واحد من أهم المتاحف التى تعرض الحضارات الإنسانية القديمة في مختلف دول العالم هو المتحف البريطانى الشهير جداً بإنجلترا.

وهو متحف من أهم متاحف العالم وأقيمها وتعرض به بالفعل مجموعة كبيرة للغاية من أندر وأقدم ما تركه الإنسان القديم في مختلف مجالات الحياة.

ولأن بريطانيا كانت في يوم من الأيام أحد أكبر الإمبراطوريات وتكاد تحتل نصف العالم فهذا أكسب المتحف بطبيعة الحال قيمة خاصة وكبيرة ناتجة عن تلك الكمية الكبيرة من المعروضات ذات القيمة الفنية العالية ،والتى تم تهريبها من كافة أنحاء العالم إلى بريطانيا وتم حفظها بالمتحف العريق.

ولأن مصر كانت جزءًا هاماً للغاية من المستعمرة الإنجليزية لفترة ليست قصيرة من الزمن ،فإن أحد أهم أجنحة المتحف بلا أدنى جدال هو الجناح المصرى بالمتحف والمعروض به عديد من الآثار الفرعونية أو المصرية القديمة.

وهو بالطبع جناح مهيب وملئ بالمعروضات التى كانت تهرب خلال فترة الإحتلال اللعين.

ولكن دعك من هذا فليس هو موضوعنا الآن وإنما نتحدث هنا عن واحدة من غرائب المعروضات بالجزء المصرى من المتحف وهى عبارة عن جمجة تم إجراء عملية تربنة لها منذ أكثر من ألفي عام قبل الميلاد!

والحقيقة أن صديقي الطبيب المصري الذى يقيم هناك منذ مدة والذى رأى هذا المشهد لأول مرة قال لي أنه شعر بفخر شديد ممزوج بدهشة عارمة وهو يطالع العبارة التى كتبت على اللوحة التي بجوار الجمجة وكان مكتوب بها: (أول جراحة مخ في التاريخ- مصر الفرعونية-).

وأكد لي من خلال رؤيته للجمجمة أنه من الواضح أنه تم إجراء عملية إنقاذ عاجلة لصاحب الجمجمة لوقف نزيف داخلي بالمخ حدث نتيجة ضربة نبوت بلدي أو شومة معتبرة فوق الرأس – هذا تحليلي أنا بالطبع- ومن الواضح أن العملية كانت ناجحة وعاش المريض بعدها فترة بدليل نمو عظم الجمجمة بعد ذلك.

ولكن لأن الموضوع كان غريباً ومذهلاً بالنسبة لي فقد سألته بدهشة قد ملأتني حتى النخاع : (هل تريد أن تقول لي أن المصري القديم قد عرف جراحات المخ أو أي نوع من أنواع الجراحة بهذا الشكل الدقيق منذ آلاف السنين ؟).

فأجابني والدهشة لم تفارقه فعلياً أنه هو الآخر لم يصدق وذهب إلى أحد أساتذته الكبار في جامعة لندن فأكد له صدق المعلومة.

بل وأضاف أن الآلة التي استخدمها الفراعنة في إجراء عملية التربنة تكاد تكون أفضل من المستعملة حالياً في القرن الحادى والعشرون!

المحرج في الأمر أن صديقي ظهرت عليه علامات عدم التصديق لهذه الترهات العجيبة وربما نظر للأستاذ نظرة (أنت شارب حاجة يا أخينا).

فما كان من أستاذة إلا أن اصطحبه معه لإحدى شاشات العرض وعرض عليه بحثاً لأحد الطلاب الشرقيين.
والذى أكد فيه صدق كلام الأستاذ وأيد رأيه بعدة صور شديدة الدقة لبعض المومياوات المصرية القديمة والمجرى لها نفس العملية بما يؤكد صدق ما ذهب إليه الرجل في تفوق آلة إجراء العملية الدقيقة عند الفراعنة عن المستخدمة حالياً.
وذلك لإن آلة التربنة الجراحية المستخدمة اليوم تسقط عنها العظمة الدائرية التي تم نشرها بينما آلة التربنة عند قدماء المصريين كانت (قمعية الشكل)حتى تحتفظ بالعظمة المنشورة داخلها فلا تسقط على سطح المخ ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.

وبالطبع لا أريد أن أحكي لك الآن عن حجم شعور الفخر والفشخرة العظمى بجنسيتي المصرية والذى بات يعتريني بعد أما حكى لي صديقي هذة الواقعة ومدى امتناني لعظمة أجدادي الفراعنة الذي يثبتون للجميع جيلاً بعد جيل أنهم كانوا أفضل من عمرُ أرض مصر الطيبة وأنهم هم الوحيدون في رأيى من كانوا يستحقون عبارة.. (عمار يا مصر بولادك).

تامر محمود متولي