كثيرا ما نتعرض لإختيار العديد من الأمور في حياتنا منذ إختيار نوع الدراسة التي ندرسها في الثانويه، أو إختيار الكلية التي ندرس بها وصولا للعمل، ولكن الإختيار الأصعب هو إختيار شريك الحياة سواء كان من أتخذ القرار فتاة أو شاب، إيمانا منا بأن إختيار شريك الحياة وتكوين الأسرة هو أساس إنشاء مجتمع صالح.
الخطوه الأولي لإنشاء أسرة صالحة ومصلحة، تبدأ بالإختيار الصحيح لشريك الحياة، ولكي يحسن الإنسان ذلك الإختيار عليه أن يتعرف علي نفسه أولا ويحدد ما الذي يريده من شريك حياته، وما هدفه من ذلك الزواج، ما الذي يريد أن يصل إليه ثم يحدد طموحاته وأحلامه ومميزاته وعيوبه، فعندما يكون كل ذلك محدد وواضح أمامك فهذا يسهل عليك عملية الإختيار ،ويجعلها أكثر نجاحا من كون تلك التفاصيل مبهمه فعندما تتعرف علي نفسك ومن ثم تشرع في تحديد ماالذي تسطيع أن تقبله في شريك حياتك وما لا تسطيع تقبله هل ستقبل عيوبه قبل مميزاته ؟
هل حياتك متوافقه مع حياته؟ أحلامك وطموحاتك هل يتقبلها الطرف الأخر ويدعمها؟
أم لايهتم بها وبعتبرها من الأمور التافهه؟
كل هذه التساؤلات إذا أستطعت أن تجيب عنها وتحددها جيدا قبل إختيارك لشريك حياتك ستشعر إنك تسير نحو الطريق الصحيح في بناء حياة سعيدة وناجحة ،ولكن هناك تساؤل يجول في خاطرنا هل هناك وقت محدد يتعين علي المرئ أن يختار فيه شريك لحياته وإذا نفذ الوقت فلا مجال أمامه الإختيار؟
لايوجد وقت معين لإختيار شريك الحياه فالوقت المناسب للإختيار مرتبط بالنضج لكل من الطرفين ولا أعني بالنضج في العمر فقط ولكن النضج الذي يجعل الإنسان مؤهل لهذا الإختيار ومن الضروري أن يكون نضجا فكريا، عاطفيا، نفسيا، إجتماعيا وماديا.
أولا: النضج الفكري
وأعني بالنضج الفكري: أن يكون كلا الطرفين قادر علي إستيعاب وفهم قضايا الحياة المركبة علي أساس صحيح وسليم،فالذي يعنيه غياب النضج الفكري هو السطحيه والتفاهه في معالجة المشاكل والتعامل مع أفراد المجتمع،فمن أجل أن ينشأ جيل ممتيز وناجح في حياته في البداية يجب أن يكون كلا من الأب والأم يتمتع بالنضج الفكري حتي يكون لديهم فطنة وحكمة في مواجهة مشاكل أبنائهم بل ومشكلتهم أنفسهم ،فإذا فقدوا ذلك سنجد أن صدع يحدث في الأسرة لايمكن لأحد إصلاحه.
ثانيا: النضج العاطفي.
يمكن للشخص معرفة ذلك النضج من خلال مدي تقبله لأراء الأخرين،وإختلافاتهم والتعامل معهم رغم إختلافهم ،ومن النضج العاطفي أيضا القدره علي منح الحب وتلقيه ،فالشخص الناضج عاطفيا يعلم جيدا ما الطريقة المناسبة التي يحتاجها الطرف الأخر للتعبير عن حبه له فعندما يعلم الإنسان الطريقة الصحيحة للتعبير عن الحب بهذا يكون قد قطع شوطا كبيرا في طريقه نحو السعادة فإن لغات الحب كثيرة تختلف بإختلاف السمات الشخصية للفرد، فهناك أشخاص يعتبرون الإهتمام هو الحب وهناك من يجد الحب في الهدايا ،وهناك من يجد الحب في التقدير ،فإذا علم كل طرف لغة حب الطرف الأخر وعبر له عن حبه بالطريقه التي يحبها ستبتعد عنا الكثير من الخلافات، والمشاكل التي نحن في غني عنها ،فالنضج العاطفي أمر ضروري لأستمرار الحياة ،فاهميته لاتقل أهمية عن النضج الفكري،فعدم القدرة علي التعبير عن العاطفة يجعل هناك جفاف في الحياه .
ثالثا: النضج النفسي
الذي أقصده بالنضج النفسي هو أن يكون الطرفين علي علم بالوقت والمكان المناسبان لصدور السلوك ليس الوقت والمكان المناسبان فقط بل البيئه أيضا التي يصدر فيها السلوك فإذا وعي كل طرف هذا جيدا سيحترم كل طرف الطرف الأخر ويقدره فأساس إنشاء حياة سليمة هي ردود الأفعال الصحيحةوالسليمة كما قيل«لكل مقاما مقال».
رابعا: النضج المادي
والمقصود بالنضج المادي هنا هو طرف واحد هو الرجل لأنه المسئول عن النفقة فلايمكن أن يذهب شاب للزواج وليس لديه القدرة المادية علي الإنفاق حتي وإن كان هناك من يتكفل بالنفقه عليه وعلي زوجته لأن هذا سوف يجعل غيره يتحكم في أمور بيته ويسطر عليه مما ينقص من قوامته ،لذلك نجد أن النضج المادي من الأمور الضرورية والتي يجب توافرها في الرجل والذي أعنية بالنضج المادي أن يكون لدي الشاب القدرة علي الإنفاق علي بيته والقيام بجميع الأمور المادية في البيت.
خامسا :النضج الإجتماعي
بحيث يكون لدي الطرفين قدره علي التواصل بشكل صحيح مع أفراد المجتمع،وليس من الضروري أن يكون لديه القدرة علي خلق علاقات جديدة مع أفراد المجتمع ولكن الذي أقصده بالنضج الإجتماعي هو التعامل مع أفراد المجتمع بشكل صحيح وسليم والذي يظهر لنا أن النضج عامتا بكل أنماطه سواء فكريا أو نفسيا أو عاطفيا أو ماديا أو إجتماعيا ،من الأمور الضرورية لإختيار الصحيح، فالإختيار ليس بالأمر السهل كما يتوهم البعض فالاسرة هي النواة التي ينشأ منها المجتمع، فكلما كان هذا البناء سليم وعلي أساس قوي كلما قوي المجتمع، قد يتسأل البعض هل التوافق ضروري بين الزوجين؟ وهل هو أمر نسبي أم له مقايس؟ والعادات والتقاليد هل لها دور في إختيار شريك الحياة؟ وهل الحب شرط يجب توافره في الزواج؟ أسئله كثيره تجول في خاطرنا كل هذا وأكثر سنتعرف عليه في الجزء الثاني.
كتبت/ هاجر حمدي