تتجدد اليوم ذكرى ميلاد أحد أشهر كتاب المسرح المصرى وأول من كتب للسينما المصرية “بديع خيرى ” ابن حى المغربلين الذى شارك فى واحدة من أولى الحركات المسرحية فى مصر، وأسس التميز المصرى لهذا الفن طوال أكثر من قرن من الزمان، فى مثل هذا اليوم 17 أغسطس 1893م تتجدد ذكرى ميلاده ال 127 .
السيرة الذاتية لبديع خيرى:
ولد بديع عمر خيرى بحى المغربلين فى وسط القاهرة وبدأ حياته مع التعليم فى “الكُتاب” حيث حفظ القرآن الكريم فى سن مبكرة مما ساعد على صقل موهبته اللغوية، تخرج من “مدرسة المعلمين العليا” ولكنه قبل ذلك بكثير كان قد أتقن نظم الشعر والزجل ، ونشر أشعاره فى عدة جرائد من بينها “المؤيد ، الوطن ، العلم ، والمقطم”.
عمل فى هيئة التليفونات المصرية لإجادته اللغتين الإنجليزية والعربية ثم عمل بالتدريس فترة.
تزوج من ابنة خالته وكان يحبها بشدة وأنجب منها 4 أبناء أكبرهم مبدع الذى درس المحاماة وعمل بالسكة الحديد يليه الفنان عادل خيرى والتحق بكلية الحقوق قبل أن يعمل بالفن ثم أبنة وحيدة ،وأصغرهم نبيل خيرى الذى سافر إلى ألمانيا لدراسة الصيدلة لكنه عاد ليلتحق بمعهد السينما وعمل بالإخراج.
أحداث مأساوية فى حياة بديع خيرى:
على الرغم من الروح الكوميدية وخفة الظل التى ميزت أعمال بديع خيرى إلا أن بيته كان حزيناً وشهد أحداثاً مأساوية كثيرة منها إصابة أبنتة الوحيدة بالحمى الشوكية فى طفولتها مما تسبب فى إعاقتها ومعاناتها الصحية طوال حياتها، كما فقدت زوجته البصر فى نهاية حياتها بسبب مرض السكر، وكان مرض السكر وراثياً فى أسرته، عانى هو نفسه منه طوال حياته وبترت أصابع قدمه فى أواخر سنوات عمره مما أعاقه عن الحركة ورغم ذلك ظل يعمل حتى نهاية حياته وكانت زوجته مصابة بالمرض ففقدت بصرها قبل سنوات من وفاتها .
وكان مرض زوجته أحد أسباب حزنه الشديد، خاصة أنه كان يترك لها إدارة البيت وقال عنها فى أحد البرامج أنها كانت ذراعه اليمين وتساعده حتى فى إدارة المسرح وكانت سبباً لنجاحه”.
أما الحدث الأكبر الذى أدمى قلب بديع خيرى فهو مرض أبنه الفنان عادل خيرى الذى أصيب بمرض السكر فى صباه ووفاته شاباً قبل أن يكمل سن 33 عاما بعد 7 سنوات فقط من عمله بالفن تاركاً زوجته وثلاث بنات أكبرهن فى سن السادسة وأصغرهن لم تتجاوز العامين.
فى لقاء نادر مع بديع خيرى بعد وفاة زوجته وابنه عادل خيرى وبعد أن جاوز 72 عاما وأصبح غير قادر على المشى بسبب مضاعفات مرض السكر ورغم ذلك كان لايزال يعمل ويكتب قائلاً “أمامى رسالة يجب أن أؤديها وحبى للمسرح يجعلنى أتغلب على آلامى وأحزانى، إنشغالى به يبعد عن ذهنى الأحزان والذكريات، فمن المدهش أن أقوم بإضحاك الناس وقلبى مفعم بالحزن وهذا من فضل الله فضحكات الناس عزائى وقوتى”.
السيرة الغنية لبديع خيري:
اتجه إلى كتابة فن الزجل والمنولوج الذى انتشر إبان الحرب العالمية الأولى وكان يلقى أزجاله بنفسه أو يعهد بتلك المهمة لأصدقائه، وفى عام 1916م قرر أن يكون ممثلًا فذهب إلى فرقة جورج أبيض وأجرى له إختبار لتأتى النتيجة أنه لا يصلح ممثلاً،فعاد مرة أخرى لمواصلة عمله بالتدريس فى مدرسة ” رفاعة باشا الطهطاوى ” ثم مدرسة ” السلطان حسين بشبرا ” .
