”   أبحث عن حلمي وعن ذاتي   “

سألتني فتاة ذات مرة عن شيء ما يجول في خاطرها، ويرهق تفكيرها، ولا تستطيع أن تعرف إجابته مهما سألت ومهما بحثت .

قالت لي أنها تائهة لا تدري أي الطرق تؤدي إلى أي ولا أي الأحلام يمكن إتباعها .

قالت أن من لا يمتلك حلماً لا يصل ولا يحقق شيئاً.

قالت إن العالم حولها يفرض عليها أن يكون لديها حلم يسهر ليلها لتعد الزاد لتحقيقه . 

هل سأظل أبحث عن حلمي وعن ذاتي طويلاً ؟!

قالت إن العالم يفسح الطريق لمن يعرف الى أين هو ذاهب، لكنها لا تعرف إلى أين تريد أن تذهب فهل ستبقى على هذا الحال ولن يفسح لها العالم طريقاً !

قالت لي انا لا أجد نفسي في أي شيء .. لا أمتلك موهبة وليس لدي فكرتي الخاصة التي يقع على عاتقي أن أقنع بها العالم .
قالت أن الحياة تمضي وهي مازالت تفكر في نفس الشيء منذ سنوات ألا وهو ” ما عليها فعله كيف لها ان تعرفه .”

قالت بأنها لم تترك شتى طريقة إلا و استعانت بها لكنها بعد الإنتهاء كانت تشعر بثقل في قلبها اكثر واكثر ….
كانت تسأل نفسها دائما هل العالم كله يمتلك الرؤية الواضحة لتحقيق أهدافه إلا انا ..!
هل العالم كله يعرف كيف يضع الخطة المثالية التي يتبعها لتحقيق حلمه إلا انا ؟

أبحث عن حلمي و ذاتي

إلى متى سأظل أبحث عن حلمي فقد أرهقت قلبي وروحي وأعياني طول البحث !!

لوهلة توقف بي الزمن لقد شعرت بكل كلمة قالتها لي .. !

كل كلمة كانت تعبر عني ..! كانت تحمل في طياتها الكثير و الكثير من الآلام والحيرة والحسرة في آنٍ واحد ..!

 

شعور أنك وحدك تائه والعالم كله من حولك يعرف إلى أين يتجه .. شعور أنك من الأصل لا تعرف إلى أين تتجه، وأنك مازلت عالق عند نقطة البدء منذ بدء مزمار رحلتك وقد شارف غيرك على الإنتهاء منه … كم هو مؤلم شعور أنك لم تنجز شيئاً و لم تحقق ذاتك وأن العالم كله لا يشعر بوجودك !

أحاسيس و مشاعر مرهقة لا تنتهي و لا تعرف كيف تَخلُص منها، تورقك، لا تستمتع بحياتك ولا بأي شيء، تشعر بالنقص يدنيك عمن حولك..
وكل هذا ترجعه إلى ذاتك فترهقها وتحملها فوق طاقتها، فتخسر نفسك وطريقك لتخسر الرحلة بأكملها ..!

كل هذا جال في بالي عندما استمعت لكلامها فهي عبرت عني وعن مرحلة ما من حياتي !

هنا فقط قطعت حبل أفكاري لأقول لها مهلاً مهلاً لست وحدك … كلنا هكذا .. كلنا نشعر بهذا التيه و تتخبطنا الظلمات .. كلنا نتأرجح على سلم الحياة لا ندري أالطريق نتخطاه إلى أعلى أم يجتازنا هو فنعود للأسفل ..!
ظلمات بعضها فوق بعض لدرجة أننا لم نعد نستطيع أن نشعر بأنفسنا ولم يعد يلفت إنتباهنا شيء ونتسأل ما سبب كل هذا ؟

يا صديقتي الحياة صعبة حقاً والكل يدعي المثالية !!

