صباح الخير بالليل!!

20190611195042755

ذكرت قبل ذلك أن المتابع للوسط الرياضي في مصر، يجده غريب تمامآ في هيئته وتفاصيله عن كافة الأوساط الرياضية في العالم، فالمناخ الرياضي هنا سيء بكل ما تحمله الكلمة من معان سواء على مستوى الإتحادات الرياضية أو اللاعبين أو الأندية ، وقد آتى في أخر هذه القائمة الإعلام الرياضي المصري في الفترة الاخيرة، رغم كوننا نملك قصبة السبق في هذا المجال على مستوى الدول العربية والإفريقية.

مسئولية الإعلام

ولأن الإعلام مسئولية من الأساس، وليس فتحة صدر كما هو حادث بمصر الآن، فقد وجدنا أن هناك من يعي هذه المسئولية المجتمعية الخطيرة ويعرف تبعاتها جيدآ ، وهناك من يأخذ المسألة على أنها هتاف وصياح فقط ،وأن من يملك الصوت الأعلى والقدرة الأكبر على الصريخ والصخب في برامجه، هو صاحب الحظ الأوفر في الإنتصار في أي قضايا رياضية مطروحة على الساحة، حتى لو كانت قضايا وهمية تم إصطناعها فقط من اجل الظهور والشو الإعلامي والجعجعة الفاضية.

صياح × صياح

وياليت الموضوع قد اقتصر فقط في القنوات الرياضية على الصريخ والصوت العالي، مثل بعض القنوات الأخرى التي لا تمل من الضجيج، بل اتحفتنا احدى القنوات الموالية لأحد الاندية الكبرى في مصر منذ أن ظهرت للنور مؤخرآ، بكل ما هو جديد في مجال الإعلام من قدرة على السباب وتوجيه الشتائم والإهانات لكل البشر، ولعن سلسفيل جدودهم ببراعة منقطعة النظير هذا فضلا عن التشكيك في ذممهم المالية، على مرأى ومسمع من الجميع ، دونما تدخل من أي جهة مسئولة تحاول التوجيه أو حتى التعليق عما يحدث من إبتذال اعلامي .

الفتنة نائمة..لعن الله من اوقظها

ولأن لكل فعل رد فعل مساو له في المقدار ومضاد له في الاتجاه، فقد قامت القناة الموالية للنادي الكبير الآخر بالإنتفاض للدفاع عن كيانها ورموزها ، الذين تتم إهانتهم ليلآ ونهارآ من قبل القناة الأولى فلم تكتف هذه المرة – لدهشة المسئولين -بالدفاع كعادتها فقط، وإنما بادرت ايضا بهجوم قوي ومركز على كل ما يخص النادي الاخر وإفتراءات مسئولية ،مفندة كافة هذه الأقاويل المغرضة على حد قولهم، وبالتالي لم تصمت القناة الأولى على ذلك وإشتدت في هجومها وصراخها أكثر وبات الأمر وكأنما تحول لثأر شخصي بين ناديين كبيرين، وليس إعلام محترم يتابعه ويتأثر به ملايين البشر  .

وظهر المسئول اخيرا

ونظرآ لإن كافة المسئولين الرياضيين في الدولة كانوا طوال الفترة الماضية على ما يبدو في إجازة أوثبات عميق، فقد استيقظوا فجأة على اللقطة الأخيرة في الأحداث وهي رد قناة النادي الثاني على القناة البادئة، ومن هنا انبرت كل الأقلام تدين وتشجب بأشد العبارات ما يحدث من تراشق مؤسف على الساحة الرياضية !! وتحدث الجميع عن دور المسئولين في الرياضة في كبح جماح هذه القنوات الفئوية، وخرج علينا وزير الرياضة بشجب قوي لهذه الأفعال وكأنما  خرج لتوه من الكهف واكتشف أن السباب والشتيمة وإهانة البشر مكانها الحقيقي الشارع وليس قنوات الرياضة.

ثم ظهر فجأة على الساحة وبعد طول غياب الكيان الأبرز في مجال تقييم العمل الإعلامي في مصر، وهو المجلس الأعلى للإعلام كي يدين بدوره ما يحدث ويؤكد على تشكيل لجان لدراسة ما يحدث في قنوات القطبين الكبيرين، من أعمال منافية للميثاق الإعلامي وكأنما استيقظ هو الآخر بغتة من غفوته الطويلة ونطر اللحاف من عليه، كي يحاول مرة أخرى القيام بدوره الرقابي والسيطرة على قنواته الفضائية ،والتي أصبحت منبرآ لكل ما هو جديد وفريد في مجال الوقاحة والسباب.

ومما سبق يتضح لنا أن العمل المؤسسي في مصر في مجال الرياضة ،يتبع مبدأ مدرسين زمان حيث كانوا يواجهون خطأ أحد الطلاب بالفصل، بمعاقبة الجميع دون تمييز ومساواة الظالم بالمظلوم فهذا أجدر في رأيهم بتحقيق العدالة وبسط نفوذ المدرس على الكل، أو أنهم كانوا يتوقعون أن يظل الأمر على ما هو عليه للأبد، فيستمر السباب والإهانة من طرف واحد ،بشرط أن يستمر الصمت المشمول بالصفح والغفران من الطرف الآخر ،ويضربوا هما طناش معتاد  على كل ده وكان الله يحب المحسنين!!
لكن المسئولين على ما يبدو فوجئوا برد فعل قوي ومركز من الجانب الآخر، وهذا يخالف الاتفاق بكل تأكيد فهنا .. وهنا فقط وجب التحقيق والإدانة والتعديل.

فهل هذه الإستفاقة المتأخرة من جانب مسئولي الرياضة والإعلام في مصر ، ستلحق بالنار التي أوقدتها هذه القنوات الرياضية في المجتمع ،وتقضي على الفتنة في مهدها بعقاب المخطيء وقطع لسان المسيء، أم سيسود هذا السلوك المشين كافة منابر الإعلام المصري التي تراقب ما يحدث عن كثب ، وسوف تتبع بكل تأكيد نهج وأسلوب…من له الغلبة في النهاية؟.

كتب:تامر محمود متولي