فى نهاية القرن الخامس عشر الميلادي كانت هناك شمس على موعد مع الغروب ، تلك الشمس كانت شمس الإسلام فى الأندلس ممكلة غرناطة آخر بقعة إسلامية على أرض الأندلس ( إسبانيا و البرتغال الان ) والتى حاصرها مملكتين صليبتين هما مملكة قشتاله ومملكة أراجون ، وقد صمدت مملكة غرناطة لغزو وحرب هاتتين المملكتين مدة قرنين من الزمان .

دقت أجراس الكنائس احتفالاً باتحاد المملكتين وزواج الملكة إيزابيلا ملكة قشتالة وفرنالدوا ملك أراجون ، وحانت لحظة النهاية لمملكة غرناطة والتي كان يحكمها مولاي علي أبو الحسن ،  وأيضا نهاية للوجود الإسلامي فى الأندلس .

وبمجرد أن انتهى عرس الملك فرينالدوا من الملكة ايزابيلا حتى أرسلوا رسالة تهديد ووعيد لمولاي علي أبو الحسن وطلبوا منه زيادة المكوس والإتاوات المفروضة عليه وإلا فالموت له ولكل المسلمين سيكون مصيرهم المحتوم .

وهنا أجابهم على أبو الحسن أن دار ضرب وسك النقود قد توقفت عن ضرب النقود وأصبحت تضرب سيوف .

وأعلنت إسبانيا الحرب على مملكة غرناطة وتقدمت جيوش مملكتي أراجون وقشتالة المتحدتين وعلى رأس الجيش خرج الملك فرناندو والملكه إيزابيلا وخرج لملاقاتهم جيش المسلمين وعلى رأسه الأمير الزغل شقيق أمير غرناطة علي أبو الحسن .

ودارت الحرب وبذل المسلمون أرواحهم من أجل الحفاظ على استقلال بلادهم وكرامه أمتهم.

ولم يستطع جيش إسبانيا تحقيق أى انتصار فنسحب على وعد بمعاودة الكرة والحرب فى العام القادم .

وياله من عام …

فقد تبدلت فيه وحدة المسلمين إلى فرقة وانقسم بيت الأمير علي أبو الحسن بفعل ابنه الأمير أبو عبدالله الذى أوقع بين أبيه وعمه فتم عزل عمه الأمير الزغل من قيادة الجيش الغرناطي وتولى هو قيادة الجيش وخرج لملاقاة جيش الملك فرينالدوا.

ولأن الأمير أبو عبد الله لم يكن لديه خبرة حربية أو نظرة سياسية وانفصل أشداء جيش غرناطة ولم يشاركوا فى الحرب تعاطفا مع الأمير الزغل المعزول .

لهذا كانت الهزيمه أمرا واقعاً على جيش المسلمين بل إن جيش الإسبان استطاع أسر الأمير أبو عبدالله نفسه والكثير من رجاله .

وهنا ظهر دهاء الملك فرينالدوا فلم يقتل الأمير أبو عبدالله بل استطاع الوقيعة بين الأمير أبو عبدالله وأبيه أمير غرناطة وحسن للولد العاق الانقلاب على أبيه .

فأعلن الأمير أبو عبدالله الحرب على أبيه أمير غرناطة ليجلس هو على عرش غرناطة وساعده الملك فرينالدوا بالرجال والسلاح والعتاد ليغزو مملكة آبائه وأجداده ويحارب أبيه وقومه .

ولم يتحمل قلب الأمير علي أبو الحسن ما يفعله ابنه الخائن فمات كمدا قبل وصول جيش ابنه المتمرد بصحبه جيش الإسبان .

فتم تعيين الأمير الزغل ملك غرناطه على عجل ليدافع عن المدينه فجيش الخائن أبو عبد الله وبصحبته الجيش الإسبانى تحيط بأسوار غرناطه .

واستمات الأمير الزغل فى الدفاع عن المدينة لكن الخيانة كانت أقوى منه .

ودخل الأمير أبو عبدالله غرناطة بصحبه الجيش الإسبانى وقتل عمه وكل أعوانه .

وجلس أبو عبد الله على عرش غرناطة بعد أن دفع ثمن جلوسه من دماء أبناء وطنه وعشيرته الاقربين وأصبح يحكم باسم ملك اسبانيا .

 

ثمن الخيانة:

لكن الملك فرينالدوا والملكه إيزابيلا لم يضيعوا الفرصة فقد أرسلوا قرار بعزل الأمير أبو عبدالله من إمارة غرناطة وترحيله هو وأسرته وأتباعه إلى المغرب فى ظرف ثلاثه أيام وإلا سيكون معادٍ لملك إسبانيا وتهدر دماءه.

وأزعن الخائن لأوامر سيده وحمل أهله وماله وأعوانه ورحل عن الأندلس تاركا المسلمين يواجهون التطرف والكراهية الإسبانية لكل ماهو إسلامى أو عربي او يهودي أو حتى مسيحي غير كاثوليكى ليبدأ أسواء عصور الاضطهاد الديني في التاريخ عصر محاكم التفتيش .

فإلى لقاء فى الجزاء الثانى من الأندلس المفقود

 

 

كتب احمد عبد الواحد ابراهيم