أحياء وتاريخ…..جولة آدم داخل الأحياء المصرية
حي الجمالية
تعد الأحياء المصرية علامات ثابتة في التاريخ المصري فنجد قصة وحكاية وراء كل حي بالإضافة لمميزاتها ومميزات من يقطنون بها….لذلك يصخبك آدم في جولة شيقة لزيلرة بعض أحياء القاهرة والإطلاع علي بعض أسرارها…
حي الجمالية يعتبر من أقدم أحياء القاهرة، بناها بدر الدين الجمالي، وزير الخليفة المستنصر بالله الفاطمي وأمير الجيوش الفاطمية في مصر.
مين هو بدر الدين الجمالي؟
بدر الدين الجمالي مملوك أرمني الأصل للأمير السوري جمال الدولة بن عمار،وترقى ليصبح حاكم دمشق مرتين، وأمير الجيوش في الشام، وإستدعاه الخليفة المستنصر بالله من الشام لكي يوليه الوزارة عام 1073م لأن الخليفة رأى أنه يستطيع أن يسيطر على الأمور ويخرج بالمحروسة من الأزمات اللي كانت ستدمر دولة المستنصر بالله.
وكان على بدر الدين الجمالي أن يواجه عدداَ من الأزمات مثل الصراعات بين فصائل الجيش التركية والإفريقية وهجمات من البربر على الدلتا ومجاعة مستمرة لسنوات بسبب إنخفاض مستوى النيل وأوبئة وإستيلاء السلاجقة على أجزاء من الشام، وبالتالي مصر كانت مهددة من كل النواحي، كل هذه الأزمات كانت معروفة بإسم الشدة المستنصرية.
دخل بدر الدين الجمالي بقواته الأرمينية من الشام وسكنوا القاهرة وكان تعداد سكانها قد قل كثيراَ بسبب الأوبئة، وقل سكان الفسطاط والقطائع التي تهدم في هذا الوقت معظمهما.
فبنى بدر الدين الجمالي سور القاهرة من جديد لتقويته وزيادة مساحة القاهرة، وهذا بعد أن سكن فيها هو وجنوده وأدخل أيضاً جامع الحاكم ،الذي بناه الخليفة الحاكم بأمر الله، ضمن نطاق السور بره أسوارها، وأصبحت القاهرة مدينة دفاعية مسورة لصد هجمات السلاجقة المتكررة عليها، واليوم بقيت أجزاء من السور وبعض أبوابه الشهيرة باب النصر، باب الفتوح، وباب زويلة.
المعالم في حي الجمالية:
ويتمتع حى الجماليه بشهرة تاريخية وعالمية لأنه يجمع تراث القاهرة منذ بنائه. فيه الأزهر، و جامع الحاكم بأمر الله، والجامع الأقمر وغيرها، وفيه أسوار القاهره، وبواباتها،والمدارس الأيوبية والمملوكية، وخان الخليلي، والصاغة، والنحاسين. ويضم أيضاً جامع سيدنا الحسين ووكالة الغورية وغيرها من الأماكن الشهيرة إلا أن الأهالي والزوار لا يستخدمون إسم الجمالية كثيراً ولهذا كل جزء في الحي مشهور في حد ذاته.
التقسيم الإداري:
ويضم الحي 18 شياخة أهمها شياخة الجمالية وبرقوق وقايتباى والبندقدار والمنصورية والدرّاسة والعطوف وقصر الشوق والخواص وباب الفتوح وخان الخليلي والخرنفش.
والجمالية أصبحت اليوم تساوي 2.5% من مساحة القاهرة الحالية، ويحدها من الشرق جبل المقطم، ومن الشمال حي الوايلى وحي الظاهر، ومن الغرب حي باب الشعرية وحي الموسكى، ومن الجنوب حي الدرب الأحمر.
مشاهير حي الجمالية:
شهدت الجمالية وجود عدد كبير من رموز الفكر والسياسة والصحافة والفن خلال تاريخها ويأتي في المقدمة بيت الشيخ محمد متولي الشعراوي وزير الأوقاف الأسبق الذي يجاور مسجد سيدنا الحسين.
ولدرب الطبلاوي في الجمالية نصيب الأسد في الشخصيات العامة، الذي سكنه كلاً من الأديب الكبير جمال الغيطاني والفنان الكبير عبد الوارث عسر بالإضافة إلى شارع الجمالية نفسه الذي شهد نشأة عباس محمود العقاد ورسام الكاريكاتير مصطفى حسين.
وأما بالنسبة لحارة الخرنفش في حي الجمالية فتعتبر صانعة الرؤساء بعد خروج رئيسين منها هما: الزعيم الخالد جمال عبد الناصر الذي نشأ في حارة خميس العدس والرئيس عبد الفتاح السيسي الذي نشأ في حي الجمالية وتحديدا في حارة الخرنفش.
وللأدب نصيب -أيضاً- في الجمالية فسنجد أن أكبر كاتبين في الأدب المصري الدكتور طه حسين وصاحب نوبل نجيب محفوظ هما نتاج هذا الحي بالذات درب السلحدار الذي نشأ فيه عميد الأدب العربي، وعلى الناحية الأخري درب قمبيز الذي سكن فيه نجيب محفوظ.
أما الاقتصاد في حارة الجمالية فكان له نصيباً هو الآخر بنشأة طلعت حرب مؤسس الإقتصاد المصري الحديث والنهضة الإقتصادية العملاقة الذي سكن هو أسضآ في قصر الشوق بمنطقة الجمالية.
وهناك أيضاً زعيم الأمة سعد باشا زغلول والفنان عبد الفتاح القصري والمطرب فريد الأطرش والمناضل الزعيم مصطفى كامل باشا الذين كان لهم نصيباً من حي الجمالية حيث تعلموا في مدرسة الفرير الفرنسية التي تم بنائها عام 1858 وتخرجوا كلهم منها.
ورغم روعة الحي إلا أنه لم يسلم من وجود بعض الشخصيات سيئة السمعةء،ففى حارة اليهود في البيت الذي سكن فيه “آريل شارون” رئيس وزراء إسرائيل الأسبق قبل أن يترك مصر وإلى الآن البيت لم تتغير معالمه ولا تزال نجمة داوود على مدخل الباب.
الجمالية مصدر وحي الكتاب:
ذكر الأديب العالمي نجيب محفوظ أن حي الجمالية كان مصدر إلهامه، حيث إستنبط العديد من الشخصيات والأماكن ووضعها في رواياته وعلى رأسهم، ملحمة الحرافيش، زقاق المدق، والثلاثية الشهيرة، وأولاد حارتنا.
أما اليوم فهناك مسلسلاَ يعرض على شاشة التلفيزيون ويسمى الفتوة التي تحكي قصة زمن الفتوات في عهد أسرة محمد على، الذين كانوا يسيطرون على الحارات ويحمونها من الخارجين عن القانون وكانوا أيضاَ يد العون للسلطات الموجودة آنذاك، والمكان الذي تقع فيه أحداث القصة هي حي الجمالية.
لتأتي الجمالية بمناطقها كإضافة جديدة ومميزة للقاهرة وأحيائها العريقة فيعد خير دليل علي بقاء الأصالة رغم مرور الزمن.
كتب: مصطفى خالد