برج بيزا المائل

برج بيزا المائل هو برج جرس كاتدرائية مدينة بيزا الإيطالية، كان من المفترض أن يكون البرج عموديا ولكنه بدأ بالميلان بعد البدء ببنائه في أغسطس 1173م بمُدّةٍ وجيزة. يقع بجانب كاتدرائية بيزا “ساحة المعجزات”.

يقع برج بيزا في إيطاليا بمدينة بيزا في ولاية توسكانا , بدأ بنائه عام 1173 ميلادية، وإستمر 199 عاما،عُرف باسم برج بيزا المائل لوجود ميلان به وإنحراف عن المستوى العمودي.
يتكون من ثمانية طوابق مبنية من الرخام الأبيض على الطراز الروماني بإرتفاع 56,2 متر وبه درج مبني داخل الجدران يتألف من 294 درجة، (مجهز حاليا بمصعد كهربائي).

-وصف برج بيزا:

يبدو برج بيزا من الخارج كمبنى حجري أسطواني الشكل، وتتكون الواجهة الخارجية له من الشرفات والأعمدة المرتكزة على دعامة سفلية، وتقع غرفة الأجراس في أعلاه،لا يحتوي على غرف من الداخل،بل يتكون الجزء الأوسط له من أسطوانة مجوفة بُنيت الواجهة الداخلية لها من حجر فيروكانا المزخرف، أما بالنسبة للواجهة الخارجية فهي مبنية من الحجر الجيري الأبيض رمادي اللون الذي تم جلبه مدينة سان جوليانو.

يميل بُرج بيزا بالإتجاه الجنوبي الشرقي، بزاوية 3.99 درجة حالياً، وقد وصلت درجة ميلانه سابقاً إلى 5.5 درجات، وذلك قبل أعمال الترميم التي جرت بين عامي 1990م و2001م؛ إذ أدت أعمال الترميم هذه إلى إزاحة قمة البرج أفقياً مسافة تقدر بنحو 3.66 متراً من المركز، وفيما يأتي ذكر لبعض مواصفات البرج:
1-يبلغ إرتفاع البرج 55.86 متر عند الجانب المنخفض و56 عند الجانب المرتفع منه.
2-ويبلغ وزن البرج ً 14,200 طن ويصل القُطر إلى 15.54 متر عند القاعدة، أما المُحيط فيبلغ 48.6 متراً عند القاعدة.
3-عدد الدرجات حوالي 294 درجة، أقلُّها عدداً في الطابق السابع.
4-سُمك الجدار يبلُغ حوالي 4.9م عند القاعدة، و2.48م في اللوجيا، فسُمكه يتناقص من الأسفل إلى الأعلى.

-قصة بناء برج بيزا:

بدأ بناء برج بيزا في عام 1173م من الرخام الأبيض،تم تصميمه ليصل في إرتفاعه إلى 56م، كمبنى ثالث وأخير من مباني مجمع الكاتدرائية في بيزا، وبعد الإنتهاء من بناء الطابق الثالث من الطوابق الثمانية المقرر بناؤها توقف بناء البرج، بعد ملاحظة عدم إستقرار أساساته في الأرض اللينة أسفل منه، وقد تزامن ذلك مع إندلاع حرب بين المدن الإيطالية، مما أدى إلى توقف بنائه مدّة قرن كامل من الزمان، وهو الأمر الذي ساعد على حمايته من الإنهيار؛ بسبب إستقرار أساساته خلال تلك المدّة.
تولى المهندس جيوفاني دي سيموني مهمة إكمال بناء البرج بعد مدّة الإنقطاع السابقة، والذي سعى لتعويض الميلان فيه عن طريق بناء الطوابق العلوية لتكون أكثر طولاً فوق الجانب الأقصر منه، إلا أنّ ذلك سبب إزدياد غمر البرج في التربة أسفل منه. وبعد مرور البرج بالعديد من الإنقطاعات، وإقتراح العديد من الحلول لمشكلة الميلان تم الإنتهاء من بنائه أخيراً في القرن الرابع عشر الميلادي، ثُمّ وخلال القرون الأربعة التالية تم تركيب سبعة أجراس فيه، يصل وزن أكبرها إلى 3,600كغ.
في بداية القرن العشرين تم إيقاف عمل أثقل الأجراس فيه، للاعتقاد بأنّ حركتها تزيد من ميلانه، كما تم حقن الأساسات بالإسمنت وغيره لتقويتها، إلا أنّه إستمرّ بالهبوط بمعدل 1.2مم سنوياً وذلك مع نهاية القرن العشرين، فكان بذلك مهدداً بخطر الإنهيار، الأمر الذي دفع إلى إغلاقه في عام 1990م، وإيقاف عمل جميع الأجراس فيه، وقيام المهندسين بالعديد من المشاريع الرئيسية لتعديل ميلانه.

