المعلم…مؤسس المقاولون العرب
ولد المعلم الحقيقي، فى ٦ أبريل عام ١٩١٧، بمدينة الإسماعيلية لأب فقير موظف بإحدى المصالح الحكومية، وما لبث أن توفى الأب فى عام ١٩٢٠، تاركا الأسرة فى رقبة الشقيق الأكبر الذي لم يجد أمامه سوى ترك المدرسة، والعمل لتوفير لقمة العيش لبقية أفراد الأسرة، وما أن شب المعلم الصغير فى كنف أخيه حتى إعتاد الإعتماد على نفسه ليكون صباحآ بالمدرسة وبعد الظهر في أى عمل يوفر له قروش معدوة تساعد نفقات الدراسة، وبالجهد والعزيمة إستطاع أن ينجح فى الثانوية العامة وبمجموع كبير جعله يلتحق بكلية الهندسة بجامعة القاهرة؛ ليترك الإسماعيلية وهو لا يحمل إلا عزيمةلا تلين وهدف واضح وضوح الشمس في كبد السماء.
وبتفوقه حصل على المجانية من مصاريف الجامعة وذهب ليعيش مع شقيقته المتزوجة بأحد أحياء القاهرة القديمة التى تبعد عن الجامعة مسافة كبيرة لكن عن طريق قرض أعطته له شقيقته ليستعين به على مواصلات الجامعة، لكنه إبتاع بالمال دراجة أصبحت وسيلة مواصلاته حتى تخرج من الجامعة وتخرج المعلم عثمان أحمد عثمان من كلية الهندسة عام ١٩٤٠؛ ليعود للإسماعيلية ويبدأ رحلة كفاحه ونجاحه.
كان المهندس الشاب عثمان أحمد عثمان يحلم بإمتلاك شركة مقاولات عملاقة تنافس شركات المقاولات الأجنبية التى تحتكر العمل فى مصر، فقام بإنشاء شركة المقاولون العرب برأس مال قدره ١٨٠ جنيه كانت هى كل أموال الأسرة،وبدأت شركة المقاولون العرب بعامل واحد ومهندس واحد ومالك واحد هو عثمان أحمد عثمان ، وبدأ الرجل فى المشروعات الصغيرة كبناء منازل من دور واحد أو بناء دكاكين وكان أول مشروع كبير تنفذه شركة المقاولون العرب هو بناء مدرسة للفتيات وعندما إنتهى من بناءها وجه نظره إلى العاصمة القاهرة حيث عمالقة البناء والتشييد.
ومن بعد القاهرة توجه إلى المملكة العربية السعودية هذا المولود الجديد الذى يطمع أن يكون دولة حديثة؛ لهذا إحتاجت المملكة الجديدة لكل شىء “طرق،كبارى، مبانى للشعب، مبانى للحكومة، مرافق عامة، محطات إنارة ،صرف صحى، مدارس وجامعات…وغيرها”وكل تلك المبانى تحتاج إلى آلاف من المهندسين والعمال والشركات وكانت المقاولون العرب ورجالها فى موقع الصدارة.
وفى عام ١٩٥٦ عاد عثمان أحمد عثمان إلى القاهرة ودخل في مزايدة لبناء أجزاء في السد العالى المصرى وفاز بالمناقصة التى بلغت ٤٨ مليون دولار وبعد نجاح الشركة في بناء السد العالى مع بعض الشركات الأخرى تم إسناد بعض المشروعات الحربية للشركة ك”ملاجئ الطائرات،ومصاطب المدافع ” لكن وبدون مقدمات تغير فكر قيادات ثورة يوليو ١٩٥٢ وعلى رأسهم الرئيس جمال عبد الناصر وقرر تأميم كل شىء وأن يصبح هو الحاكم والسياسى والمقاول والمهندس ورجل الأعمال وجموع الشعب موظفون لديه وأصبح عثمان أحمد عثمان موظف بدرجة مدير عام فى شركته السابقه، لم يهرب عثمان بأمواله وخبراته خارج البلاد كما فعل معظم أصحاب الأعمال والأموال بل إستمررآ فى شركته يعمل وينجز.
حتى تغيرت السياسة والسياسيين وجاء الرئيس محمد أنور السادات وأعطى الشركة شرف بناء حائط الصواريخ وهو أول وأهم إنجاز في حرب أكتوبر وقد استشهد الكثيرين من أبناء الشركة وهم يشيدون هذا الحائط الذى كانت تعرف إسرائيل أهميته وخطورته فكانت ترسل الطائرات لقذفه وتحطيمه، لكن الحائط تم والعبور حدث والجنود المصريون عبروا قناة السويس وحطموا خط بارليف وإنتصروا، وفى أكتوبر ١٩٧٣ تم تعيين عثمان أحمد عثمان وزيرا للتعمير ثم وزيرآ للإسكان والتعمير عام 1974.
ذهب عثمان أحمد عثمان لكنه ترك لنا عملاق يدعي شركة المقاولون العرب التى تحولت إلى كيان كبير وعظيم يضم تحت رايته ١٥٠ شركة تابعة في شتى أنواع البناء وتعد خامس أكبر شركة مقاولات في العالم مشاريعها في جميع أنحاء المعمورة وخاصه الإفريقية والعربية.
“أما الذبد فيذهب وأما ما ينفع الناس فهو باقى” فتحية لكل يد تبنى أو تزرع أو تنفع الناس .
كتب:أحمد عبد الواحد إبراهيم.