احمد بلال احد نجوم الجيل الذهبى لكرة اليد عام 2001 .

الذكاء:
يمتاز المعلم رشدان بالذكاء ايضا ، وهو ما يميز تيدمان الذى لم يكتف بالإنجاز الإفريقى الذى لطالما كان حلما للمصريين فى اللعبة.
ذكاء تيدمان كان لكيفية استغلال الفوز على منتخب الجزائر القوى مرتين فى عام واحد وتحقيق لقبين لصالح مصر عام 91
وبالفعل استغل تيدمان ذلك ونقل للاعبيه ضروره التفكير فيما هو بعد ذلك وعدم الاكتفاء بالانجاز الافريقى.
طالب تيدمان لاعبيه بضروره الاستمراريه من الناحيه القارئه والنظر إلى المنافسه العالميه.
لعب منتخب مصر فى تلك الفتره امام فرق قويه مثل فرنسا والسويد وغيرهم وكانت الهزيمه غالبا ما تكون ثقيله ضد المنتخب المصري.
ولكن تيدمان بذكاء شديد طالب لاعبيه بالاستفاده من تلك المباريات وعدم الحزن فالغرض منها هو الاحتكاك مع الفرق الكبرى ورفع المستوى.
“انتم تلعبون مع فرق تمتلك لاعبين كنتم فقط تشاهدونها عبر التلفاز ، الان يجب أن تختفي الرهبه لانكم تلعبون امام ابطال عالم”, هكذا حفز تيدمان لاعبيه بعد فتره الاعداد ضد الفرق الاوروبيه.
وكلل تيدمان مجهوداته بالفوز بلقب امم افريقيا مره اخرى عام 92 فى كوت ديفوار.

العقلية:
تغيرت عقلية اللاعب المصرى لكرة اليد تحت قياده تيدمان، وبعدما كان الحلم الأكبرهو التتويج بلقب بطولة افريقيا ، أصبح حلم المشاركة فى بطولة العالم هو الهدف الأكبر.
ونجح المنتخب بالفعل فى التأهل لمونديال العالم 93 فى السويد ومنذ وقتها لم تغب مصر عن العالمية.
حقق منتخب مصر وقتها تحت قياده تيدمان الفوز فى المباراة الافتتاحية على حساب تشيكوسلوفاكيا21_20 فى انجاز تاريخي .
كانت مصر أول منتخب عربى وافريقى يحقق فوز على فريق أوروبى فى بطولة العالم.
وحصل وقتها منتخب مصر على المركز 12 من اصل 16 فريقا لكنه نال إشادات كبيرة عالميا بسبب تقارب المستوى مع الفرق الكبرى.
نجح “تيدمان” فى التأثير على عقلية اللاعب المصرى ، لكن لم يكتف بذلك بل انتقل إلى المدرب المصرى ايضا .
وقال محمد الألفى مدرب فريق هليوبوليس ” تعلمنا الكثير من فتره تيدمان، تغيرت عقليتنا”
تلك العقلية أسهمت فى فوز مصر ببطولة العالم للشباب 93 الجيل الذى ضم عدد من النجوم أبرزهم مجدى ابو المجد وحماده الروبى وحماده النقيب وشريف مؤمن.
وحقق بعدها منتخب الشباب برونزيه عام 99 وكان ضمن نجوم الفريق حسين زكى .
ونجحت مصر فى الوصول للمربع الذهبي لبطوله العالم للكبار2001 فى جيل ضم حماده الروبى وحماده النقيب ومروان رجب وحسين زكى ومجدى ابو المجد وغيرهم.

الحصاد:
لم تكن نجاحات كرة اليد المصرية الحاليه والتتويج بلقب الناشئين وبرونزية الشباب وليدة الصدفة، ولكنها بتخطيط ودراسة مستمرة منذ ما يقرب من 28 عام.
أقيمت 56 نسخة من بطولات العالم فى اللعبة سواء على مستوى الكبار أو الشباب او الناشئين ، حصدت الفرق الاوروبية54 ومصر لقبين.
كان المنتخب المصري للكبار أول فريق غير أوروبى يتأهل للمربع الذهبي فى بطولة العالم وكان ذلك فى 2001.
حصد منتخب مصر بتاثير” المعلم تيدمان” بظهور كفاءات تدريبيه مثل محمد الالفى وجمال شمس أثروا على لاعبى الناشئين.
بعد ذلك نقل جيل الناشئين خبراتهم ، فوجدنا مروان رجب وحماده النقيب فى قياده المنتخب الاول للفوز ببطوله افريقيا2016 بعد غياب 8 سنوات.
وظهر الثنائي حسين زكى وهانى الفخرانى فى الجهاز الفني للمنتخب الأول ببطولة العالم2019 ، ونجح الفراعنة فى التواجد ضمن أفضل 8 منتخبات بعد غياب18 عاما.
وعلى مستوى منتخب الشباب كان هانى الفخرانى رفقه طارق محروس المدير الفنى للفريق الحائز على البرونزية، ومنتخب الناشئين ضم الثلاثى مجدى ابو المجد وحسين زكى وحماده الروبى.
إذاً هى خبرات يتناقلها جيل بعد جيل ويستلم راية الانجازات لتستمر كرة اليد فى حصد ما زرعته منذ 29 عاما عند قدوم تيدمان إلى مصر.