عبده ناصيف … قصة أمل من قلب الألم

PicsArt 08 11 10.21.18

 

“الطفل الصغير عندما يبدأ والديه بتعليمه المشي كثيراً ما يسقط أرضاً وترتطم رأسه بالأرض ، وتحزن عليه أمه ، ولكن في النهاية سيمشي كذلك نحن في حياتنا سنسقط ونقع على وجوهنا ولكن الفكرة أن نضع أهدافنا أمامنا وتكون الإيجابية دائما بداخلنا ونمشي على هذا الخط نستطيع أن نصل في النهاية”… هكذا عبر بطل قصتنا اليوم عن الحياة.

تحدثنا من قبل عن كلمة “البطولة” وأنها كلمة نسبية ومعنى يختلف من شخص لآخر ومن وقت لآخر أيضآ فيمكن أن يكون معناها لديك خاص بعمل معين أو شخص ما مختلف تماماً عن مفهومها لدي… واليوم نتكلم عن بطولة من نوع خاص فبطل قصتنا اليوم هو شاب فقد أحد أطرافه في العقد الثالث من عمره وقبل أن يتملك منه الإكتئاب إستطاع أن يحول هذه الطاقة لصالحه ويثبت أن اليد الواحدة يمكنها أن تصفق ويبين أن الإعاقة الحقيقية هي الإعاقة العقلية وليست الجسدية بطل قصتنا هو عبده ناصيف..

عبده ناصيف

-مولد عبده ونشأته:

نبدأ القصة من الأردن وفي يوم 5 أغسطس من عام 1987 في بيت مكون من أب أردني وأم يونانية يولد لهم عبده طفل كأي طفل عاش طفولة عادية ولكن من صغره كان عبده مبدع وفنان منذ نعومة أظافره فكانت هوايته المفضلة هي الرسم وفن الديكور وتأثر كثيراً بالحضارة اليونانية.

بعد إنتهاء دراسته الثانوية قرر عبده أن يطور هذه الموهبة وأن يكون مجال دراسته هي موهبة فتخصص في هندسة الديكور في التعليم الجامعي عن حب وشغف ليطور كثيرا من فنه في فترة الدراسة التي استمرت لمدة أربعة سنوات ثم يتخرج بعدها ويبدأ حياته وعمله في الديكور.

-العمل وبداية قصة البطل عبده ناصيف:

بعد تخرج عبده عمل في الديكور لمدة عام واحد ، ولكنه لم يكتفي بذلك فأصبح لديه حب وشغف لزيارة بلاد العالم والتعرف على فنون جديدة ، وثقافات دول العالم المختلفة ، ومعرفة كل حضارة عن قرب فعمل في شركة طيران الخطوط الجوية الملكية الأردنية لتبدأ مرحلة جديدة من حياته ولكن بعد سنتين ونصف يتعرض عبده لحادث وتتغير حياته بعد هذا الحادث.

-حادث يغير شكل الحياة:

يستيقظ عبده على سرير في مستشفى فيجد أمامه شخصان لا يعرفهم يبادر أحدهما بالكلام ويخبره بأنه الطبيب (الفلاني) ويسأله :
“بتتذكر ايش صار معك ؟؟”
ويرد عبده : ” لا مش متذكر لكن لحظة يا دكتور أشيل ايدي الشمال من ورا المخدة”.
فأمسك الطبيب بيده اليمين ووضعها على كتفه وأخبره بأنه تم بتر يده اليسرى..
بسبب حادث سير فقد عبده يده اليسرى ، تأثر بهذا الحادث كثيرا فأصبح بداخله مشاعر بين حزن وخوف ، ولكن كان أيضا بداخله من الإيمان الكافي ليرضى بقضاء الله ويعلم أن الله ماإبتلاه إلا لثقته -سبحانه- بأن لديه من الصبر والإيمان لتحمل هذا البلاء ، وحمد الله لأنه خرج من هذا الحادث وهو على قيد الحياة.

-كيف استطاع عبده أن يمر من هذه الفترة؟

“كان الأمر بغاية الصعوبة فتخيل أنك بعمر 25 سنة أي : في ريعان شبابك وبعد أن كنت تمتلك يدين تفقد إحداهما وتصبح بيد واحدة الأمر كان في غاية الصعوبة وعليك أن تتأقلم على هذا الوضع وهذه الحياة الجديدة وبعد 27 يوم في المستشفى بين عمليات وغرفة العناية المركزة خرجت من المستشفى وبدأت حياة جديدة الأمر في بدايته كان صعباً ولكن لكوني مصمم كان لابد أن أصمم وأبتكر لنفسي أشياء تساعدني في حياتي اليومية” عبده ناصيف..

-مواجهة التحدي :

قرر عبده أن يواجه ذلك التحدي بقوة صبره وإيمانه ، وأن يعطي لمن حوله طاقة إيجابية ؛ فاستقبل أهله بإبتسامة حتى لا يزيد عليهم ذلك الألم الذي بداخلهم .

