العيون النافذة ..الوجه المحايد ..الموهبة الطفرية .. تلك السمات هى التى جعلت آل باتشينو يتصدر قائمة عظماء التمثيل على مستوى العالم ..

ولد آل قبل أكثر من 70عاما فى جزيرة صقلية بإيطاليا ..ليأتي إلى أمريكا شابا يافعا مفعما بالموهبة ليتلقفه المخرج الشهير فرانسيس فورد كوبولا بعد معاناة طويلة لإثبات ذاته ويقدمه فى الثلاثية السينمائية الخالدة الأب الروحي بداية من 1972 ..ليكتسح الشاب الإيطالى صاحب العيون التى لا تقهر أعلى الإيرادات فى السنيما الأمريكية وقتها.

ربما لو لم يكن باتشينو ممثلا لخسرت السينما العالمية شيئاً ثمينآ ولخسر المشاهد متعة أداء لا مثيل لها، وهذا لم يأت من فراغ فالموهبة حاضرة والجاذبية الفنية متدفقة والأداء ينساب سهلا كالماء العذب ..هكذا هو باتشينو المعروف عنه طيبته وأيضاً عصبيته الشديدة تجاه أول بادرة لإستفزازه، كذلك إلتزامه المقدس بموعد التصوير بل يحضر قبل الجميع ويقرأ السيناريو بكل أدوار المشاركين معه من الممثلين ليعيش داخل الشخصية قبل أن يتقمصها فعل ذلك مراراً فى فيلم” محامى الشيطان “مع كيانو ريفز وتشارلز ثيرون والذى جسد فيه شخصية إبليس ظل يقرأ عن عالم الشياطين لكنه لم يجد ما يكفى عن كيفية التعامل الشيطانى مع البشر فإبتكر بنفسه طريقة أداء الشيطان وتخيلها فى عقله قبل أن يطبقها فى البلاتوه .. لينال الإعجاب الممتزج بالانبهار.

ومن فيلم ناجح لآخر مبهر ..ظل ينطلق آل باتشينو حتى وصل إلى تحفته الرائعة “عطر إمرأة “الذى نال عنه أوسكار أفضل ممثل رئيسى في أوائل تسعينات القرن الماضي ..حيث نالها ليس فقط لأدائه الراقى كأعمى طوال أحداث الفيلم،بل للمشهد الذى قدمه حينما قاد السيارة واستوقفه ضابط المرور وعندما نظر إليه باتشينو بعيونه العمياء أعطى لنا هذا العبقرى الفذ شعورين متناقضين فى آن واحد جعل الشرطي يشعر بأنه سليم البصر وفى ذات النظرة كان يؤكد لنا كمشاهدين أنه مازال أعمى..تلك النظرة المزدوجة يستحيل على أي ممثل مهما بلغت براعته أن يفعلها بإحساسين مختلفين وفى نفس اللحظة لذلك منحه الأوسكار بالإجماع .. بل علق أحدهم على دوره هذا بعد تسلم باتشينو الجائزة بأنه ممثل من كوكب آخر، كما وصفه العديد من النقاد بأنه الممثل الذى يبدأ مستوى أداءه بعد أن ينتهي الآخرون إيمانآ منهم بمدى موهبته الفذة.

 

 

بقلم: ياسر عز الدين