في الخامس من شهر يوليو تحتفل الجزائر بالذكرى الـ 58 للاستقلال من الاحتلال الفرنسي، هذه الذكرى الجامعة والموحدة للجزائريين أمازيغاً و عرباً التي تعود هذه السنة على الجزائر ،

و يعود معها جزء لا يتجزأ من الذاكرة الشعبية للجزائر المناضلة يتمثل في عودة رفاة 24 من قادة المقاومة الشعبية الجزائرية الذين قاوموا التواجد الفرنسي في الجزائر بثورات شعبية.

فلم تغفر لهم فرنسا ذلك ولم تستسغ تصديهم لها فحرمتهم لما يزيد عن 170 سنة في حقهم الطبيعي بأن يدفنوا في وطنهم و أن تضم الأرض التي لها عاشوا ومن أجلها استشهدوا أجسادهم الطاهرة ،

لكن ما ضاع حق وراءه طالب و للتاريخ قصة و للذاكرة عبرة وللعدالة الإلهية حكمة .

فالجزائر المستقلة لم تنسى جرائم فرنسا الإستعمارية في حق شعبها مثلما لم ينسى أبناء الجزائر وجيل الإستقلال أجدادهم الذين حرروا بلادهم و ضحوا بأنفسهم في سبيل تحريرها و استقلالها في يوم الخامس من شهر يوليو 1962 .

الرفات داخل الطائرة العسكرية وهي في طريقها إلى الجزائر

و انتصرت الجزائر المستقلة لأبنائها الذين دفعوا أرواحهم ثمناً لحريتها وعزتها مساء أمس الموافق 2 يوليو عندما حطت طائرة عسكرية جزائرية تشيعها ثلاث مقاتلات أخرى قادمة من فرنسا على متنها رفات 24 من شهداء المقاومة الشعبية ضد الاحتلال الفرنسي،

بينهم رفيق قائد ثورة الزعاطشة في الأوراس الجزائري وهو ثوري مصري وحر من أحرار دمياط شارك رفيقه وصديقه الشيخ بوزيان في ثورته الشعبية الكبرى المندلعة في ضواحي بسكرة الجزائرية سنة 1849 ،

فلم تغفر له فرنسا هذا الشرف فقطعت رأسه و اختطفتها لتسكنها أحد متاحفها الفرنسية لتكون لقرن ونصف من الزمان شاهدة على الوحدة العربية و الجسد الواحد الذي إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الأعضاء بالسهر والحمى .

جمجمة شهيد المقاومة الجزائرية موسى بن الحسن الدرقاوي

لكن الحق لا يموت والشرف لا يزول فهاهو الشهيد المصري في سبيل الجزائر الحرة موسى بن الحسن الدرقاوي الذي حملت جمجمته الرقم التعريفي في المتحف الفرنسي للإنسان رقم 5942 يعود ومعه رفات 23 حراً و قائداً من أبطال الجزائر الذين رافقهم منذ 170 سنة في منفاهم وهم أمواتاً فرافقوه في رحلة العودة الى الجزائر التي عاش وعاشوا لها واستشهد واستشهدوا لأجلها على متن مقاتلة عسكرية ،

الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون ينحني لرفات رموز المقاومة الجزائرية

ليجدوا في استقبالهم 40 مليون جزائري يتقدمهم رئيسهم عبد المجيد تبون الذي انحنى لهم وهم محمولين على الأكتاف في مشاهد لا يعرف معناها إلا كل حر كريم ، وإليكم قائمة بأسماء جنود الشرف كما نشرها المنتدى الوطني الإعلامي الجزائري عبر صفحته الرسمية على موقع التواصل الاجتماعي فيس بوك :

– رأس محنطة لعيسى الحمادي، رفيق بوبغلة
– جمجمة الشريف بوبغلة
– جمجمة بوزيان زعيم مقاومة الزعاطشة
– جمجمة المصري سي موسى بن الحسن الدرقاوي ؛ رفيق بوزيان
– جمجمة الشريف بوقديدة المدعو بوعمار بن قديدة
– جمجمة مختار بن قويدر التيطراوي
– جمجمة سعيد مرابط، قطعت رأسه في سنة 1841 بالعاصمة
– جمجمة غير محددة الهوية تم قطعها في منطقة الساحل عام 1841
– جمجمة عمار بن سليمان من الجزائر العاصمة
– جمجمة محمد بن الحاج السن من 17 الى 18 سنة من قبيلة بني مناصر
– جمجمة بلقاسم بن محمد الجنادي
– جمجمة علي خليفة بن محمد 26 سنة، توفي في العاصمة في 31 ديسمبر 1838
– جمجمة قدور بن يطو
– جمجمة السعيد بن دلهيس من بني سليمان بالمدية
– جمجمة السعدي بن ساعد من نواحي القل بسكيكدة
– رأس غير محددة الهوية محفوظة بالزئبق والتجفيف الشمسي 1865
– جمجمة الحبيب ولد .. اسم غير كامل، مولود 1844 بوهران

بالإضافة إلى تسع جماجم لم يتم الكشف عن أسمائها بعد من طرف اللجنة العلمية الجزائرية المكلفة بهذا الموضوع .

هذا الحدث الذي تعيشه الجزائر و المتزامن مع الاحتفالات الرسمية المخلدة لذكرى عيد استقلالها يفتح قوسين على الجرائم التي ارتكبتها مختلف القوى الإستعمارية في بلداننا العربية و غيرها من البلدان.

كما يفتح قاب قوسين و أسئلة عن مصير آلاف الجثامين التي استشهد أصحابها في سبيل حرية أوطانهم و دفاعاً عن عزة وكرامة شعوبهم خاصة في ظل الصور المواكبة للحدث والتي تعود في أغلبها للأرشيف الفرنسي ،

فهذه الصور جاءت لتسلط الضوء على بعض من رموز المقاومات الشعبية في الجزائر كما كشفت عن أسماء أبطال مصريون منهم البطل سليمان الحلبي الذي قتل قائد الحملة الفرنسية على مصر المسمى كليبر سنة 1801 فردت الحملة بقطع رأسه وإرسالها الى المتحف الفرنسي بباريس ،

هذه الرأس التي يحتفظ بها إلى غاية اليوم لعلها ستعود في يوم من الأيام لمصر كما عاد رفاة موسى بن الحسن الدرقاوي و رفقاؤه إلى الجزائر مساء أمس ليضمهم أديم الأرض التي تطهرت بدمائهم من رجس الإحتلال الفرنسي و المجد و الخلود لشهداء أوطاننا الأبرار .

كتبت: صابرين الهلالى

اقرأ أيضاً :

آدم يحاور شاعر جزائري في مصر