كتب / تامر محمود متولي
منذ أن وعينا على الدنيا وجدنا ان لقب الشيخ لدينا يرتبط باحترام وتبجيل خاص، ناتج عن قدسية متفردة يتمتع بها هذا اللقب بين كافة اوساط العرب والمصريين، بل أن لقب الشيخ كان يضاف دائما إلى أمهر من في كل مهنة لتكريمه بصفته كبير المهنة او اقدم من امتهنها في المكان، فيقال شيخ الصيادين أو شيخ العطاريين، وفي كثير من الاحيان فإن اللقب يعني زعامة مطلقة لحامله على أهل المكان أو البلد على غرار شيخ القبيلة أو شيخ الحارة.
ولكن في هذا العصر الذي تغيرت فيه مع الأسف كل القيم التي نشأنا وتربينا عليها، وباتت كل الأمور فيه تسير بشكل عكسي، وجدنا نمطا جديدا لرجل يحمل لقب الشيخ وقد أطل علينا في مصر هنا منذ ما يربو على السنتين بحجة الاستثمار في الرياضة المصرية، فأحدث فيها فجأة ما يشبه الفنتة الكروية بين كافة اطياف وعناصر لعبة كرة القدم من اتحاد كرة واندية ولاعبون وإعلام، بعد أن دخلت جميع هذه العناصر في تنافس غير شريف، وتلاسن متتالي ومكايدات نسائية فارغة عبر كافة مواقع التواصل الاجتماعي، وكان ذلك هو معالي وزير الترفيه السعودي ورئيس الاتحاد العربي لكرة القدم السيد تركي آل شيخ ..طال عمره!!
الحقيقة أننا القينا سابقا اللوم على مجلس إدارة النادي الأهلي الحالي بسبب إدخال رجلا لا يتوافقون مع أفكاره من الأساس إلى النادي، بل وتشريفه بلقب ناله من قبل عظماء مصر والعالم العربي، وأخرهم الراحل العظيم بلدياته الأمير عبد الله الفيصل وهو رئيس شرف النادي الأهلي، إلا اننا ندرك أن المجلس لم يكن يضع في اعتباره، أن يكون مسئول عربي رفيع على درجة وزير، له مثل هذه الرؤية والتي يبدو من الواضح أن كل هدفها ان تبرز دائما على السطح وتصبح عناوين بارزة للصحف مهما دفع من اجل ذلك من ملايين الريالات، والواقع ان الرجل كان ذكيا عندما اختار أوسع باب في مصر لتصدر عناوين الاخبار، وهو النادي الأهلي وهو الإسم رقم في مصر كسلعة تسويقية بإسمه العريق وجماهيره الأضخم في مصر وأفريقيا والعالم العربي.
ولإن الاختيار كان خاطئا بدرجة رهيبة من الطرفين، فقد طفت الخلافات على السطح منذ اللحظة الاولى، وكل منهما لم يجد طموحاته في الأخر فوجد النادي الأهلي شخصا محبا للظهور بشتى الطرق وخطف الأضواء، مما يخالف بالطبع أسلوب العمل المتعارف عليه، وما هو متوارث داخل مجالس ادارات النادي الأهلي المتتالية من ضرورة العمل في صمت، وأن النادي فوق جميع الأشخاص، ووجد هو مجلسا صلبا لا يأبه أن يخالفه في كل شيء، ويظهر عدم اكتراث غريب بكل ما يقدمه هو من خدمات أو مساعدات، وبالتالي لا ينصاع لأي رغبة من رغباته ولا يظهر حتى ولو لينا بسيطا أمام رئيسه الشرفي، فشعر كلا الطرفين بوطأة استمرار هذه العلاقة التي مرت منذ نشأتها بمتغيرات عديدة، بدأت بتعاون ثم اختلاف كبير نشأ عنه نادي بيراميدز خصيصا لمكايدة الاهلي ومضاربته على كافة الصفقات في مصر وخارجها، ثم اعتذار من جانب أل شيخ وتوافق مع الخطيب مرة أخرى ثم الخلاف االكبير والأخير ومن ثم برزت على السطح القشة التي قسمت ظهر البعير وهو موضوع اعتزال قائد الفريق التاريخي حسام عاشور.
وبدأت أزمة عاشور بعد أن وافق على طلب مسؤولي الأهلي له بالاعتزال بناءً على رغبة المدير الفني رينيه فايلر، وقام اللاعب بنشر فيديو على صفحته على الإنستجرام أشاد فيه بتركي آل الشيخ، الذي عرض على مجلس إدارة النادي أن يتكفل بإقامة مباراة اعتزال لعاشور في نهاية الموسم الجاري مع نادي ألميريا الإسباني الذي يملكه ال شيخ ، على أن يحصل قائد الفريق على جميع الأرباح العائدة منها تقديراً لجهوده على مدار 16 عاماً مع القلعة الحمراء.
وجاءت الطامة الكبرى و ذروة الأحداث في القصة عندما وجه آل شيخ كعادته رسالة غامضة من خلال حسابه الرسمي على الفيسبوك، تحمل نقدا قاسيا لسياسة مجلس ادراة النادي قرر فيها استقالته من الرئاسة الشرفية للنادي، مما دعا أحد أعضاء المجلس (محمد سراج الدين ) للتدحل والرد على آل شيخ بذات الأسلوب ، واستمر التراشق بعد ذلك بين آل الشيخ وسراج الدين بشكل مؤسف ، إلى أن خرجت أخبار تشير إلى أن كلا الطرفين سوف يقاضي الأخر وزاد الطين بله تدخل رئيس نادي الزمالك متضامنا مع آل شيخ وموجها بدوره انتقادات شديدة لمجلس الاهلي بقيادة الخطيب كعادته أيضا مما دعا مجلس إدارة الاهلي لعقد اجتماع عاجل للرد على الجميع.
وقد أصدر مجلس إدارة الأهلي مجموعة من القرارت تفيد ندمه على فتح الباب لآل الشيخ في التواجد منذ البداية، وذلك برفع اسمه من الأساس من الرئاسة الشرفية وإعادة كافة المبالغ او الهدايا التي قدمها الرجل للنادي، في لفتة غير مسبوقة تاريخيا على مستوى الأندية في العالم بإعادة أموال المستثمر أو حتى عاشق للنادي، كما ألغى المجلس أي امتياز أعطي من قبل لحسام عاشور بعد اعتزاله، وقرر رفع دعوى مستعجلة على نادي الزمالك لمحاولة الاستيلاء عنوة على لقب (نادي القرن), ومن هنا ووفقا لتلك القرارات فقد أخرج الأهلي آل شيخ هذه المرة من تاريخه بالكامل، فهل تكون هذه هي المرة الأخيرة، ويتعلم المجلس ألا يسلم اللقب الرفيع إلا لمن يستحقه أم يعاود الكرة ويأتي لنا.. بطال عمره أخر !!