-ثبات البرج للوقت الحالي:

يعود السبب وراء ثبات برج بيزا حتى الوقت الحالي إلى عمليات تعزيز التربة تحت الأساسات، والسماح للبرج بالضغط على التربة أسفل منه عن طريق توفير مساحات هناك لتوجيهه عكس إتجاه ميلانه، وذلك ضمن مشروع عام 1990م الذي تم بقيادة المهندس جون بورلاند، وضم 13 خبيراً،ووصلت تكلفته إلى أكثر من 30 مليون يورو، وإستمر مدة عشر سنوات، ليعاد إفتتاح البرج بعد ذلك في عام 2001م، وقد شكّل هذا المشروع آخر الأعمال التي تم تنفيذها لغايات الحفاظ على ثبات البرج وإستقراره، أما عن الخطوات التي تم إجراؤها لتعديل ميلانه خلاله فهي كما يأتي:
1-تحريك مركز ثقل البرج نحو الاتجاه السفلي والشمالي عن طريق وضع أثقال لمعادلة البرج عند قاعدته؛ لإبطاء ميلانه باتجاه الجنوب.

2-إستخدام كابلات فولاذية عملاقة، لشد البرج أثناء تنفيذ أعمال المشروع، لمنعه من الإنهيار، وتعديل ميلانه بعد الإنتهاء من تهيئة التربة للقيام بذلك، وقد تمت إزالة هذه الكابلات بعد الإنتهاء من هذه العملية.

3-إزالة 60 متراً مكعباً من الطين الموجود أسفل الأساسات عن طريق حفر الآبار هناك ثم تجفيفها من المياه.

4-إضافة أعمدة خرسانية في الأرض لتعزيز الأساسات وصل طولها إلى 15م.

5-محاولة إرجاع البرج إلى الوضع القائم عن طريق سحب الكابلات الفولاذبة.

تَوقّع المدير الفني للهيئة المشرفة على المعالم الأثرية في ميدان المعجزات المهندس جوزيبي بنتفوغليو حدوث الميلان للبرج بعد الإنتهاء من تعديل الميلان؛ فقد أوضح أنّه سيستمر بالميلان بإتجاه الشمال لبضع سنوات آخريات، حتى يستقر، ثم سيبدأ بالميلان نحو الجنوب مرة أخرى، وذلك كرد فعل تلقائي بسبب أعمال التعديل التي جرت عليه خلال السنوات الماضية، كما أوضح أنّ البرج سيبقى آمناً لمدّة قد تصل إلى 200 عام، إلا أن سيحتاج إلى المزيد من العمل للحفاظ عليه من السقوط من قبل الأجيال القادمة، وأضاف أنّه من الممكن تعديل ميلان البرج بالكامل من الناحية النظرية، إلا أن الجميع يُريد بقاءه مائلاً.

كذلك من العوامل التي ساهمت في منع البرج من الانهيار وثباته حتى الوقت الحالي هي المواد التي إستخدمت في بنائه والتي تتمثل بالحجر الجيري والملاط الجيري من الداخل، والرخام الأبيض الذي يكسوه من الخارج، وهي مواد ساهمت جميعها في المحافظة على ثباته وعدم تصدعه؛ حيث ساعد الحجر الجيري على حمايته من التصدُّع، كما أن مرونة الرخام ساعدت على مقاومة الضغط الناتج عن الميلان.

-المساهمون في بناء برج بيزا:
إستمرّت عملية بناء برج بيزا حوالي 200 عام، وهناك العديد مِمّن ساهم في بنائه، ومنهم:
• دونا بيرتا بيرناردو: تبرّعت الأرملة دونا بيرتا بيرناردو إلى دار الأوبرا كامبانيليس سانت ماري بستين قطعة فضية عام 1172م،إستُخدمت في شراء بعض الحجارة التي إستُخدمت في بناء البرج فيما بعد.

• الكنيسة الكاثوليكية: مثّلت الكنيسة الكاثوليكية الجهة المسؤولة عن إدارة وتمويل جميع المباني الموجودة في ميدان المعجزات في الوقت الذي بُني فيه البرج والتي تمثّلت بالكاتدرائية، والمعمودية، والمقبرة الأثرية، والآثار الثانوية الأخرى؛ كما يُعتقد أنّ المطران غويدو: والذي أشرف على بداية الأعمال في هذا الميدان عام 1064م، كان قد وضع برج بيزا ضمن المباني المقرر بناؤها في الميدان، لكنه توفي قبل نحو قرن من بنائه في عام 1076م.

