في شارع قصر العيني وهو أكثر شوارع القاهرة أهمية وازدحاما يلمح المارة بين العمارتين رقم 98 ورقم 100 ضريحا في الفراغ بينهما ومدخلا خاصا يعرفه العامة باسم ضريح الشيخ يوسف وعلى بعد خطوات منه ميدان يحمل نفس الاسم الشيخ يوسف.
الشيخ يوسف والشيخ صالح أبو حديد وثالث لهما كانوا من اللصوص وقاطعي الطرق وكان الثالث يتخذ من درب سعادة قرب باب الخلق ميدانا لسرقاته مرتديا زى الدراويش وكان العامة يعتقدون أن له بركات وكان يجلس على ” الخليج المصري ” شارع بورسعيد الآن كلما حل الليل فإذا مر شخص بمفرده ارتفع صوت الشيخ قائلا ” يا واحد ” فيفهم أعضاء عصابته أنه بمفرده فينقضون عليه ويسرقون ما معه ثم يقتلونه.
وعندما ضج الناس نصبت الشرطة له كمينا وضبطوه متلبسا هو وعصابته ولما عذبوه اعترف هذا الشيخ على زميلين له أولهما الشيخ يوسف وثانيهما الشيخ صالح أبو حديد ثم قتلت الشرطة شيخ درب سعادة هذا أما الشيخ يوسف فقد لجأ إلى لاظوغلي بك الوزير الأول للوالي محمد علي باشا وكان يحمل لقب كتخدا مصر أي نائب الحاكم ومتصرف شئونه فعفا لاظوغلي عن الشيخ يوسف وعندما مات الشيخ يوسف بنى له لاظوغلي مقبرة وضريح دفن فيه الشيخ يوسف وعندما أُنشئ حي جاردن سيتي أطلقوا اسم صاحب الضريح على الأرض المجاورة له فصار يعرف باسم ميدان الشيخ يوسف.
وإذا كان اسم الشيخ قد ظل على الميدان إلا أن الشارع الذي كان يحمل اسمه تغير ليحمل الآن اسم الصحفي الوفدي الكبير عبد القادر حمزة باشا صاحب جريدة البلاغ الوفدية المولود عام 1888م والمتوفى عام 1941م وأنشأ البلاغ 1923م وعطلت مرارا لمواقفها الوطنية ضد الإنجليز والسراي واستمرت في الصدور حتى عام 1953م.
أما زميله الشيخ ” اللص صالح أبو حديد ” فقد احتمى بمطربة مشهورة فادعت أنه مجنون وقيدته بالسلاسل بعد أن عجز عن النطق من الخوف ثم أشيع أنه يتحدث بالغيب عن طريق من حوله فأخذ يزوره الأمراء والنساء والأعيان وأتحفوه بالهدايا والنذور.
فكان الشيخ ينام على الفراش لا يتكلم ويخرج من فمه أصواتا غير مفهومة فتقول المرأة التي كانت تجلس بجانبه إنه يقول كذا وكذا مثل الغائب يحضر والقضية تكسب وفلانة تتزوج إلى أن مات فأقام له الخديو إسماعيل مسجدا مازال قائما في حي الحنفي والناصرية وأوقف إسماعيل على الجامع ومدرسة بجواره 400فدان وعدة دكاكين ومنازل ومقاهي أنشأها بجوار الجامع وجعل نظارة الوقف لديوان الأوقاف عام 1871م.
وهكذا تحول اللص الشيخ يوسف إلى ضريح ومزار وشارع وميدان وتحول زميله اللص الثاني الشيخ صالح أبو حديد نسبة إلى القيود الحديدية التي كانت تسلسل قدميه إلى جامع في حي الحنفي.
كتبت/ايمي علي