{من القاهرة هنا المغرب}

حيث تجلس على أريكة صغيرة في جوف شقتك بالقاهرة لترى بتلك العين الخفية مايدور بالإسكندرية ومنها إلى المغرب في زمن بعيد بأسطورة لها ثقلها وهي” عائشة قنديشة” فـ إلى هناك.

{ قانون الكارما}

لعبة القدر التي لا خيار لك فيها سوى البداية، ثم تأتي التوابع لتنحدر بك أو تسمو بذاتك، فلكل قرارٍ قرارات أخرى تابعة له تزيد قوة شره أو خيره، فلم ينتبه بطلنا من أن قراراته لها وقع وتأثير قوي على المستقبل بل وقد يعالج قرار خاطئ بآخر يزيد الحياة سوء.

{ نظرة نقدية ذاتية}

استهوتني قراءة الرواية بعد أن رأيت من كاتبها كثير من ومضاته ومقاماته على صفحته بموقع التواصل الاجتماعي (فيس بوك) وتأكد لي أن شخص بالاسلوب الراقي والممتع هذا قد يخرج من بين أنامله رواية لا غبار عليها، لكن ذلك اليقين الذي اعتلى صهوة عقلي سقط عند أول قفزة للكاتب بين أحداث روايته.

أولاً الفكرة:

– جيدة وليست مستهلكة فقط هي قديمة بقدم أسطورتها، بعض اللمسات الصوفية أضفت القليل من الحداثة حيث تناول الكاتب حياة شخصٍ خرج عن نهج أهله الصوفي ودنياهم الروحانية إلى حياة عادية بدون أي شيء يعكر صفو شهواته؛ فترتب على تلك الحياة طريق مليئ بالعوائق ليجاهد فيه قدر المستطاع بتلك البقعة المضيئة في قلبه.

ثانياً الحبكة:

– متماسكة إلى حد كبير، لولا سقطة زرع إحدى الشخصيات المهمشة.

ثالثاً السرد:

-كان تناوبياً بسيطاً، يغلب عليه الطابع التقريري في بعض اللحظات التي يناقش فيها نفسه أو استنتاجاته عن بعض مواقف الحياة.

– تغيير لسان المتكلم في عدة مواضع، وقد يكون في بداية المشهد يكتب بلسان الفاعل وفي آخره أو أوسطه بلسان راوي عليم، مثلا حين صارح أهل فاطمة ابنتهم بالزواج من شاب ما( تجاهلت نظرة أمي المستنكرة الغاضبة ولسان حالها يقول….، ثم قامت متجهة لحجرتها وألقت بنفسها فوق السرير….) وغيرها على تلك الشاكلة.

رابعاً الزرع الدرامي:

– إحدى الشخصيات التي تم زرعها لم يكن لوجودها أي داعٍ وهي فاطمة، ليس لها أي علاقة بالرواية ولم تؤثر فيها سوى بالسلب كونها مجرد” حشو” وكأنّ الكاتب أراد أن يفصل القارئ عن أحداث روايته بشئ أخلّ من الحبكة.

– شخصية عائشة ذاتها فيها من التناقض مايثير استفزازك، أسطورة- أنسية كانت أو جنيّة- مايعرف عنها إنها ساحرة تجلب الناس إلى وديانها لتقتلهم بأبشع الأساليب انتقاماً من ماضي معين حدث معها، كيف تكون ناصحة حنونة برجل مليء بالخطايا ومن المفترض أنه فريستها؟

أتكون هذه محاولة في تغيير المفهوم السائد عنها أم أن الكاتب أراد من يردّ ناجي عن ضالته فلم يجد إلا أسطورة الغواية الكبرى لكي تعيده هو إلى سمو الذات؟

وما زاد الموقف تعقيداً هو أن الكاتب جعلها تمارس في آخر الأمر إغوائها له كي تتأكد في اختبار صغير أنه أصبح صالح وعاد إلى رشده، يالها من تقية!!

خامساً اللغة:

– جاءت بسيطة سلسة، يؤخذ عليه فقط تكرار بعض المفردات مما أفقد الرواية مذاق التنوع.
– لا حديث عن الأخطاء الاملائية وبعض الأحرف التي لم تكن في موضعها وعلامات الترقيم التي لم يكن لها وجود نهائياً، كل هذا يخص دار النشر التي تراجع وتنسق ما أخفق به الكاتب.
– خلت الرواية من فصاحة البلاغة وعمقها وإسقاطاتها وهذا عائد إلى بساطة اللغة كما ذكرنا سابقاً.

سادساً الخاتمة:

– صدمة من العيار الثقيل، نهاية مهلهلة جداً ومتضاربة، أظن أن الكاتب أراد شيئاً وقلمه أراد شيئاً آخر.
– في نهاية الفصل قبل الأخير وبداية الفصل الاخير خاتمة وباقي الفصل الاخير خاتمة أخرى عكس ماجاء بالأولى:
إن كان ناجي ذهب مع عائشة وعاد لزمنه وكأن شيئاً لم يكن كيف يأتي سمير بخبر عودة ناجي لنادرة وهو في الأصل لم يحدث شئ مريب يجعل أحد يتيقن من غيابه؟ وإن كان ذهب وعاد بعد 7 سنوات كما أخبرته عائشة فكيف وجد بيته وزوجته وأبناءه كما هم عند آخر لقاء بهم؟ وإن لم يذهب فكيف عاش تلك الفترة مع عائشة، كيف أرته بيته وهو ينهار ورسالة ابنته في شبابها وهو من تركها طفلة؟

{ مما أعجبني}

– دخول بعض الأحاديث عن الصوفية وحياتهم ولمحات سريعة عن منهاجهم الروحاني، ” الكلمة سر” تلك الجملة هي قاعدة اساسية في حياة الإنسان ولابد من احترامها فانتق كلماتك قبل أن تنطقها فهي حُجتك وسرك.

{أخيراً…}

– إن الرواية كانت تحتاج بعض التريث والنضج في أفران الكاتب ريثما تخرج بالشكل اللائق، وبالتالي لا يسعني كقارئة أن أعطي تلك الرواية ما يزيد عن 3/5 رفقاً بمجهود كاتبها.

 

كتبت/ إيمان الخطيب