٢.. مقهى ريش
للمقاهى اسرار وحكايات ، وخاصه فى مصر فلها مكان ومكانة لا يستطيع اى مكان آخر أن  يعوضه ، فهى ملتقى الصحبه ودار الندوة ، ومركز اخبار الحى والبلد قبل اختراع النت والتواصل الاجتماعى بل قبل الإذاعة والتليفزيون، فاللمقهي دور ثقافى وسياسى واجتماعى فى حياة المصريين والأجانب على حد سواء ؛
مقهى ريش
يقع مقهى ريش بالقرب من ميدان طلعت باشا حرب وتأسس عام ١٩٠٨ فى عمارة فاخرة بنتها عائله يهوديه تسمى عائله ” عادا” ، لتكون العمارة والحى الجديد الذى امر بأنشاءه الخديوى اسماعيل درة العمارة المصريه فى بدايه القرن التاسع عشر، ولتحول مصر إلى قطعه من اوروبا ومبانى وسط البلد تجعلك تشعر أنك تسير فى باريس لفخامتها وذوقها العالى ،

أما المقهى فقد أسسه رجل أعمال نمساوى مالبث ان باعه لرجل أعمال فرنسى اسمه هنرى بيير، وهو من اختار له اسم ريش ليكون على اسم اشهر ماركه مقاهى باريسيه ، وفى عام ١٩١٨ اشترى المقهى رجل أعمال يونانى اسمه ميشيل بوليدوس وهو من كبار رجال الأعمال اليونانيون في مصر وظل ملك لاسرته حتى عام ١٩٨٠ عندما اشترة رجل صعيدى مصرى هو عبد الملاك خليل ولازال ملكه حتى الآن

عندما تدخل المقهى تظن أنك دخلت إلى اله الزمن العجيبه وعدت بالزمن مائه عام ، فترى امامك تحف معماريه عظيمه وديكورات قديمه لكنها مبهرة ، تمتلاء بالاناقه والذوق ويجمع المكان عددا لا يحصى من اللوحات الاثريه ، فاحدها الاهرامات الشامخه قبل بناء السد العالى أو سد أسوان وكان فيضان النيل يصل إلى عتبات الاهرامات، وهناك صور لاهم ميادين القاهرة خلال العشرينات والثلاثينات من القرن الماضى حيث العراقه يمتزج بالشياكه والذوق والنظافه ، فقد حصلت القاهرة على اجمل مدينه فى العالم فى هذا العصر ،كما يذخر المقهى بأشهر من جلسوا على هذا المقهى مقهى الطبقه الارستقراطيه والفنانون والمثقفون ؛

فهذة صور نجيب محفوظ . طه حسين عميد الأدب العربي، يوسف إدريس، نجيب الريحانى، مأمون الشناوى وغيرهم الكثير جدا ،،
وهناك جرامفون لازال يعمل إلى الان ومن خلاله تستمع إلى صوت فنان الأجيال محمد عبد الوهاب،

وكان ملحق بالمقهى مسرح صغير غنت عليه ام كلثوم فى بدايه حياتها الفنيه وهى لاتزال بالجلباب والعقال، وأيضا غنى على هذا المسرح صالح عبد الحى ، وزكى مراد والد الفنانه ليلى مراد
الوطنيه جزاء اصيل من الشخصيه المصريه ،
يبدوا ان أصحاب هذا المقهى كان لهم دور خفى فى دعم الحركه الوطنيه ، إبان ثورة ١٩١٩ وماتلاها، ، ففى عام ١٩٩٢ ضرب زلزال مصر ، وعندما اراد مالك المقهى تجديدة لما اصابه من تصدعات، اكتشف وجود سرداب سرى يفضى إلى حجرة سريه لم يكن يعلم عنها أحد شيىء، ووجدوا فى هذا الحجرة بعض براميل لمواد الطباعه والاصباغ وماكينه طباعه عتيقه الطراز وبعض المنشورات التى تدعوا إلى مقاومه المحتل الانجليزى وعدم التعاون معه ، ويبدوا أن هذا المكان كان يجتمع فيه قيادات الحركه الوطنيه ويخططون لخطوات مقاومه المحتل ويطبعون منشوراتهم لتوزع على جموع الشعب المصرى ،
ويؤكد هذا ان فى مصر
خلف كل جدار حكايه
ووراء كل باب قصه
وتحت كل حجر كنز ثمين
وان اعظم كنوز مصر هى
ناسها الطيبيين

كتب ، احمد عبد الواحد ابراهيم