• دار الأوبرا ديلا بريمازيال بيسانا: مثّلت دار الأوبرا كامبانيليس سانت ماري في الماضي الجهة المسؤولة عن الإشراف على بناء البرج، وهي تُعرف اليوم بإسم دار الأوبرا ديلا بريمازيال بيسانا وهي الجهة المسؤولة حالياً عن إدارة جميع المباني في ميدان المعجزات.

• الهندسة المعمارية: لا توجد وثيقة مؤكدة توضح إسم المهندس المعماري الذي صمّم البرج في البداية قبل البدء في إنشائه، إلا أنّ الإعتقادات تدور حول ثلاثة أشخاص يُعتقد أنهم قد ساهموا في تصميمه، وهم:
1-ديوتيسالفي: وهو المهندس المعماري الذي تولّى مهمة بناء المعمودية في ميدان المعجزات في بيزا.
2-بونانو بيزانو: هو النّحات الشهير الذي أنشأ العديد من القطع الفنية الموجودة في ميدان المعجزات.
3-جيراردو دي جيراردو: وهو أحد الفنانين في بيزا في ذلك الوقت.

-البناء: من الأشخاص الذي ساهموا في بناء هذا البرج وإنشائه:
1-المهندس جيوفاني دي سيمون: وهو المهندس الذي تابع بناء البرج بعد توقفه في عام 1272م،وتعرّض جيوفاني دي سيمون للعديد من الإنتقادات لعدم قدرته على تعديل ميلان البرج، لكنه في المقابل نجح في بناء طوابق إضافية للبرج ليصل إلى سبع طوابق بدلاً من ثلاث ضمن الأدوات والإمكانيات المتاحة في ذلك الوقت.

2-توماسو بيزانو: أنهى توماسو بيزانو بناء البرج في عام 1372م، وذلك بعد توقف المشروع عن العمل منذ عام 1284م حتى عام 1350م.

-السياحة لبرج بيزا:
يُعتبر برج بيزا المائل من أشهر معالم دولة إيطاليا،يجذب ملايين الزوار كل عام، ويعتبر وقت الصباح أفضل الأوقات لزيارته، وذلك لتفادي الحشود القادمة إليه، وبشكل عام يعدّ المُناخ في بيزا حاراً ورطباً صيفاً، أما خلال الخريف والشتاء فيُتوقع هطول الأمطار، ومن الأنشطة التي يمكن القيام بها أثناء زيارة برج بيزا وساحة المعجزات ما يأتي:

•الصعود إلى قمة البرج: يمكن للزوار القادمين إلى البرج الصعود على الدرج الحلزوني المكوّن من 297 درجة، والتمتع بإطلالة رائعة على المدينة من خلال الشرفات الخارجية المفتوحة والموجودة في ستة طوابق منه.

•زيارة الكاتدرائية والمتحف: تتميز الكاتدراية بواجهتها الخارجية المكونة من أربعة مستويات، وبأعمدتها البيضاء، وأروقتها، وبالأبواب البرونزية المزيّنة بمنحوتات الفنان بونانو بيزانو، وتضم الكاتدرائية بداخلها منبراً منحوتاً من الرخام، وقبر الإمبراطور هنري السابع، وفسيفساء، ويضم المتحف الواقع في الطرف الشرقي من الساحة مجموعة من القطع الفنية من الكاتدرائية والمعمودية والرسومات الفنية، والتحف الرومانية، والكنوز الكنيسية.
•الدخول إلى المعمودية: بدأ بناء المعمودية التي بُنيت على الطراز القوطي عام 1152م، وإستغرق عدة قرون؛ حيث عانت من نقص متكرر في التمويل، وما يُميّز المعمودية هو النظام الصوتي بداخلها، والخطوط البيضاء والرمادية التي تزيّن الداخل.
•زيارة المقبرة: صُمّمت المقبرة على شكل مبنى طويل مكوّن من مرج أخضر يقع في مركزه، وتُحيط به الأروقة المسقوفة التي تضم العديد من الشواهد، والقبور لارستقراطي عصر النهضة في بيزا، وإحتوى الرواق في الماضي على لوحات جدارية من العصور الوسطى وآثار رومانية دُمّر معظمها أو تضرر أثناء الحرب العالمية الثانية.
•زيارة متحف سينوبي: يحتوي متحف سينوبي على المخطوطات الأصلية للّوحات الجدارية الموجودة في المقبرة والتي وجدت خلفها بعد أن دُمّرت هذه اللوحات خلال الحرب العالمية الثانية.

لهذا وأكثر أتمني زيارة بيزا والإستمتاع بكل ذلك التاريخ الحافل.

كتب:مصطفي خالد