هل الحرية المطلقة التي يصل بها الناس حد الفوضى والغوغائية تستلزم وجود ديكتاتور؛ لكبح جماحها، أم وجود الديكتاتور الذي يقهر الناس في الأصل هو السبب الذي يجعلهم يطالبون بالمزيد من الحرية حتى تحدث الفوضى؟ أكانت كارمن ضحية ديكتاتور أم هي من صنعته؟!
كانت رؤية الفنان (محمد صبحي) لتلك المسرحية جعلته يقدم مزيجًا رائعًا بين رواية كارمن للكاتب الفرنسي (بروسبير ميريميه) وبين قصة أخرى لكارمن أخرى لكن مصرية والتي قامت بدورها الفنانة (سيمون) حيث أبدعت كثيرًا في دورها، والتي كان أول عرض لها يوم 14 يوليو عام 1999م.
تدور المسرحية حول فرقة تمثيل مسرحي تبحث عن فتاة لتكون هي بطلة مسرحيتهم (كارمن) التي يودون تأديتها للجمهور، فتتقدم الفتاة كريمة (سيمون) لتشغل هذا الدور وكان رئيس الفرقة والذي يمثل أيضًا دور جوزيه نافارو عاشق كارمن هو الأستاذ (محمد صبحي) الذي كان ديكتاتوريًا في فرقته وأمره مطاع مهما كان صعبًا.
أُعجب الأستاذ بكريمة الذي رأى فيها كارمن بكل تفاصيلها، وحاول التقرب منها خاصة عندما علم إنها تتقرب من نبيل ( أيمن عزب) والذي سيؤدي دور مصارع الثيران غريم جوزيه في عشق كارمن، حاول الأستاذ أن يمنعهما من التقرب والعودة لعلاقتهما السابقة ثانية، فلم يفلح لقد كانت كريمة متمردة حرة بمنطلق مفتوح دون التقيد بأي عادات أو تقاليد.
وأثناء تأدية البروڤة الأخيرة لم يكبح الأستاذ رغبته في الانتقام وقتل حقيقة كريمة وليس كارمن، حيث ظل فريق العمل بفرقته يوجه له اللوم وأنه لابد أن ينال نفس الجزاء ثم وقف فوق جثتها يلقي كلمات هامة في مشهده الأخير وهذا جزء منها.
” وانا مين عشان اموت، ده انا مفيش فى ايدى كرباج ولا نبوت، ده انا ديكتاتور صغير يدوب لسه فى حضانة، بتهجى أول حروفي فى القهر والاهانة، من كتر خوفي من الخوف ابن الجبانة والكذب والخيانة، قلت اعمل ديكتاتور، ولو انى لسالي كتير عشان اكمل العلام واخد فى ايدى الشهادة شهادة ديكتاتوراه، والعب لعب الحواه وافسد الحياة وادوس على الجباه واشعلل الحرايق واظلم الخلايق واطيح فى خلق الله.
كارمن هي اللي حرة وانا اللي ديكتاتور؟! وانتو عايشين كمالة ولا عايشين عوالة ولا كمالة طابور؟
كارمن رمز الحياة وانا اللي شرير وقاتل؟!
الدنيا من البداية محترفة في صناعة الشخص الديكتاتور، من يوم بدء الخليقة مش قادرة تحمي حق ولا قادرة ترضي ظلم ولا قادرة عالحقيقه، ولا تمنع ديكتاتور من كل صنف ولون من قهره للعباد، تعالو نشوف ونقرا فى كتاب الإنسانية، أنواع ملهاش نهاية من الديكتاتورية.
أنا عشقت كارمن، كارمن لحن الحياة والحرية الطليقة والأغنية البريئة، بتهرب من سناني من نابي الأولاني لمخالب ديناصور، سايبين الكون بحاله بظلمه وبظلامه وجايين عليا أنا وتقولوا ديكتاتور؟!وظلمت الانسانية؟! وكارمن النبيلة ضحيتى الجميلة قتلها الديكتاتور؟! أيوة قتلتها أيوة قتلت كارمن وكريمة هي كارمن مفيش أي فرق.
كارمن قالتلي لا وكريمة كمان قالتها وانا نويت ليلتها أقتل البنت ديا قتل ملوهش دية يعني أقتل الحرية،
أيوة قتلتها طب انتو عملتوا ايه؟ ساكتين من بدرى ليه؟ ماقولتوش لا ليه؟ عشان مابتقولوش لا طلعلنا قراقوش ومليون عفركوش ده غير اللي منعرفوش من كل شكل ولون، بالذمة أنا أبقا مين؟ أنا أبقا مين في وسط دول؟ ده أنا ديكتاتور لسه بلية عند معلم كبير بيؤمرني أنفذ وانتو أهو ساكتين، ده أنا بتلكك بيكم واتعكز عليكم وعشمان لسه فيكو إن انتو تقولو لا”
طاقم التمثيل
محمد صبحي: (الأستاذ)
سيمون: (كريمة)
أركان فؤاد: (راضي)
خليل مرسي: (أيمن)
عبد الله مشرف: (المنتج)
مجدي صبحي: (زكي)
أيمن عزب: ( نبيل)
عبير فاروق: (مشيرة)
شوقي طنطاوي
محمد رضوان
محمد حسن
علي الشريف
شريف محسن
هشام فريد
فريق العمل
إخراج مسرحي: محمد صبحي
إخراج تلفزيوني: هشام عكاشة
قصة: عن رواية كارمن للكاتب الفرنسي بروسبير ميريميه
موسيقى كارمن: جورج بيزيه
إعداد مسرحي: يسري خميس
مديرو التصوير: ممدوح الزهار، محمود حامد، سامي فيليب، طارق عبد الغني
أشعار وتأليف الأغاني: محمد بغدادي
موسيقى وألحان الأغاني: عمر خيرت
إنتاج: صوت القاهرة للصوتيات والمرئيات (محمد عمارة)
وحتى بعد واحد وعشرين عام من ظهور المسرحية على خشبة المسرح لم يستطع أحد أن يجيب على سؤال البداية مَن منهما صنع الآخر، أهي الحرية المطلقة صنعت ديكتاتورًا أم ظلم الديكتاتور هو مَن ولد حرية مشوهة فوضوية؟!