يا صديقتي الحياة صعبة حقاً خاصةً إن لم يكن أحد جوارك يعينك على متاعب الحياة و مشقاتها .. إن لم يكن هناك من يأخذ بيديك ويشعرك بأنها ستمضي على أية حال ؟

يا صديقتي مشكلتنا الكبرى أن الكل يدعي المثالية ويبدي عكس ما يخفيه .. لا أحد يحب أن يجعل من حوله يشعر بضياعه وتيهه ..!

لا يغرنك ضحكة رسمة فوق الشفاه فالقلب بين الضلوع لا تعلمين حاله .
والعقل يترنح بين أفكاره مخافة أن يخطئ في قرارته .
الإنسان منا بداخله إنسان أخر يختلف كلياً عن ذاك الذي نراه ونتعامل معه .

يا فتاتي إن كان ولابد من الوصول فإفعلي ما عليك فعلهِ ” لا أكثر ولا أقل ” !!

لقد وضعك الله في أكثر الأماكن التي تليق بك وتناسبك ما عليك سوى أن تمضى فى رحلتك وتستمتعي بكل لحظاتها .

أبحث عن حلمي وعن ذاتي

على جنبات هذا الطريق ستجدين نفسك وستقر عينك !

 

” عندما تقرر الرحلة سيظهر الطريق ”                                                                     جلال الدين الرومي

“فليكن همك السعي لا الوصول “
شمس الدين التبريزي

“النجاح ليس محطة الوصول، بل قد يكون بداية السفر “.                                          إبراهيم الفقي

” الوصول الحق هو أن ترى النور في قلب الظلمة وقد يكون أقرب إليك مما تظن لكنك لن تراه قبل أن ترى نفسك ”                                         بهاء طاهر

” اللحظة المهمة ليست أثناء الوصول إلى قمة الجبل و إنما الإستمتاع ونحن في الطريق بالمناظر الجميلة”.                                         ماكيل فورتين

 

يا عزيزتي طريقك المكتوب لك في نهايته ستجدين ذاك الحلم الذي أرهقك البحث عنه طويلاً، لكن الفكرة تكمن في مدى إستمتاعك بهذا الطريق وكيف تتجاوزيه سريعاً لتنولي منالك .

تستوقفني دائماً مقولتي المفضلة لكاتبي المفضل “الدكتور أيمن العتوم” في روايته “انا يوسف” :

“الطرق تؤدي إلى الغايات يا يوسف فإذا سلكت طريق النفس وصلت إلى نفسك، وإذا سلكت طريق الناس وصلت الى الناس، وإذا سلكت طريق الشيطان وصلت إلى الشيطان، وإذا سلكت طريق الله وجدت الله “

هذه المقولة دائماً ما أسمع صداها في جنبات عقلي، وما أكثر المرات التي عدلت فيها عن فعل شيء لأني فقط شعرت أنه لا يؤدي إلى غايتي المنشودة .

والمقولة واضحة رؤي العين و تفسر نفسها بنفسها .

فلا أعتقد أن هناك غاية أسمى من غاية المضي في طريق الله و أن تجد نفسك بين طيات هذا الطريق .

وعلى جنبات هذا الطريق ستجدين نفسك وستقر عينك وكلما أصابك الفتور إستعيني بالله وتذكري أن الحياة ستعاش مرة واحدة .

إجعلي سنة و حديث رسول الله في وردك !

عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((المؤمن القوي خيرٌ وأحبُّ إلى الله من المؤمن الضعيف، وفي كلٍّ خير، احرص على ما ينفعك، واستعن بالله ولا تعجز، وإن أصابك شيء فلا تقل لو أنِّي فعلت كان كذا وكذا، ولكن قل قدَّر الله وما شاء فعل، فإنَّ لو تفتح عمل الشيطان)) 

فهذا الحديث فيه من مجامع الخير دقه وجله .

أبحث عن حلمي وعن ذاتي

يا عزيزتي طريقك المكتوب لك في نهايته ستجدين ذاك الحلم الذي أرهقك البحث عنه طويلاً !

بقلم :- ســارة الــحــلاج