بدأت شراكة فنية بين بديع خيرى وسيد درويش قدما خلالها عدد من الأغانى سويا من بينها : “سالمة يا سلامة”، و”الحلوة دى قامت تعجن” و”دنجى دنجى” و”الوارثين” .
تميز بديع خيرى فى المسرح المصرى:
أنضم نجيب الريحانى لهما ليكونوا ثلاثة، قدم عدد من الأوبريتات المسرحية الراقصة وكانت هذة هى المرة الأولى لظهور نواة ما يمسى بالمسرحيات الإستعراضية فقدموا أوبريتات مثل “العشرة الطيبة” و”الجنية المصرى” و”البرنسيس” و”أيام العز” و”لو كنت ملك” و”مجلس الأنس” وغيرها.
كوّن فرقة مسرحية مع عدد من زملائه أطلق عليها أسم ” المسرح العصرى ” وكتب لها أول رواية ” أما حتة ورطة ” وشاهد الريحانى تلك الرواية فطلب منه أن يكتب له روايات لمسرحه وكان بديع خيرى يوقع رواياته بإسم ” جورج شفتشى ” وبعد إتفاقه مع نجيب الريحانى فى أغسطس 1918 م بدأ يوقع بإسمه .
كان الريحانى أسيراً لشخصية ” كشكش بك ” التى أبتكرها عام 1916م وكادت تتلاشى ملامح الكوميديا الراقية فجاء بديع خيرى ،ليفجر الطاقة الكوميدية داخل الريحانى وإستطاعا أن يُشكِلا معاً مدرسة للكوميديا الضاحكة استمرت متألقة حتى الستينيات، قدمت نحو 60 مسرحية نقدت وسخرت من قيم الطبقة المتوسطة المصرية وسلوكياتها .
قدمت فرقة الريحانى العديد من النجوم أمثال “سراج منير، عبد الفتاح القصرى، شرفنطح، عباس فارس، عادل خيرى، ماري منيب”.
من أهم المسرحيات التى قدمها “خلينى أتبحبح يوم، لزمة أنجليزى، عشم أبليس فى الجنة، حكاية كل يوم، الدلوعة، لو كنت حليوة، الجنيه المصرى، ياما كان فى نفسى ،وإلا خمسة ” وغيرها.
لعب خيرى دوراً بارزاً فى ترسيخ وتنشيط الأوبريت الغنائى حيث تعاون مع المطربة منيرة المهدية فى تقديم عروض غنائية مثل : ” الغندورة، قمر الزمان، حورية هانم، المحظوظ ” ولا ينسى أحد كلمات بديع خيرى لألحان ” العشرة الطيبة، حكم قرقوش”.
تميز بديع خيرى فى السينما المصرية:
أول من كتب للسينما المصرية حيث كان أول من كتب للسينما الصامتة فيلمه الأول بعنوان “المانجبان” ثم الفيلم الناطق “العزيمة” من بعده فيلم ” إنتصار الشباب “.
قدم بديع خيرى عدد كبير من الأفلام من بينها “سلامة فى خير، ملكة المسارح، نفوس حائرة، بحبح باشا، العزيمة، خلف الحبايب، سى عمر، أنتصار الشباب، عاصفة فى الريف، البؤساء، نادوجا، شهداء الغرام، ليلى بنت الفقراء، عروسة للإيجار، لعبة الست، ليلى بنت الأغنياء، أحمر شفايف، أبو حلموس، فاطمة، حب وجنون، نرجس، غزل البنات، لهاليبو، عنتر ولبلب، حكم قراقوش، خطف مراتى، كدبة أبريل، والستات مايعرفوش يكدبوا”.
رحيل بديع خيرى:
رحل بديع خيرى فى 3 فبراير عام 1966م ليترك لنا إرث لا يقدر بثمن من الفن والمتعة والضحك الذى كان يؤمن أنه الدواء الوحيد لكل الناس.
كتبت: نيفين رضا