إن في كون الصوت كواكب اللغات، و فيها كوكب يدعى “العربية “، فيه تتبلور الأفكار ويتجوهر الابتكار و حولها تتمحور العظمة، وبسببها تتحور أفواج النوابغ فيها على مر العصور.
فكم منا من سحر بجمال طبيعتها إلى حد الفتنة، و إذا لم تكن هي فتنة( فكيف يستطيع الإنسان أن يُقاوم جمال هذه اللغة ومنطقها السليم، وسحرها الفريد ؟ فجيران العرب أنفسهم في البلدان التي فتحوها سقطوا صَرْعَى سحر تلك اللغة) فبماذا نسمي هولاء الذين وضعوا لبنة الثقافة والمعرفة؟ و أسسوا قصر التمدن والحضارة والعمران؟ وهم الذين يعدون العباقرة والأفذاذ على كر الليل والنهار.
ويعتبر عدم الإلمام باللغة وثقافتها بالنسبة لمتحدثيها عيب كبير لذلك يبدع أهلها في الكلام بها والتغني بسحر بيانها.
وأيضا اندمج كم من الفرس بالحضارة والثقافة واللغة العربية وأهملوا حضارتهم الفارسية الراقية في تلك الزمن بفتنتها، و هاموا في تيه هذه الخالدة و صاروا من فرسانها الأولين الحاذقين بعد أن تذوقوا حلاوتها و طلاوتها.
وما من لغة تستطيع أن تساوي اللغة العربية لا في شرفها و لا في حرفها ، فهي لغة مختارة بين اللغات من قبل الله لرسول مختار (صلى الله عليه وسلم) و لأمة مختارة لتحمل رسالته النهائية اللانهائية.
وليست منزلتها الروحية هي وحدها التي تسمو بها على ما أودع الله فيها من قوة وبيان و سر و تبيان، و من يتّبع جميع اللغات لا يجد مفردات تضاهي جمال مفردات اللغة العربية، ويُضاف جمال الصوت إلى ثروتها المدهشة في المترادفات و الأضداد، و المفردات لكل حركة الإنس خاصة والحيوانات عامة، وتمتاز العربية بما ليس له ضريب من اليسر في استعمال المجاز، وإن ما بها من كنايات ومجازات واستعارات ليرفعها كثيراً فوق كل لغة بشرية أخرى.
فهذه لغة تقال لها صحيفة الدهور و كتيبة النور، و سجل الأسرار، و خيار الأبرار، وخلابة للقلوب، و جذابة للعيون، و فتنة للآذان، فيها أسماء العباقرة مرفوعة، و أعمالهم مثل الجبال منصوبة، و تتحلى بأغراض الحكمة، و أنغام الحِشمة، تخر لها رؤوس الأقلام، و تزين بها عمامة الكلام،
ما ذلّت لغة شعبٍ إلاّ ذلّ، ولا انحطّت إلاّ كان أمره في ذهابٍ وإدبارٍ….
وافتخر بهذه اللغة التي كانت ولا تزال
لغتي وافتخر إذا بليت بحبها فهي الجمال وفصلها التبيان
عربية لا شك أن بيانها متبسم في ثغره القرآن
فيروز محمد الهندي