أراد أن يثبت أنه لا يوجد ما يسمى بالإعاقة الجسدية وأن الإعاقة الحقيقية هي الإعاقة العقلية وبإصراره وإرادته استطاع فعلا أن يخترع أشياء تساعده في حياته اليومية بعد أن أجبر نفسه أن يعيش وحيداً ولمدة خمس سنوات حتى يستطيع التأقلم مع الحياة الجديدة ولم يكتفي بذلك بل بدأ بمشاركتها على مواقع التواصل الإجتماعي عن طريق مقاطع الفيديو ليساعد غيره من ذوي القدرات الخاصة ولقى إقبال على هذه الفيديوهات التي كان يشاركها ليس فقط من ذوي القدرات الخاصة ولكن أيضا من أشخاص عاديين مثل سيدة أخبرته أنها كانت تقوم بمهام بيتها وهي تحمل صغيرها وساعدتها هذه الفيديوهات كثيراً.

ثم بدأ عبده بإخراج الطاقة التي في داخله عن طريق موهبته المفضلة وهي الرسم فرسم لوحات لتوصيل رسالته إلى المجتمع ولكل لوحة معنى سنذكر بعضها هذه اللوحات تحمل معاني مثل السعادة والإصرار والأمل .

 

عبده ناصيف .. فنان بقدرات خاصة

 

“لما تحس إن في الحياة صعوبة بتحس بلذة الحياة ، بتحس بقيمتها”.

أما ما كان يقلق عبده ناصيف فكان خوفه من مصيره في عمله ولكن الشركة التي كان يعمل بها تعاونوا كثيراً معه ، فلم يكتفوا بإبقاءه في الوظيفة بل جعلوه أهم من عمله كمضيف طيران لثقتهم فيه فعمل في مجال الترحيل الجوي وحصل على رخصة طيران كأول شخص يحصل على هذه الرخصة من الأشخاص ذوي القدرات خاصة أو ما يطلق عليهم متحدي الإعاقة.

عبده مع شركة الخطوط الجوية الأردنية

-تحول المحنة لمنحة:

“حياتي حالياً مثل أي شخص طبيعي أعمل مع الخطوط الجوية الأردنية وأذهب لصالة الألعاب الرياضية (الجيم) أو التسوق وأيضاً أقوم بتشحيع الأشخاص الذين يعانون من إعاقة على أن يختلطو مع المجتمع ويعيشو حياة عادية بعيداً عن العزلة أو الوحدة فهذه الإعاقة ليست من الأشياء التي يخجلون منها بالعكس ومع كل هذا أنا أرسم لوحات منها ما يباع حتى خارج الأردن أيضا أقوم بعمل معارض لهذه اللوحات وعائد هذه المعارض يصرف على الأشخاص الذين يعانون من إعاقة جسدية كتركيب أطراف أو شراء كراسي لهم”.

-فن عبده:

ونتعرف عن قرب على فن ورسم عبده نذكر عدة لوحات على سبيل المثال لا الحصر:

-درويش عبده :
عبده مع لوحة درويش عبده

وهذه من اللوحات المفضلة لعبده شخصيا وهي عبارة عن درويش يرقص الرقصة الصوفية وبيد واحدة.

فكرة هذه اللوحة أنه تعرض في حياته لتقبل ورفض وكلام جارح فقرر مواجهة كل ذلك مثل الدرويش الذي يرقص بالطريقة الصوفية فكانت طريقة عبده هي الرسم لمواجهة كل هذه الأشياء.

-قصة عشق بين عبده ومصر:

وبالحديث عن مصر فيخبرنا عبده أنه دائماً ما يزور مصر ومن المدن المفضلة له هي مدينة الأسكندرية وخصوصاً في الشتاء ومن المطاعم المفضلة له هو ديليس ومشاوي بلبع.

” شعب مصر له مكانه في قلبي كبيرة أوي تحية مني لهم جميعا وسلملي أوي على إسكندرية وشط اسكندرية وهوا اسكندرية”.

هذه كانت قصة عبده ويوجد في الوطن العربي الكثير من الأبطال مثل عبده نريدهم أن يظهروا على الساحة وأن لا يكون بداخلهم خجل من إبتلاء الله لهم ونثق بهم تمام أنهم قادرون على فعل أشياء كثيرة تجعلنا نفتخر بهم.

عبده ناصيف

هذا الرابط هو رابط صفحة عبده على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك لمن أراد أن يعرف قصته عن قرب أو يتعلم منه أو حتى ليدعمه ليوصل رسالته للعالم : https://www.facebook.com/abdonaseif87/

ولتشاركونا أنتم أيضاً بتجاربكم ليولد الأمل من قلب الألم.

كتب/أحمد عبدالسلام